في إطار مكافحة الانتحار.. هل يغني ورق المراحيض عن الذهاب للطبيب النفسي؟
لا بديل عن علاج المقبل على الانتحار.. وما عداها محاولات من ورق
يناضل الناس من أجل البقاء على قيد الحياة، ولكن أحيانا قد تدفع الأزمات إنسانًا في لحظات وهن للإقدام على إنهاء حياته، غالبًا لا يرغب المنتحر بالموت قدر رغبته بمواراة ألمه.
ونظرًا لاتساع دائرة الانتحار عالميًا ووصولها إلى تسجيل حالة انتحار كل 40 ثانية، توجهت الأعين باحثة هنا وهناك عن سبل مُبتكرة لمواجهته.
من تلك الطرق ما لجأت إليه جامعات يابانية مؤخرا، من خلال طباعة رسائل توعية على ورق المراحيض، من أجل إبعاد ما قد يخطر في أذهانهم بأن يضعوا حدا لحياتهم.
ويقدر ضحايا الانتحار بنحو 700 ألف شخص حول العالم كل عام، وشخص واحد يفقد حياته بسببه كل 40 ثانية، وذلك بحسب منظمة الصحة العالمية.
حصر إحصاءات منظمة الصحة العالمية يشمل فقط عدد من انتحروا بالفعل، في حين يتجاوز عدد المحاولات الفاشلة هذا الرقم بكثير.
وبحسب المنظمة، يعد الانتحار رابع سبب للوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية بين 15 - 19 عاما.
وتحل مصر في المرتبة الأولى عربيا من ناحية معدلات الانتحار، متفوقة في ذلك على دول تشهد نزاعات مسلحة وحروبا أهلية، وتليها السودان ثم اليمن فالجزائر.
ووفقًا لوكالة الشرطة اليابانية، بلغ إجمالي عدد حالات الانتحار في اليابان العام الماضي 21007 حالات، بانخفاض 74 حالة (0.4٪) مقارنة بعام 2020، وارتفع عدد حالات الانتحار لكل 100 ألف شخص بنسبة 0.1 إلى 16.8 شخص.
"جسور بوست" تستعرض فكرة اليابان المبتكرة لمواجهة الانتحار، وتناقش جدوى المقترح، وما إذا كان يغني عن الذهاب إلى المعالج النفسي.
محاولات من ورق
يقول فولتير: "لا تنخدع بضحكهم فإنهم لا يضحكون ابتهاجًا وإنما تفاديا للانتحار"، وعليه ثمة محاولات يبذلها المنتحر قبل إقباله على فعل الانتحار، وسعيًا إلى تعزيز تلك المحاولات، لجأت جامعات يابانية إلى فكرة فريدة من نوعها، مؤخرا، لأجل مكافحة الانتحار، من خلال طباعة رسائل توعية على ورق المراحيض، من أجل إبعاد أوتجنب ما قد قد يخطر في أذهانهم أن يضعوا حدا لحياتهم.
وجرى تطبيق هذه الفكرة من قبل جامعات مقاطعة ياماناشي اليابانية في غرب طوكيو، بحسب وكالة "فرانس برس".
ويمكن القراءة بأحرف زرقاء على هذه الأوراق البيضاء، "عزيزي، أنت الذي تمضي أياما صعبة في التظاهر بأن كل شيء على ما يرام.. ليس عليك إخبارنا بكل شيء لكن لم لا تخبرنا بالقليل فقط؟".
وبالإضافة إلى هذه الرسائل التي كتبها متخصص في الصحة العقلية والمرفقة بأرقام هواتف للوقاية من الانتحار، هناك أيضا صور مهدئة على ورق المراحيض، مثل قطة متكوّرة على نفسها.
وقد وزّعت سلطات ياماناشي 6 آلاف من هذه الأوراق على 12 جامعة محلية، الشهر الماضي.
طريقة غير مجدية
انتقد الاستشاري النفسي المعروف، جمال فرويز المقترحات اليابانية واصفًا إياها بأنها "غير مجدية"، وتجب مواجهة الظاهرة بحلول عملية، كالتوسع في نطاق الدعم النفسي ونشر الثقافة النفسية، وتشخيص المرض والتعامل معه باحترافية، فلا يمكن أن نقدم لمريض بهلاوس سمعية أو بصرية ويرغب في الانتحار نصائح وكلام ويتراجع عن رغبته.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إذا نظرنا لسبب الانتحار يمكننا تحديد ما إذا كانت تلك المحاولات مجدية من عدمها، والأسباب هي الاكتئاب والاضطرابات الشخصية العصابية، والاكتئاب الوجداني ومريض الذهان وغيرها من الأمراض المتزايد نسبتها مؤخرًا بسبب تدني المستوى الثقافي والمعيشي، هل إذا أخبرنا هؤلاء بتلك الطريقة بشعارات تكتب على ورق المراحيض تنشر الإيجابية سيتراجع عن الانتحار، بالطبع لا فهذه نصائح قد تنفع مع الأمور البسيطة، لا الأمراض التي تحتاج إلى طبيب نفسي يباشرها وتؤخذ لها أدوية.
الاستشاري النفسي جمال فرويز
وأشار الاستشاري النفسي، إلى مراعاة مقتضى الحال، فهذه الطرق ربما لا تكون مجدية لمجتمعات بعينها، فربما أخذها البعض بمحمل التندر والفكاهة، هناك أمراض مسببة للانتحار قد تحتاج إلى نقل المريض للمستشفى، وهناك ما يسمى بـ"بروتوكول مريض الانتحار" يسير عليه المريض، ربما بعد ذلك يمكننا أن نقدم له تلك النصائح والحلول سواء كان على ورق المراحيض أو غيرها من الأفكار، وهذا كلام واقعي من خلال تجربتي مع المرضي، فلا بديل للطبيب النفسي.
انتبه.. علامات للانتحار لا يجب تغافلها
وأكد أستاذ الطب النفسي والسلوكي، علاء الغندور، أن تنامي ظاهرة الانتحار بين اليافعين يعود إلى اطلاع الجيل الأصغر من اليافعين، على مواقع إلكترونية تشجعهم على التفكير في الانتحار، وتقدم لهم معلومات وتجارب من دول أخرى.
وتابع، ومن بين أسباب الانتحار الضغوط التي تضعها الأسر على المراهقين لتحصيل درجات دراسية أفضل للحصول على وظائف مرموقة في المستقبل، فضلا عن الخوف المبالغ به عليهم في تلك المرحلة العمرية، ما يجعلهم يشعرون بأنهم محاصرون ويريدون التخلص من هذه القيود.
أستاذ الطب النفسي والسلوكي، علاء الغندور
ويرى الاستشاري النفسي أن الوصم المجتمعي المرتبط بالعلاج النفسي يحول دون علاج الكثيرين، ما يعرقل جهود إنقاذهم، ويمكن حماية هؤلاء الشباب -بحسب الغندور- من الإقدام على الانتحار أو حتى التفكير به إذا تدخلت أسرهم مبكرا.
وأشار إلى وجود علامات إذا ظهرت على أي مراهق، ينبغي التوجه فورا للطبيب النفسي، وعلى رأسها عزلة المراهق وميله للجلوس بمفرده، النوم لساعات طويلة أو قلة النوم، الإفراط في الأكل أو قلة الأكل، قلة التركيز، عدم المذاكرة، التوقف عن ممارسة الرياضة، الابتعاد عن المشاركة والظهور في المناسبات العائلية.