خسائر المناخ.. الإمارات تسعى لتغيير "قواعد اللعبة" في القضية الكونية
خسائر المناخ.. الإمارات تسعى لتغيير "قواعد اللعبة" في القضية الكونية
بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، تشهد المنطقة العربية ارتفاعًا في درجات الحرارة، حيث من المتوقع أن تصل إلى 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.
وباتت موجات الجفاف أكثر تواترا وشدة، ما يهدد بانخفاض الإنتاج الزراعي بنسبة 20 بالمئة بحلول عام 2080، كما يتوقع أن يؤدى تغير المناخ إلى خفض المياه المتجددة في المنطقة بنسبة 20 بالمئة بحلول عام 2030.
ويشكل النزوح الناجم عن تغير المناخ سواء بسبب الجفاف أو ارتفاع منسوب سطح البحر تهديدًا خاصًا، إذ يعيش حوالي 9 بالمئة من سكان المنطقة العربية في مناطق ساحلية ستكون أدنى من مستوى سطح البحر بحوالي 5 أمتار.
وفي عام 1990 حددت دولة الإمارات العربية المتحدة، 32.6 طن ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد سنويًا، فيما كان هذا الرقم 21.9 طن للشخص الواحد سنويًا في عام 2010.
وصدّقت الإمارات على "بروتوكول كيوتو" لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في عام 2005، لتصبح من أولى البلدان المنتجة للنفط التي قامت بالتوقيع على الاتفاقية.
وقبل نحو 15 عاما، طورت دولة الإمارات، استراتيجيات التخطيط والعمل المناخي، لتوسيع نطاق استثماراتها في تعزيز قدراتها على التكيف مع تغير المناخ.
الحياد المناخي
وتمثل المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 محركاً وطنيا، يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2050، ما يجعل الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.
وعلى صعيد الطاقة العالمية، دعمت الإمارات تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة عالمياً، كما تعزز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث استثمرت في مشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار أمريكي.
وأطلقت أيضا خطة وطنية شاملة لدعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والتي تعد خارطة طريق الريادة في مجال الهيدروجين، وذلك للمساهمة في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز مكانة الدولة كمُصدر للهيدروجين.
وتعهّدت الإمارات بأن تسهم قمة المناخ "كوب-28" التي تستضيفها هذا العام في "تغيير قواعد اللعبة" في مسألة مكافحة التغير المناخي، من دون استبعاد أي تقنية أو صناعة من المفاوضات.
وقال المدير العام لمكتب مؤتمر الأطراف السفير ماجد السويدي، في تصريحات سابقة، إن بلاده تُفضّل التحدث عن القضاء على "انبعاثات" الوقود الأحفوري ما يمهّد الطريق لاستمرار استخدامه، في حين أن التقنيات العديدة لالتقاط الانبعاثات ما زالت في بداية تطويرها.
مساعٍ طموحة
وفي 13 يونيو الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة رفيعة المستوى لبحث العلاقة بين تغير المناخ والتهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين، برئاسة وزيرة التغير المناخي والبيئة في الإمارات مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، خلال توليها رئاسة مجلس الأمن.
بدورها، قالت مريم المهيري، إن الدراسات العلمية حددت العلاقة المعقدة بين الهشاشة وتغير المناخ والصراع المسلح، وكيف يمكن لهذه العناصر أن تشكل حلقة مدمرة.
وشددت الوزيرة الإماراتية على ضرورة تعزيز الحلول الشاملة لهذا التحدي متعدد الأبعاد، مؤكدة أن مؤتمر المناخ الثامن والعشرين (COP28) الذي تستضيفه بلادها نهاية العام الجاري سيشهد تخصيص يوم "الإغاثة والتعافي والسلام".
وأضافت: "الغرض من هذا اليوم، وهو الأول من نوعه، هو تسليط الضوء على التقاطع بين تغير المناخ والسلام والأمن، إضافة إلى اقتراح حلول عملية لمنع ومعالجة العبء المناخي على الاستقرار".
وأشارت إلى أن بلادها تروج لأجندة طموحة خلال القمة المقبلة استجابة للنقص الحاد في التمويل المناخي الذي يمكن الوصول إليه، لا سيما بالنسبة للبلدان والمجتمعات التي تعاني أزمات إنسانية وأمنية.
ضحايا تغير المناخ
وتُصنف الإمارات من بين الدول الأكثر عرضة للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ في العالم، وسيترتب على هذا ارتفاع أكثر في درجات الحرارة وسقوط الأمطار بشكل أقل وانتشار الجفاف وارتفاع مستوى مياه البحار وهبوب المزيد من العواصف.
وتعد عواقب هذه الآثار شديدة وكثيفة على البنى التحتية، وصحة الإنسان، والبيئة الطبيعية، ما يؤثر على مختلف قطاعات التنمية والسياسات بما في ذلك الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية.
وفي يوليو 2022، لقى 7 أشخاص حتفهم جراء سيول جارفة ضربت عدة مناطق أبرزها رأس الخيمة والفجيرة والشارقة في الإمارات.
وأعلنت وزارة الداخلية الإماراتية آنذاك، أن الأمطار الغزيرة تسببت في سيول جارفة والإضرار بالعديد من المنازل والممتلكات، فضلاً عن محاصرة بعض الأشخاص الذين نجحت الفرق المعنية في إنقاذهم.
ووثق عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي، السيول الجارفة التي اجتاحت بلادهم من خلال الصور والمقاطع المصورة التي وصفها البعض بـ"المشاهد المرعبة".
وفي مارس 2019، قال الدكتور ثاني الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة آنذاك، إن 91 بالمئة من إجمالي الكوارث المسجلة في العشرين عاماً الماضية، والبالغ عددها أكثر من 7 آلاف كارثة مرتبطة بتغير المناخ بالعالم.
وأضاف الزيودي أن الخسائر الاقتصادية والفقر والكوارث من 1998 إلى 2017، يُقدّرها مركز أبحاث علم أوبئة الكوارث التابع للأمم المتحدة، بأكثر من 2900 مليار دولار.
ومن المقرر أن تكون الدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" والمنعقدة نهاية العام في دولة الإمارات العربية المتحدة لحظة فارقة، حيث سيقيم العالم التقدم المحرز في اتفاقية باريس.
وسيوفر التقييم العالمي الأول (GST) -وهو مراجعة مدتها 5 سنوات للتقدم الذي تم إحرازه في تنفيذ اتفاقية باريس- تقييمًا شاملاً للتقدم المحرز منذ اعتماد الاتفاقية في 2015.
وسيساعد هذا في تنسيق الجهود بشأن العمل المناخي، بما في ذلك التدابير التي يجب وضعها لسد الفجوات في التقدم، كما ستعمل رئاسة دولة الإمارات لـCOP28 على ضمان استجابة العالم لضريبة السلع والخدمات بخطة عمل واضحة.
دفع العمل المناخي
من جانبه، قال الرئيس المعين لقمة المناخ كوب 28 الدكتور سلطان الجابر، إنه سيعمل جاهدا مع الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لبناء توافق في الآراء بين الأطراف لدفع العمل المناخي.
وأضاف: "معًا سنمنح الأولوية للجهود المبذولة لتسريع خفض الانبعاثات من خلال التحول العملي للطاقة، وإصلاح استخدام الأراضي، وتحويل النظم الغذائية".
واختتم كلمته، قائلا: "سنعمل على حشد الحلول للبلدان الضعيفة، وتفعيل الخسائر والأضرار، وتقديم المؤتمر الأكثر شمولاً قدر الإمكان".