الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم معاناة السوريين مع تصاعد القتال
الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم معاناة السوريين مع تصاعد القتال
حذرت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا من تفاقم معاناة السوريين بسبب القتال والاضطراب على العديد من الجبهات، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي الشديد واستمرار الانتهاكات والاعتداءات المتصلة بحقوق الإنسان.
جاء ذلك في أحدث تقرير أصدرته اللجنة، أمس الثلاثاء، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
ودعا رئيس اللجنة سيرجيو بينيرو الجهات الفاعلة إلى وقف الهجمات على المدنيين والاستجابة للاحتياجات الملحة.
وفي تعليقه على موجة الاحتجاجات الأخيرة، حث بينيرو الحكومة في دمشق على إيلاء العناية والتفاعل بشكل إيجابي مع الطموحات والحقوق المشروعة للسوريين كحل لوضع حد للنزاع.
وأكدت اللجنة، في بيان صحفي، مجددا الحاجة لقيام الدول بمراجعة التدابير القسرية أحادية الجانب وتأثيرها على المدنيين السوريين وعلى الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، لا سيما بسبب طابعها المتسم بالمبالغة.
وشددت على ضرورة أن تظل الإجراءات البناءة المعتمَدة لتخفيف العقوبات بعد الزلزال قائمة، ودعت كذلك إلى إجراء استعراض عاجل لعملية إيصال المساعدة الإنسانية ولفاعليتها، وذلك بالنظر إلى الاحتياجات الماسة القائمة.
جرائم الحرب
ووثّق التقرير قيام الحكومة وأطراف أخرى، بشكل غير مبرر، بعرقلة وصول المساعدة المُنقِذَة للحياة، في أعقاب الزلازل المدمرة في فبراير، بالإضافة إلى مواصلة قصف أهداف في المنطقة المتضررة من الزلزال.
ومن أصل 15 هجمة وثقها التقرير في المنطقة المنكوبة من جراء الزلزال، قد ترقى العديد منها إلى مستوى جرائم الحرب، وفقا للتقرير.. وأدت هجمات يُشتبه بأن إسرائيل قد شنتها إلى إخراج بنى تحتية أساسية للنقل عن الخدمة، بما يرافق ذلك من تداعيات تؤثر على العمليات الإنسانية.
وقالت عضوة اللجنة ولشمان إن "هذه الحالات، وكذا فشل مجلس الأمن في التوصل إلى توافق في الآراء خلال يوليو بشأن تمديد آلية وصول المساعدة الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي، يمثلان تذكيرا صارخا بكون الأعمال العدائية والتسييس والتشتت في سوريا عوامل تلحق الأذى بالمدنيين وتحرمهم من مساعدة هم في أمس الحاجة إليها.. ثمة حاجة لإجراء استعراض شامل للدروس التي يمكن استخلاصها من حالات الفشل في سياق الاستجابة للزلزال".
وشهدت الأسابيع الماضية كذلك زيادة الصراع في إدلب الكبرى، ما أدى إلى نزوح الآلاف، وكذا إلى قتل العشرات في دير الزور، بالإضافة إلى مظاهرات واسعة النطاق، للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ولا سيما في السويداء وفق تقرير اللجنة.
إتاحة الوصول
وأشار التقرير إلى مواصلة أطراف النزاع ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال القيام، بشكل عشوائي، باعتقال وتعذيب وإعدام المدنيين وتعريضهم للاختفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الأطراف.
وجددت اللجنة دعوتها من أجل إطلاق سراح كل المعتقلين بشكل تعسفي في سوريا، ومن أجل وصول مراقبين مستقلين إلى كل أماكن الاحتجاز.
وفي مخيمَي الهول والروج، وثقت اللجنة الظروف القائمة التي ما زالت ترقى إلى مستوى المعاملة القاسية واللاإنسانية والاعتداء على الكرامة الإنسانية، والتي تطال حوالي 52 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، محتجزين لما يقارب 5 سنوات في تلك الأماكن.
تطور إيجابي
وضمن تطور إيجابي، قالت اللجنة إنها أحيطت علما بإعلان محكمة العدل الدولية عن عقد جلسات استماع علنية يومي 10 و11 أكتوبر بشأن الإجراءات الموجهة ضد سوريا ارتباطا بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
وبرغم إدانة مسؤولين سوريين بجريمة التعذيب، تُعد هذه المرة الأولى التي تدعى فيها الدولة السورية إلى الدفاع عن سجلها، وفقا للجنة التي أعربت عن أملها في أن ينعم الناجون وأهاليهم بفرصة المشاركة بصفة مجدية في هذه الإجراءات.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت قرارا في يونيو بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بتحديد مصير المفقودين في سوريا.
ورحب عضو اللجنة هاني المجلي بهذا القرار البارز، مشيرا إلى أن الأهالي يتوقعون أن يتم تعبئة أفضل الخبرات والمنهجيات والتكنولوجيا والموارد سواء من أجل البحث عن المفقودين أو تقديم المساعدة والدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين.
نزاع دامٍ
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، حيث أودت الحرب التي اندلعت في البلاد بحياة نحو 500 ألف شخص، وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ولا تزال عائلاتهم بانتظار أخبار عن مصيرهم.
ودمرت البنية التحتية والقطاعات المنتجة في البلاد وشرد الملايين من الأشخاص الذين فروا إلى دول الجوار العربية والغربية، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فضلاً عن أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة سيعاني منها الشعب السوري لسنوات خاصة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية.
وبات غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني أكثر من 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.
ولم تسفر الجهود الدبلوماسية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، أو وقف جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، رغم جولات تفاوض عدة عقدت منذ 2014 بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
وبعد مرور اثني عشر عاما على اندلاع الأزمة، لا تزال سوريا تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح 6.6 مليون شخص داخل البلاد وهناك ما لا يقل عن 5.3 مليون لاجئ مسجل في البلدان المجاورة.