الصومال: "الدولية للهجرة" تنظم برنامجاً تدريبياً يهيئ النازحين لسوق العمل
الصومال: "الدولية للهجرة" تنظم برنامجاً تدريبياً يهيئ النازحين لسوق العمل
بعد تخرجه في المدرسة الثانوية، أراد عبدالله العثور على وظيفة ومساعدة والديه اللذين رعياه طوال طفولته، ومع ذلك، حتى مع حصوله على دبلوم المدرسة الثانوية، ظل الحصول على وظيفة حلما بعيد المنال بالنسبة إلى الشاب البالغ من العمر 20 عامًا.
يقول عبدالله للمنظمة الدولية للهجرة: "كنت أعرف مدى صعوبة دفع والديّ مقابل تعليمي وأردت أن أرد لهما كل ما بذلاه من جهود".
قبل بضعة أشهر، كان عبدالله مثل أي شاب آخر في مدينته، يمضى أيامه يتجول في الشوارع، عاطلاً عن العمل، ولا يفعل شيئًا يذكر، أو لا يفعل شيئًا.
وتعد "بيدوة"، المدينة التي يعيش فيها، هي الأكبر في جنوب وسط الصومال وواحدة من أكثر المدن تضررًا من الجفاف الحالي الذي يجتاح البلاد.
يوضح عبدالله: "كنت بحاجة إلى المهارات التي من شأنها أن تساعدني في العثور على وظيفة، لكن لم يكن لدي المال لاكتسابها.. لم يكن هناك جدوى من مطالبة والديّ بدفع رسوم الدورات لأنني كنت أعرف أنهما لا يستطيعان تحمل تكاليفها".
وبعد أن علم ببرنامج التدريب المقدم في مركز تعليمي محلي، أخذت حياة عبدالله منعطفًا نحو الأفضل، حيث قال: "قيل لي إن هناك مؤسسة تدرب الشباب مثلي الذين يحتاجون إلى المهارات الفنية للعثور على وظائف، لذلك ذهبت إلى المركز للتسجيل".
تمكن عبدالله من التسجيل في إحدى الفصول المجانية التي تقدمها شركة Modern Management International كجزء من مشروع تديره المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، بتمويل من بنك التنمية الإفريقي (AfDB).
وخلال برنامج المتدرب الذي يستمر ستة أشهر، تتاح للشباب مثل عبدالله الفرصة لتطوير مهارات جديدة في الخياطة والسباكة والتكنولوجيا الكهربائية التي يمكن أن تعزز فرصهم في العمل.
يوضح رئيس فريق المنظمة الدولية للهجرة للأنشطة المتعلقة بالمياه والصرف الصحي في بيدوا، عبدي صلاح: "في بداية المشروع، تشاورنا مع وزارة الطاقة والموارد المائية، بالإضافة إلى مجموعات الشباب لمعرفة نوع الدعم الذي يحتاجون إليه".
وأضاف: "بعد عدة مناقشات، اتفقت المجموعات على أننا بحاجة إلى التركيز على الحاجة الماسة لتقليل الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي للفئات الضعيفة منخفضة الدخل، وخاصة تلك المتأثرة بالنزوح".
لا تزال بطالة الشباب مشكلة واسعة الانتشار في الصومال، لا سيما في مدن مثل بيدوا وكيسمايو حيث تستنزف الموارد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى النمو السكاني السريع المرتبط بالنزوح القسري، حيث تستضيف كلتا المدينتين عشرات الآلاف من النازحين الذين اضطروا إلى هجر قراهم في المناطق الريفية والانتقال إلى المراكز الحضرية لأنهم لم يعودوا قادرين على الاعتماد على الأرض أو الحيوانات في كسب عيشهم.
يقول صلاح: "استقبلت بيدوة وكيسمايو آلاف الأشخاص الذين أجبروا على الفرار بعد أن فقدوا ماشيتهم ومحاصيلهم.. أدى الجفاف الحالي إلى نزوح أكثر من مليون شخص يواجهون الآن المجاعة ونقص حاد في الغذاء".
وحتى قبل الجفاف، كانت المدينتان مراكز نزوح كبيرة بسبب الصراع والصدمات المناخية، يعاني النازحون في الصومال من محدودية فرص التعليم والعمل وغالباً ما يعيشون في مستوطنات مزدحمة.
ونظرًا لأن معظم هؤلاء النازحين كانوا مزارعين، فقد ثبت أن إيجاد سبل عيش بديلة في المدينة يمثل صراعًا لأنهم غالبًا ما كانوا يفتقرون إلى المهارات اللازمة لاختيارهم لوظائف مؤهلة.
ويندرج برنامج التدريب الحالي في إطار مشروع مدته خمس سنوات بملايين الدولارات بتمويل من بنك التنمية الإفريقي الذي يهدف إلى تحسين الوصول إلى المياه للمجتمعات النازحة والضعيفة في المراكز الحضرية في الصومال.
بصرف النظر عن توفير الوصول الفوري والطويل الأجل إلى المياه والصرف الصحي، تقوم المنظمة الدولية للهجرة أيضًا بتجربة أنشطة مثل برنامج التدريب على المهارات الجديد الذي يهدف إلى الحد من الفقر ومنع تهميش الفئات الضعيفة وذات الدخل المنخفض في مناطق النزوح المرتفعة.
يقول صلاح: "يمكن أن يؤدي الوصول إلى التدريب على المهارات إلى تحسين حياة الشباب بشكل كبير من خلال مساعدتهم على الوصول إلى فرص عمل أفضل، كما يمكن أن يثنيهم عن الانخراط في الأنشطة الإجرامية والتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة لأنه يمنحهم إحساسًا بالهدف ويعزز رفاههم العقلي والنفسي".
وبعد الانتهاء من الدورة، زودت المنظمة الدولية للهجرة 300 خريج بالدعم المالي للتسجيل في التدريب الداخلي الذي تقدمه الشركات الخاصة في بيدوا وكيسمايو، كما تلقى البعض أيضًا منحًا نقدية لفتح أعمال تجارية صغيرة أو شراء معدات لبدء حياتهم المهنية.
بمجرد تخرج عبدالله ككهربائي، بدأ بالفعل في تلقي عروض العمل من جيرانه.
يقول: "في السابق، كنت أبقى في المنزل دون أن أفعل شيئًا، لكن الآن كثيرًا ما أتلقى طلبات من جيراني لإصلاح الكابلات والمصابيح أو أي شيء يتعلق بالكهرباء، أشعر الآن بالاحترام في مجتمعي لأنهم يعرفونني كشخص لديه القدرة على العمل بشكل جيد ومساعدة الآخرين، وكشخص يمكنه إعالة أسرته".
ويظل التحدي الأكبر الذي يواجه عبدالله هو الحصول على وظيفة طويلة الأجل، لكنه واثق من أنه سيحظى بفرص أفضل من ذي قبل.
أسماء أبوبكر عبدالرحيم، طالبة أخرى في بيدوة، قررت أن تتولى الخياطة بعد أن علمت عن التدريب من صديقة لها.
وتوضح أسماء البالغة من العمر 18 عامًا: "بعد تخرجي في المدرسة الثانوية، أردت أن أكون قادرة على العمل، وإعالة أسرتي، ودفع مصاريف دراستي الجامعية".
في المركز، تعلمت أسماء كيفية تفصيل واستخدام ماكينة الخياطة، وكيفية إدارة شؤونها المالية وتحسين مهاراتها في خدمة العملاء.
منذ الانتهاء من الدورة، بدأت التدرب في متجر يملكه والد صديقتها، الآن هي بالفعل تخيط الفساتين وتأمل أن تؤدي التجربة إلى وظيفة مناسبة.
يقول صلاح: "ينبغي إعطاء الأولوية لطرح البرنامج في مناطق أخرى، لا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها حيث تكون الدورات التعليمية والتدريب على المهارات محدودة".
وتعمل المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها على بناء قدرة النازحين والفئات الضعيفة على الصمود في الصومال وتوفير حلول دائمة للنزوح.