اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام.. تحذيرات أممية من تعطيل عجلة التنمية
يحتفل به في 4 إبريل سنوياً
لا تزال ملايين الألغام جاثمة على الأراضي تحصد أرواح المدنيين الأبرياء في ما يقرب من 70 دولة حول العالم، شاهدا على كوارث الحروب والنزاعات.
ويحيي العالم، اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، في 4 إبريل من كل عام، لتعزيز الوعي بالأسباب التي تجعل الألغام الأرضية واحدة من أكثر أسلحة الحرب غدرا وعشوائية.
وانتهت الحروب الكبرى وتركت ألغامها مزروعة في الأرض من دون أي خرائط توضح أماكنها، لتحصد أرواح الأبرياء من دون رحمة.
وفي هذا العام تحتفل دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام بهذه المناسبة بإطلاق حملة باسم "لا يمكن تأخير الإجراءات المتعلقة بالألغام".
وتسلط هذه الحملة الضوء على عقود من التلوث في كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وفيتنام، فضلاً عن توجيه الانتباه إلى التلوث الأخير بالذخائر المنفجرة.
وكان تقرير الحملة الدولية لحظر الألغام لعام 2019، قد كشف خطورة مشكلة الألغام التي تعد من الأسلحة الفتاكة، التي لها تأثير طويل الأمد على الشعوب عقب انتهاء الحروب بعقود طويلة، فهي تحول دون تطوير المساحات التي بها حقول للألغام، كما تعرض البشر وثرواتهم الحيوانية لأخطار كبيرة.
وخلال العقود الأخيرة بُذلت جهود أممية ودولية لمواجهة الألغام الأرضية في العالم، إذ أسهمت "معاهدة أوتاوا لحظر الألغام" في إيقاف إنتاج واستخدام الألغام في معظم دول العالم.
ويهدف ذلك إلى توجيه الانتباه لمناطق العالم التي لم تزل ملوثة بتلك الألغام بعد مرور سنوات عديدة، بحيث غيرت أجيال متعاقبة سبل معايشها لتجنب تلك التهديدات.
وتؤكد حملة "لا يمكن تأخير الإجراءات المتعلقة بالألغام"، أن إزالة كافة الألغام الأرضية هو أمر لا يحتمل التأخير، ويجب أن تعمل الدول وكافة الجهات الفاعلة في اتفاقية حظر الألغام على استكمال إزالتها.
وتواصل الأمم المتحدة الدعوة لتعميم الأطر القانونية القائمة وتشجيع الدول الأعضاء على توسيع نطاق هذه الأنظمة، ووضع صكوك دولية جديدة لحماية المدنيين من ويلات الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات.
وتقوم الأمم المتحدة بهذا العمل بالتعاون مع الدول المهتمة، والمجتمع المدني والمنظمات المعنية بالإجراءات المتعلقة بالألغام والمنظمات الدولية.
ملايين الألغام
ومنذ فتح باب التوقيع على اتفاقية حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام -المعروفة عموما باسم اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد- في عام 1997، صادق أو انضم إلى المعاهدة 156 بلداً، كما تم تدمير ما يزيد على 41 مليون لغم من مخزونات الألغام المضادة للأفراد، وتوقف من حيث الجوهر إنتاج تلك الألغام وبيعها ونقلها.
وفي عام 2018، نسقت إدارة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بإزالة الألغام جهود صياغة استراتيجية الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام 2019- 2023.
ومن أهم جوانب الاستراتيجية أنها تمثل إطاراً للمساءلة لمنظومة الأمم المتحدة وتقدم نظرية التغيير لمشاركة الأمم المتحدة في الإجراءات المتعلقة بالألغام.
ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، لتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.
وخلال الـ20 عاما الماضية، تركز عمل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام على مواجهة تهديد مخاطر المنفجرات التي يواجهها المدنيون وحفظة السلام والعاملون في المجال الإنساني.
وتعمل دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام على حماية الأنفس وتسهيل نشر البعثات الأممية وتقديم المساعدة الإنسانية وحماية المدنيين ودعم جهود العودة الطوعية للمشردين داخليا واللاجئين وتعزيز الأنشطة الإنسانية وأنشطة الإنعاش وبذل جهود دعوية في ما يتصل بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي.
ويصل عدد الألغام في العالم إلى أكثر من 110 ملايين لغم منتشرة في 70 دولة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.
كما يصل مخزون العالم من الألغام لقرابة 250 مليون لغم في 80 دولة، في حين تبلغ تكلفة إزالتها مليارات الدولارات، ورغم ذلك فإن معدلات نشر ألغام جديدة أصبحت تسير بوتيرة أسرع.
عائق للتنمية
بدوره، قال الأستاذ بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر الدكتور جاد القاضي، إن "في عام 2006 تم إجراء مسح مبدئي في بعض المناطق التي شهدت حروباً على مدار العقود السابقة ومن ضمنها مصر، حيث تم الكشف عن وجود حوالي 20 مليون لغم في مصر وحدها".
وأوضح القاضي في تصريح لـ"جسور بوست" أن "معظم الألغام تركزت في مناطق بالصحراء الغربية والعلمين التي يوجد بها 13 مليون لغم، فيما تمكنت الجهود بالتعاون مع القوات المسلحة فى فيليص العدد إلى حوالي 16 مليون لغم حاليا".
وأضاف: "كما كشف التقرير أن هناك أكثر من 70 بلداً على مستوى العالم يعاني من خطر الألغام، الذي يصل إلى أكثر من 100 مليون لغم مزروعة في الأرض تنتظر حصد أرواح الأبرياء، وهو ما دفع الأمم المتحدة للتحرك بشكل مكثف لمحاولة إنهاء مخاطر الألغام الأرضية في تلك البلاد أو على الأقل الحد من خطرها".
وأكد القاضي أن مصر تعد أكثر الدول التي تحوي أرضها ألغاماً في باطنها، حيث نصيبها وحدها حوالي 20 في المئة من الألغام المدفونة بالعالم، وهو عدد كبير يشكل عائقاً للتنمية إلى جانب التداعيات الضارة الناجمة عن انفجارها.
وقال: "رغم أن مصر بها أكبر نسبة من الألغام في العالم، إلا أنها تعد الأقل في نسبة الإصابات الناتجة عنها"، ويرجع ذلك إلى أن الألغام في مصر مدفونة في الصحراء في حين ترتفع نسبة الإصابات في كمبوديا وفيتنام بشكل كبير لكونها مدفونة في مناطق مأهولة بالسكان".