عيد الحب.. رؤية بين الحقيقة والأسطورة
عيد الحب.. رؤية بين الحقيقة والأسطورة
لا شك أن الحب أسمى شيء في الوجود ولا يوجد كلام لوصفه ولا تعبيرات تكفي لشرح هذا الإحساس الرائع الذي يشعر به الإنسان تجاه من يحب.
ومن الخطأ كل الخطأ حصره في نظرة ضيقة للغاية ووضعه في إطار يخنق هذا الإحساس الجميل، فالحب لا يقتصر على علاقة بين رجل وامرأة، بل قد يكون بين رجل ورجل، امرأة ورجل، امرأة وامرأة، فالحب أصل الوجود وإكسير الحياة.
والحب أنواع حب الأم لأبنائها وحب المواطنين الوطن وحب الزوج لزوجته، هذا الحب الذي باركته كل الأديان وضعه الله في القلوب لتنمو ولتتكاثر.
الحب في عيد الحب
والحقيقة أن حصر عيد الحب في اتجاه ديني واحد أو عرقي أمر غير مقبول فالحب أمر ملك للبشرية جمعاء ولأن الحب يقف صامداً أمام التجارب والمصاعب لذا فإن "المياه الكثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تقدر أن تغمرها". ولو امتلك الإنسان السنة الملائكة ولم يمتلك المحبة فلا يمتلك شيئاً.. غير أن الحب ليس بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق.
والفالنتين داي، أو عيد الحب، هو فرصة تتبادل فيه النفوس المشاعر الرقيقة، والقلوب تفيض بأسرارها... بل ليكن حب الآخر هو الهدف الأسمى في كل إنجازاتنا ذلك أن الذين "دأبوا على الحديث عن ضرورة (محبة القريب في الله)، فإن في استطاعتنا أن نقول إنّ المهم هو (محبة الله في القريب)". والواقع أنه لا معنى للحديث عن محبة الآخرين من خلال الله، فإن مثل هذه المحبة لن تكون سوى حب إلهي دائري، وإنما لا بد لنا من أن نمضي مباشرة نحو (الآخر)، لكي نحبه في ذاته بوصفه أخاً لنا في الإنسانية.
وبغض النظر عن السبب الحقيقي الذي لا يعرفه حتى الذين يحتفلون به، فإن يوم الفالنتاين أو عيد الحب كما يسميه العرب ليس سوى يوم يتبادل فيه الأزواج والمحبون الهدايا ويلتقون في اليوم نفسه على مائدة الغذاء أو العشاء أو يتراسلون إن كانوا بعيدين عن بعضهم أو يتهاتفون، وقد تكون الحبيبة زوجة في الغالب أو خطيبة أو محبوبة أو حبيبا.
ولعل أكثر ما نحتاجه في هذه الأيام الصعبة هو الحب الحقيقي، حب يجعلنا نفتح قلوبنا لمن حولنا.. للعطف والحنان.. للتسامح والتخلي عن الحقد.
كم امرأة تتمنى أن يدخل عليها زوجها بباقة ورد ويقول لها والابتسامة تعلو وجهه: كل عام وأنت بخير يا حبيبتي؟
كم امرأة لم تعد تسمع كلمة يا حبيبتي من زوجها بعد الزواج بعدة سنوات وبعضهن حتى قبل الزواج؟
كم امرأة تحتاج ليوم تشعر فيه بحبيبها وهو يقلدها هدية جميلة بهذه المناسبة يجدد فيها محبته ووفاءه؟
كم رجل يتمنى أن تستقبله زوجته بثياب العرس مرة بالسنة على الأقل لتقول له أحبك من جديد؟
ونقول لمن يرفض فكرة الاحتفال بعيد الحب لماذا نحرم أنفسنا من هذه العاطفة الخلابة في هذا اليوم؟ إننا نحتفل بعيد الأم فهل الاحتفال بعيد الأم ضلالة؟ لماذا نحتفل بعيد العمال ولماذا نحتفل بالعيد الوطني لكل دول العالم؟ هل هذه بدعة عندما نتذكر الأسرة وترابطها بيوم يطلق عليه يوم الأسرة، هل هذا حرام بدوره؟
نشأة عيد الحب
يعود تاريخ الاحتفال بعيد الحب إلى زمان بعيد يرجع إلى العصور الرومانية حيث كان يوجد مهرجان يسمى مهرجان الخصب ""Luper Calia كان يقام في 15 فبراير لضمان الخصب للناس والقطيع والحقول، وفي هذا المهرجان كان يتم التضحية بالخراف والكلاب. وكان الاحتفال يقام على شرف الإلهة "خونو- Juno" إلهة المرأة والزواج، والإله "بان- Pun" إله الطبيعة. ثم قام البابا "جلاسيس" باقتباس مهرجان الخصب الروماني القديم وتحويله للاحتفال بعيد الحب مع تغيير اليوم ليصبح 14 فبراير بدلاً من 15، ويقام هذا العيد على شرف القديس الروماني "فالنتين" الذي تم سجنه وإعدامه لمساعدة الآخرين وكان ذلك يوم 14 فبراير عام 270 قبل الميلاد، حيث قام الإمبراطور الروماني "كلاديوس" بإصدار أوامره بعدم الزواج أثناء وقت الحرب لأنه كان يعتقد أن الزواج يضعف من قدرة الرجال والجنود على القتال في الحروب، لكن القس "فالنتين" ذهب ضد رغبته وكان يقوم بتزويج الأفراد وإقامة احتفالات الزواج، لذلك أصدر أوامره بسجنه.
وخلال فترة سجنه وقع في حب ابنة السجان العمياء والتي استعادت بصرها عقب زواجها منه، وقبل إعدامه قام بإرسال رسالة لها استطاعت قراءتها جيدا وكان الإمضاء "فالنتين"، وقد ارتبط هذا اليوم بعد ذلك بإرسال الهدايا والكروت للتعبير عن الحب، وجاء هذا اليوم تخليداً لذكرى القديس "فالنتين" وهو نفس اليوم الذي تم إعدامه فيه ليصبح يوم الحب العالمي.
مظاهر عيد الحب
لعل من أهم الظواهر المرافقة للاحتفال بهذا اليوم هو اللون الأحمر والذي يدل على المحبة أهم رمز في هذا العيد -كما يراه مبتدعوه- فالمحلات تضاء باللون الأحمر، والملابس في المحلات التجارية وعلى الناس بلون أحمر، الهدايا، الزهور، كروت المعايدة، الزينة على السيارات وعلى نوافذ البيوت والأشجار، طاولات المطاعم، صحون الطعام، الشموع الموقدة في المحلات والمنازل، المساحيق على وجوه الفتيات، كل ذلك باللون الأحمر!!!
كما تمتلئ المحلات والمطاعم والحدائق ودور السينما ومعظم الأماكن العامة بالشبان والفتيات، كل شاب ومعه صديقته!! مما جعل الكثير من المطاعم ودور السينما والفنادق تسعى للاستفادة قدر المستطاع من هذه الظاهرة بتزيين محلاتهم وتقديم الهدايا خلال هذا اليوم والمحافظة على خصوصية كل اثنين مع بعضهما البعض قدر المستطاع!
وقد أدى ذلك إلى نشوء ظاهرة جديدة لدى أصحاب المحلات الكبيرة والفنادق وهي تقديم برامج فنية خاصة بهذا اليوم، حيث يجري فيها استعراضات لقصص الحب، وتمثيليات معبرة عن أحد رموز هذا العيد، وتقديم أغانٍ عاطفية وتوزيع هدايا وكلهم يسعون إلى استغلال جيوب المحبين قدر المستطاع بتقديم كل ما هو ممكن!
وللحب في زمن الإنترنت طعم مختلف؛ إذ يزداد عدد الأوروبيين الباحثين عن علاقة عاطفية من خلال الإنترنت يوماً بعد يوم، وفي مناسبة عيد الحب تزداد المواقع المتخصصة في تقريب الأشخاص من بعضهم البعض، ويزداد بالتالي عدد الأشخاص الذين يحاولون الدخول إلى هذه المواقع.