"الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا" تعلن إطلاق سراح أكثر من 73 محتجزاً من سجن معيتيقة
خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025
أعلنت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، عن إطلاق سراح أكثر من 73 محتجزًا من مؤسسة الإصلاح والتأهيل الرئيسية بطرابلس (معيتيقة) خلال 6 أشهر، وذلك في إطار جهودها المستمرة لمعالجة أوضاع السجناء والمعتقلين والمحتجزين تعسفيًا، وضمان احترام أوامر النيابة العامة والأحكام القضائية.
وأكدت المؤسسة، في بيان اطلعت عليه "جسور بوست"، أن عملية الإفراج جرت خلال الفترة من يناير وحتى يوليو 2025، بالتعاون مع الجهات القضائية والأمنية، وعلى رأسها مكتب النائب العام، وذلك بهدف إنهاء حالات الاحتجاز خارج إطار القانون، وتعزيز العدالة وسيادة القانون في ليبيا.
وأشارت المؤسسة الحقوقية إلى أنها أحالت في 4 يونيو الماضي قاعدة بيانات تضم 68 محتجزًا صُدرت بحقهم أوامر إفراج قضائية نهائية، إضافة إلى 28 آخرين لم يُعرضوا على النيابة العامة، إلى إدارة جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس، من أجل التحقق من أوضاعهم والبدء في إجراءات الإفراج عنهم.
استجابةً للتقارير الحقوقية
وأضافت المؤسسة أن هذه الإجراءات تأتي استجابةً للتقارير الحقوقية المحلية والدولية، ومعالجة للأوضاع القانونية للمحتجزين الذين انتهت مدد عقوبتهم أو بُرئوا من التهم المنسوبة إليهم، وكذلك المحتجزون دون سند قانوني أو تجاوزت مدة احتجازهم الحد الأقصى للعقوبة القانونية.
كما أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أنها ستواصل العمل بحياد واستقلالية تامة من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، وخاصة في مؤسسات الإصلاح والتأهيل، وستبذل كل جهد ممكن لضمان حماية كرامة الإنسان وحقه في المحاكمة العادلة، بعيدًا عن أي توظيف سياسي للقضايا الإنسانية.
ملف السجون والمعتقلات
ومنذ اندلاع النزاع المسلح في ليبيا عام 2011، بات ملف السجون والمعتقلات من أكثر الملفات الحقوقية تعقيدًا وحساسية، في ظل الانقسام السياسي وغياب سلطة قضائية موحدة، ما أدى إلى تفشي ظاهرة الاحتجاز خارج إطار القانون، ووجود مئات المعتقلين قيد الحبس التعسفي، أو دون محاكمة عادلة.
وتُشير تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية، من بينها الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، إلى أن العديد من مراكز الاحتجاز في ليبيا تخضع لسيطرة جماعات مسلحة، بعضها يعمل رسميًا تحت غطاء مؤسسات الدولة، ما يعقد من مسار المحاسبة والرقابة القضائية.
ومن أبرز الانتهاكات الموثقة في ليبيا هو الاحتجاز دون محاكمة لفترات طويلة تتجاوز الحدود القانونية، والتعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز، والحرمان من الرعاية الصحية، ووجود بيئات احتجاز غير إنسانية، وغياب الرقابة القضائية المنتظمة على المؤسسات السجنية، وخاصة في مناطق النزاع.
وقد أظهرت تقارير بعثة تقصي الحقائق الأممية أن بعض المعتقلين يقبعون خلف القضبان رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عنهم، في تجاهل واضح لقرارات القضاء.
تسوية أوضاع المحتجزين
في السنوات الأخيرة، سعت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا وعدة منظمات مدنية إلى التفاوض مع الجهات الأمنية والقضائية من أجل تسوية أوضاع المحتجزين، خاصة من صدرت بحقهم أحكام بالبراءة أو من تجاوزوا مدد العقوبة القانونية، مع المطالبة بإغلاق السجون غير الرسمية، ودمج مراكز الإصلاح في منظومة قضائية خاضعة للرقابة.
لكن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، من بينها ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية والقضائية، وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية، وضعف الموارد والبنية التحتية للمؤسسات العقابية.
وتُعد تسوية أوضاع السجناء جزءًا من أي عملية مصالحة وطنية حقيقية، حيث يشكل استمرار الانتهاكات داخل السجون تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان، ومانعًا من بناء دولة قانون ومؤسسات في ليبيا.