ضحايا الانقلاب العسكري في النيجر.. مأساة تتعاظم وسط دعوات للعدالة والاستقرار

ضحايا الانقلاب العسكري في النيجر.. مأساة تتعاظم وسط دعوات للعدالة والاستقرار

خبراء: الحياة حق إنساني وعلى المجتمع الدولي تقديم الدعم لضحايا الانقلاب بالنيجر

شتان بين أمس النيجر وحاضرها، ففيما كانت تسبح الدولة الإفريقية الفقيرة على أمواج هادئة وحالة من الاستقرار لأكثر من عقد من الزمان، ما أهلها لتقدم نفسها على أنها واحة للاستقرار في محيط مضطرب، وشريك موثوق للدول الغربية، باتت اليوم حالتها الإنسانية توصف بـ"المأساة، وتستوجب المناشدة الدولية لحماية الإنسان وحقوقه بها.

تعيش جمهورية النيجر حالة من الصدمة والحزن العميق بعد وقوع انقلاب عسكري مروّع أسفر عن سقوط العديد من الضحايا الأبرياء، ففي الأشهر الأخيرة، شهدت النيجر تصاعدًا للتوترات السياسية والاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يتحول الوضع إلى كارثة بهذا الحجم. 

وتبنت جماعة تطلق على نفسها "النصرة" والموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي، المسؤولية عن هجوم ضد جيش النيجر، هو الأول منذ وقوع الانقلاب العسكري في البلاد.

الهجوم نفذته الجماعة صباح الأربعاء 9 أغسطس، في ولاية "تيلابير" في المثلث الحدودي الملتهب بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا وتعرض السكان المدنيين لأعمال العنف والقمع، وعلى الرغم من إعلان الجماعة العسكرية عن وعود بتحقيق الاستقرار والأمان، فإن الواقع يشير إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وتعرض المدنيين للتعذيب والاعتقال التعسفي. 

ووفقًا لتحليل الأوضاع فإن المخاوف تتزايد من تفاقم الأزمة الإنسانية في النيجر، حيث يعاني الآلاف من النازحين واللاجئين من نقص في المأوى والغذاء والرعاية الصحية، ويتعرض الأطفال والنساء وكبار السن لخطر الإهمال والاستغلال والعنف الجنسي، وتظل العديد من المناطق النائية خارج نطاق الإغاثة والمساعدة الإنسانية، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني وتهديد حياة العديد من الأشخاص المحاصرين. 

انتهاكات حقوق الإنسان

تشهد النيجر حاليًا مطالبات متزايدة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بإجراء تحقيق شفاف ومستقل في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال الانقلاب العسكري، يجب أن تتم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتوفير العدالة للضحايا وعوائلهم.

وتعد منطقة "تيلابيري" هدفا لأسوأ هجمات الجماعات الإرهابية التي شهدتها النيجر، ففي مارس 2021 شن إرهابيون هجوما على مدنيين، في أحد الأسواق في منطقة بانيبانغو- شينيغودار في تيلابيري أسفر عن مقتل 58 شخصا على الأقل. 

وشهد يناير 2020 مقتل 89 جنديا نيجريا في الهجوم على معسكر في شينيغودار، في تيلابيري، كما قتل 71 جنديا، خلال ديسمبر 2019، في هجوم استهدف معسكرات في "إيناتس" في تيلابيري أيضا.

"جسور بوست"، بحثت ما يعانيه ضحايا الانقلاب من إهمال وتعذيب، وناقشت مع خبراء الحلول الناجزة سواء كانت من النيجر أو المجتمع الدولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان الحادثة هناك.

على المجتمع الدولي تقديم الدعم

علق خبير القانون الدولي، الدكتور مصطفى سعداوي بقوله، إن النيجر كانت تنعم بمستقبل واعد لولا هذا الانقلاب الحادث مؤخرًا، ففي الوقت الذي كان القلق الغربي يتصاعد من انتشار الحركات المتطرفة وموجات الهجرة إلى أوروبا، تصرفت النيجر بشكل حكيم وأصدرت قانونا يجرم نقل المهاجرين في جميع أنحاء غرب إفريقيا، وحصلت بالمقابل على مساعدات أوروبية وإنمائية، هذه الجهود للأسف أهدرت وتبدل الحال وانتهكت حقوق الإنسان، ومن المهم أن تعمل الجهات المعنية على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في النيجر، وتعزيز حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، في ظل هذه الأوضاع الصعبة، ينبغي على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم للنيجر والعمل على تعزيز الحوار الوطني والمصالحة الوطنية، بهدف إعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة وتحقيق الاستقرار المستدام. 

وأتم، تعيش النيجر حاليًا فترة انتقالية حساسة تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية للتغلب على التحديات الراهنة، يجب أن يكون للنيجر حكومة قوية وشفافة تعمل على تحقيق العدالة والمصالحة وتلبية احتياجات الشعب النيجري، كما يجب أن تتولى المنظمات الإنسانية والإغاثية دورًا فعالًا في تقديم المساعدة والدعم للمتضررين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، فإن ضحايا الانقلاب العسكري في النيجر يجب ألا ينسوا، ويجب أن يتم تسليط الضوء على مأساتهم وتحقيق العدالة لهم، وينبغي أن تقف المجتمعات الدولية والمنظمات الحقوقية بجانب الضحايا وتعمل على استعادة الاستقرار والسلام في النيجر.

خبير القانون الدولي - الدكتور مصطفى سعداوي

خبير القانون الدولي - الدكتور مصطفى سعداوي

حقوق يجب معرفتها

بدوره، علق عميد كلية حقوق القاهرة، الدكتور محمود كبيش بقوله، إن ما يجب ملاحظته أن الوضع القانوني لضحايا الانقلاب العسكري يختلف من بلد لآخر، ويعتمد على التشريعات والنظم القانونية المعمول بها في كل دولة بشكل فردي، لذلك، وإجمالًا يعتبر الانقلاب العسكري حدثًا سياسيًا تقوم فيه قوات عسكرية بإطاحة الحكومة المنتخبة بالقوة وتولي السلطة، وفي حالة حدوث الانقلاب العسكري، يمكن أن يواجه الضحايا العديد من التحديات القانونية والتعسف فيما يتعلق بحقوقهم وحمايتهم وعليهم معرفة حقوقهم والتشبث بها، من بين القضايا القانونية التي تواجه ضحايا الانقلاب العسكري الحق في الحياة والحرية، يتعرض الضحايا للخطر الفوري للضرب أو القتل أو الاعتقال التعسفي من قبل القوات العسكرية أو الأجهزة الأمنية المرتبطة بالانقلاب. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، بموجب القانون الدولي، لكل إنسان الحق في الحياة والحرية وعدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ويجب أن يكون لضحايا الانقلاب العسكري الحق في العدالة والمحاكمة العادلة، على أن يتم محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت أثناء الانقلاب. 

د. محمود كبيش: 3 أسباب تجعل استعادة الأموال بالخارج «أمراً مستحيلاً»..  وجهات بالدولة تعرقل إنهاء طلبات التصالح - تحقيقات وملفات - الوطن

الدكتور محمود كبيش

واستطرد، على المجتمع الدولي إتاحة للأفراد حق الدفاع عن أنفسهم والتعبير عن آرائهم دون تعرض للتهديد أو العقاب، ولا ننسى الحق في التعويض، إذا تعرض الضحايا لأضرار مادية أو جسدية أو نفسية نتيجة للانقلاب العسكري، فقد يكون لهم حق في الحصول على تعويض عادل ومناسب، كذلك فإن من حق الضحايا اللجوء والبحث عن حماية دولية في حالة عدم توفر الحماية المناسبة في بلدهم.

وأتم، أنصح دائمًا الأفراد الذين يواجهون هذه الظروف بالاستعانة بمحامٍ متخصص في حقوق الإنسان أو الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان للحصول على المشورة القانونية المناسبة والدعم.

 


 

 


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية