حقوقيون: الدول تحتاج لتحفيز مستمر لتنفيذ التعهدات ومنع الانتهاكات

عشية انعقاد الدورة الـ52 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان

حقوقيون: الدول تحتاج لتحفيز مستمر لتنفيذ التعهدات ومنع الانتهاكات

قال حقوقيون عرب، إن الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تكتسب حيثية خاصة، كونها تأتي في خضم صراعات دولية وكوارث طبيعية في جميع أنحاء العالم.

يأتي ذلك عشية انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي، والتي تستمر خلال الفترة من 27 فبراير الجاري وحتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ويشارك في الدورة الحالية للمجلس الأممي المعني بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في العالم، عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات والوزراء وكبار الشخصيات السياسية والحقوقية.

وتناقش الدورة الحالية العديد من القضايا العالمية، التي يأتي أبرزها ‏حقوق المرأة والطفل وكبار السن والأقليات وذوي الهمم، إلى جانب الحق في التنمية والغذاء وحرية ‏الدين والمعتقد.‏

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

دورتان بالتزامن

بدوره، أوضح عضو مجلس حقوق الإنسان بمصر، محمود بسيوني، أن الدورة الـ52 للمجلس الأممي ستعقد هذا العام بالتزامن مع الدورة 137 للجنة الحقوق المدنية والسياسية، ومن ثم ستضم مشاركات واسعة من جميع أنحاء العالم.

وأكد “بسيوني”، أن تلك الفاعليات الأممية ستشمل حراكا حقوقيا بارزا من خلال مناقشة تقارير الدول باستخدام آلية الاستعراض الدوري الشامل وتنظيم الندوات ومشاركة المنظمات الدولية بمداخلات شفهية ومكتوبة.

وأضاف: "جدول الدورة الحالية للمجلس الدولي يتسم بالزخم والحيوية، نظرا لمناقشة عشرات الشواغل العالمية في مجال حقوق الإنسان".

وتابع: "مصر لديها مراجعة في لجنة الحقوق المدنية والسياسية، وهي المرة الأولى التي ‏تقدم فيها القاهرة تقريرها بعد غياب أكثر من 20 عاماً، وهو ما يعطي مؤشراً جيداً لمدى انفتاح الإرادة ‏السياسية الحالية في مصر على الآليات العالمية".

كشف بسيوني عن جهود بلاده لتحسين ‏أوضاع حقوق الإنسان، والتي يأتي على رأسها قضايا الحبس ‏الاحتياطي والإفراج عن السجناء، وتمكين المرأة ‏والشباب وذوي الهمم.

وأضاف: "هناك مبادرة لتحسين أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل مبادرة حياة كريمة ‏وإنهاء قوائم انتظار المرضى وغيرها".

وتابع: "مصر تخضع طواعية للمراجعة الدورية الشاملة، ‏وهذا يكون في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وهناك 3 وفود ممثلة للحكومة المصرية والمجلس القومي ‏لحقوق الإنسان، والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان داخل وخارج البلاد".

الإفلات من العقاب

بدورها، قالت الناشطة النسوية في مجال حقوق الإنسان بليبيا، نورا الجربي: "تأتي الدورة الـ52 لمجلس ‏حقوق الإنسان في وقت يموج فيه العالم بتغيرات كبيرة وانتهاكات كثيرة في مختلف الدول".

واستشهدت الجربي في تصريح لـ"جسور بوست"، بـ"تفاقم الانتهاكات الحقوقية أثناء العمليات الأمنية في بوركينا فاسو، أو تدهور الأوضاع وتقليص الحيز المدني في بوروندي".‏

وأوضحت: "في سياق التحولات الحالية التي يشهدها العديد من البلدان، يجب إجراء تحقيق فوري ونزيه وشامل ‏في جميع الانتهاكات والاضطرابات المدنية، والتي قوبلت في عدد من الدول بالاستخدام المفرط للقوة من قبل ‏ضباط الأمن".

وأضافت: "أسفرت الاشتباكات العنيفة في طرابلس بليبيا عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين ‏وعن تدمير البنية التحتية المدنية، إضافة إلى أن عمليات الاختطاف المزعومة والاختفاء القسري والاحتجاز ‏التعسفي -بما في ذلك للمدافعات عن حقوق الإنسان- والعنف ضد المرأة، تستمر في تقويض الحق في ‏حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي".‏

وقالت الجربي: "كل تلك الأحداث تؤكد أن هناك أموراً أكثر مما هو مطروح على جدول الدورة الجديدة يجب ‏أن تناقش وتتخذ فيها إجراءات حاسمة، لترسيخ حقوق الإنسان في الدول التي تتجاوز حدود تلك الحقوق بشكل ‏كبير".

وأضافت: "التجاوزات الحقوقية ليست حكرا على الدول النامية فحسب، وإنما تصل إلى الدول الكبرى التي تحمي ‏تجاوزات حقوق الإنسان في دولة إسرائيل، والتي تنتهك يومياً كل الأعراف والمواثيق الدولية في تعاملها مع ‏المدنيين الفلسطينيين، وتتسبب في سقوط العديد من الضحايا".

واختتمت حديثها قائلة: "الدول الكبرى أيضا تقع بها تجاوزات ‏عديدة لحقوق الإنسان يجب أن تحاسب عليها، وعلى هذا أرى أن مناقشة حقوق المرأة والطفل وذوي الهمم ‏وكبار السن أمور هامشية، فهناك ما هو أهم في هذا التوقيت".

‏تحفيز الالتزام

من جانبه، دعا مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الدكتور جمال سند السويدي، إلى تحفيز ‏الالتزام السياسي المتجذر في المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال العمل متعدد الأطراف والمتضافر، ‏ومن خلال بناء الجسور بدلاً من زرع الانقسامات، الأمر الذي يمكنه أن يدفع حكومات الدول إلى بناء مجتمعات أكثر ‏عدلاً ومساواة.

وأضاف السويدي: "العمل من أجل حقوق الإنسان يرسي الاعتراف الكامل بأن الدول ينبغي لها أن تستخدم النطاق ‏الكامل لحقوق الإنسان كتدابير لحل المشاكل، بما في ذلك المشاركة الشاملة والمؤسسات الأقوى".

واستطرد: "ينبغي ‏الاستفادة بشكل أكمل من الآليات الدولية لحقوق الإنسان، فهيئات المعاهدات والاستعراض الدوري الشامل ‏والإجراءات الخاصة تشكّل ركائز الآلية الدولية لحقوق الإنسان، حيث توفر الرقابة والإرشادات الحاسمة ‏لمساعدة الدول في المضي قدمًا نحو حماية حقوق الإنسان وتعزيزها".

وتابع: "لا أنكر أن الموضوعات المطروحة للنقاش على جدول الدورة الـ52 من اجتماعات ‏المجلس الدولي لحقوق الإنسان قد تكون ملحة في الفترة الحالية، لكني أرى أنه يجب على المنظمات الأممية ‏الداعية إلى التزام الدول بتوصيات مؤتمرات حقوق الإنسان ألا تكيل بمكيالين، وأن تضغط على دول ‏بعينها لإرساء قواعد حقوق الإنسان في العالم".

وقال السويدي: "يجب أن تتمسك الدول ‏جميعاً بالالتزام الجماعي بالمبدأ الدائم القائل إن جميع البشر يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق".

‏تحسين شكلي 

وقالت الصحفية اللبنانية، عبير غيث: "الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي تركز على حقوق المرأة والطفل وذوي الهمم، ورغم أهمية تلك الشواغل لكنها ليست القضايا الأكثر أهمية في هذه اللحظة الحرجة بالعالم".

وأضافت غيث: "هناك أمور كثيرة يجب على المنظمة الدولية طرحها، وبالنسبة لما يحدث في لبنان فمنذ ‏استعراض مجلس حقوق الإنسان عام 2015 لم يحرز لبنان إلا تقدماً ضئيلاً بشأن التوصيات التي تم قبولها".

وأوضحت أن لبنان لا يزال يشهد العديد من الانتهاكات والتي تتعلق بالتعذيب وتضييق الخناق على حرية التعبير والتجمع السلمي وتدهور أوضاع العمال المهاجرين وغيرها. ‏

وتابعت: "تعجز الحكومة اللبنانية عن توفير أوضاع عمل ملائمة للعمال المهاجرين، وحماية حقوق اللاجئين، لا سيما ‏من الإعادة القسرية، كذلك تتقاعس عن وضع حد للتمييز ضد المرأة".

وأكدت الصحفية اللبنانية أن الخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها مثل تشكيل اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب أو الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، لا تزال في الإطار الشكلي أو الرمزي دون تفعيل واقعي يشعر بتأثيره المواطنين. 

وأضافت: "خضع الملف اللبناني لحقوق الإنسان للتقييم والمراجعة في إطار عملية الاستعراض الدوري ‏الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

وأوضحت أن الاستعراض أسفر عن حزمة من التوصيات لتحسين ‏إجراءات حماية حقوق الإنسان في لبنان، داعية حكومة بلادها إلى الاهتمام بهذه التوصيات، وبذل جهد أكبر لتطوير أوضاع حقوق الإنسان واحترامها وحمايتها، إلى جانب وضع ‏حد للإفلات من العقاب الذي يقف وراء التراجع الهائل للحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والمدنية ‏الأساسية في البلاد.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية