رمضان في العراق.. أهالٍ يشكون ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإجراءات حكومية لضبط الأسواق

رمضان في العراق.. أهالٍ يشكون ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإجراءات حكومية لضبط الأسواق

العراق- عبد الرشيد الصالح

يشهد العراق قفزة كبيرة وصفها البعض بالجنونية في الأسعار، خاصة في مجال المواد الغذائية بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، وكذلك بدء العمل بالمنصة الإلكترونية الخاصة بحركة الدولار بطلب من البنك الفيدرالي الأمريكي، مرورا بتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، ويئن المواطنون البسطاء تحت وطأة تلك الأزمة متجهين للبحث عن الأسعار الأفضل والبدائل الأنسب، واتجاه البعض لشراء الأساسيات فقط حتى مرور الأزمة، فيما لجأت الحكومة لعدة تدابير لعلاج الأزمة وضبط الأسواق. 

تقف أم سعد أمام السوق الرئيسي في منطقتها بحي العامرية غربي بغداد، وهي تبحث عن المواد الغذائية الأرخص والأفضل، للاعتماد عليها في إعداد وجبات الإفطار خلال شهر رمضان.

وتقول أم سعد لـ"جسور بوست"، إن "الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال هذا العام"، مبينة أنها "كانت تشتري كيلو اللحم بمبلغ 14 ألف دينار عراقي خلال العام الماضي، لكن سعره حاليا ارتفع إلى 20 ألف دينار من المحال التجارية ذاتها".

بدورها تقول السيدة أسماء العاني وهي ربة منزل من سكان منطقة الدورة ببغداد، إن "الذهاب إلى الأسواق أصبح مقتصرا على الحاجة الضرورية فقط"، مؤكدة أنها "كانت تستطيع شراء سلة غذائية متكاملة تتكون من 9 مفردات تموينية على الأقل بمبلغ قدره 25 ألف دينار فقط، لكن المبلغ هذا لا يجدي نفعا حاليا ولا يكفي إلا لشراء 4 أو 5 مفردات كحد أقصى".

قفزة كبيرة بالأسعار

أكد عدد من التجار في بغداد والمحافظات خلال استطلاع أجرته "جسور بوست"، ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية بمعدل من ألف إلى 3 آلاف دينار عراقي.

ووفقاً لهؤلاء التجار، فإن أهم المواد الغذائية الأساسية التي يزداد الطلب عليها خلال شهر رمضان هي العدس الذي بلغ سعر الكيلو غرام الواحد منه 2500 دينار بعد أن كان بـ1500 دينار العام الماضي، أما سعر قنينة الزيت سعة اللتر الواحد فقد وصل سعرها إلى 4 آلاف دينار بعد أن كان ألفي دينار فقط العام الماضي، وارتفع أيضا سعر الأرز والسكر بمعدل الضعف تقريبا.

من جهته قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة بغداد رشيد السعدي لـ"جسور بوست"، إن "الأسعار ارتفعت في الأسواق بسبب العرض والطلب خصوصا مع حلول شهر رمضان وتوجه المواطنين للتسوق، وبالتزامن مع بدء العمل بالمنصة الإلكترونية الخاصة بحركة الدولار بطلب من البنك الفيدرالي الأمريكي".

رشيد السعدي

وأضاف، أنه "تم الطلب من البنك المركزي تذليل العقبات التي تتبع العمل بهذه المنصة، وستكون هناك وقفات احتجاجية أخرى للمطالبة بالإسراع بتنفيذ الحوالات المرسلة من التجار ورجال الأعمال، لإطلاق البضائع التي تسهم بانخفاض الأسعار في الأسواق".

 

تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا

يعد العراق واحدا من الدول العربية التي تأثرت بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهما أكبر الدول المنتجة زراعياً، ما زاد من المشكلات الاقتصادية في البلاد، فضلا عن سياسة الاحتكار التي يلجأ إليها بعض التجار.

وفي هذا السياق أكد الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن "الحرب الروسية الأوكرانية، كانت سبباً بارتفاع أسعار النفط العالمية، التي ألقت بظلالها على العراق عبرة وفرة مالية تقدر بقرابة الـ60 تريليون دينار"، مشيرا إلى أنه "رغم الاستثناءات الأمريكية، والسيطرة على أسعار النفط، فإن هناك أزمة اقتصادية ومصرفية عالمية تلوح في الأفق". 

ولفت حنتوش، إلى أن "الموازنة التي أرسلتها الحكومة إلى البرلمان أغلبها من الوفرة المالية التي تحققت من ارتفاع أسعار النفط". 

وعزا الخبير الاقتصادي، ارتفاع أسعار الدولار، إلى "تطبيق منصة "فلتر" من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، وإجراءات منظمة الأوباك الخاصة بتدقيق الحوالات من أجل مكافحة غسيل الأموال، ما ولد انخفاضاً في مبيعات البنك المركزي. 

وأضاف، إنه "رغم ارتفاع مبيعات البنك المركزي خلال الأسابيع الأخيرة، لكن الحوالات الخارجية ترفض بسبب إجراءات موافقة البنك الفيدرالي والشركات التدقيقية". 

مصطفى أكرم حنتوش

ورجح حنتوش، "انخفاض أسعار صرف الدولار إلى 150 ألف دينار لكل 100 دولار، بعدما ينخفض الطلب المرتفع على الدولار بسبب تجارة العيد"، مؤكدا أنه "من المستحيل أن ينخفض الدولار إلى ما دون هذه الأرقام بسبب التجارة غير الرسمية مع إيران وسوريا". 

وتسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي بأزمة خانقة وقفزة بالأسعار في الأسواق، وسجل سعر صرف الدينار تراجعا خلال الشهرين الماضيين إلى 1750 ديناراً مقابل الدولار الواحد، ولا يزال سعر الصرف متأرجحاً رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية، ومن بينها تغيير محافظ البنك المركزي العراق، بهدف السيطرة على الأسواق.

"سلة غذائية" مدعومة حكومياً 

مع حلول شهر رمضان، اتخذت الحكومة العراقية عددا من الإجراءات، لدعم الأسر الأكثر تضررا في المجتمع، حيث أعلنت وزارة التجارة العراقية، عن توجهها لافتتاح جمعيات تعاونية كبيرة لبيع المواد الغذائية بأسعار مدعومة، لتأمين جميع مفردات السلة الغذائية والطحين بكميات نوعية.

وذكرت الوزارة في بيان تابعته "جسور بوست"، أنّ "وزير التجارة أثير داود الغريري أعلن افتتاح جمعيات تعاونية كبيرة في بغداد والمحافظات بمناسبة شهر رمضان المبارك، لتباع فيها جميع المواد الغذائية من اللحوم الحمراء والدجاج والأجبان بأسعار مدعومة وبسعر الكلفة.

وأوضحت الوزارة، أنه "تم إطلاق الحصة الغذائية الخاصة بشهر رمضان مضاف إليها 4 مواد توزع للعائلات ضمن وجبة الشهر الفضيل، تشمل 5 كيلوغرامات من الطحين، مع طبقة بيض مائدة ومادتي (الشعرية والنشا)"، مبينة أنها "تعاقدت مع مناشئ عالمية كندية وأسترالية وأمريكية، لتوريد أكثر من مليون ومئتي طن من الحبوب المستوردة".

تجار يستغلون الأزمات

بدوره، قال مدير عام دائرة الرقابة التجارية في وزارة التجارة رياض مهدي الموسوي، إن "الفرق الرقابية وبالتنسيق مع مديرية الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية نفذت زيارات ميدانية إلى الأسواق والمحال التجارية، لتدقيق أسعار السوق المحلية ومتابعة صلاحية المواد الغذائية".

وأكد الموسوي في بيان تلقته "جسور بوست"، إن "خطة الجولات الرقابية تلك أوضحت أن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في الرقابة والتدقيق واستمرارية تأمين تجهيز وجبات السلة الغذائية والطحين في أوقاتها مع بيع المواد الغذائية بأسعار تنافسية مدعومة، وآخرها افتتاح المراكز التسويقية لبيع المواد جميعها، كان لها الأثر الفاعل في استقرار أسعار المواد الغذائية، وذلك بحسب نتائج الاستطلاعات التي أجرتها الفرق الرقابية على المواطنين".

وكشف الموسوي "أن الأجهزة الرقابية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط العديد من المواد الغذائية منتهية الصلاحية تباع في الأسواق المحلية، واتخذت خلالها الإجراءات القانونية بحق المتلاعبين بقوت المواطنين".

وأوضح أن "الأجهزة الرقابية تعمل على متابعة السوق المحلية بشكل مستمر وبجميع الأوقات لتحديد المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية، والتدقيق في صلاحية المواد الغذائية الموجودة في السوق ومدى صلاحيتها للاستهلاك البشري، فضلاً عن التدقيق في المواد الممنوع استيرادها بموجب قرارات من مجلس الوزراء التي تأتي للحفاظ على المنتج الوطني".

إلى ذلك قال عضو مجلس النواب مهند الخزرجي لـ"جسور بوست"، إن "تجار الأزمات يستغلون السعر الرسمي للدولار الذي فرضته الحكومة، عبر بيعه بأسعار مرتفعة في السوق السوداء"، مؤكدا أن "الإجراءات الحكومية لخفض سعر الصرف ما زالت مستمرة وهناك عمليات لملاحقة المضاربين بالعملة". 

 

مهند الخزرجي

وعن قانون الموازنة والعجز المالي فيها، قال إن "الحكومة اتخذت معالجات عبر تفعيل القطاع الخاص والاستثمارات الداخلية والخارجية"، مضيفاً أن "البرلمان داعم لكل تلك الإجراءات عبر قوانين ما زالت في طور النقاش، منها قانون الشراكة مع القطاع الخاص وقانون الاستثمار المعدني".



 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية