الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تفوز بجائزة نوبل للسلام.. وطهران تندد
الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تفوز بجائزة نوبل للسلام.. وطهران تندد
فازت الناشطة الإيرانية نرجس محمدي، المسجونة في طهران، الجمعة، بجائزة نوبل للسلام، مكافأةً لها على نضالها ضدّ قمع النساء في إيران، حيث بات العديد منهنّ يتخلّى عن الحجاب الإلزامي رغم حملة القمع.
ومن جانبها، سارعت إيران إلى التنديد بمنح الناشطة هذه الجائزة، معتبرة أنّ هذا القرار "سياسي ومتحيّز"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".
يأتي منح نرجس محمدي الجائزة عقب موجة احتجاجات شهدتها إيران إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني قبل عام، بعد أيام على توقيفها لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.
سُجنت، الناشطة والصحفية نرجس محمدي البالغة من العمر 51 عاما، مرات عدة في العقدين الماضين على خلفية حملتها ضد إلزامية الحجاب ورفضا لعقوبة الإعدام.
ونرجس محمدي، نائبة لرئيس "مركز الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران" الذي أسسته المحامية في مجال حقوق الإنسان شيرين عبادي، وهي بدورها حائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003.
ودعت رئيسة لجنة نوبل، النرويجية بيريت رايس أندرس، إيران إلى الإفراج عن نرجس محمدي، وكررت الأمم المتحدة الدعوة على الفور.
وقالت أندرس، "أناشد إيران.. افعلوا شيئا كريما وأطلقوا سراح الفائزة بجائزة نوبل نرجس محمدي".
كلفة شخصية كبيرة
وأضافت مقتبسة من إعلان اللجنة "كفاحها الشجاع كانت له كلفة شخصية كبيرة، في الإجمال، اعتقلها النظام 13 مرة، وأدانها 5 مرات، وحكم عليها في المجموع بالسجن 31 عاما و154 جلدة".
وفي حديث إلى الصحافة عقب الإعلان، دعت أندرس، إلى إطلاق سراح محمدي، قائلة "إذا أرادت السلطات الإيرانية اتخاذ القرار الصحيح، فستطلق سراحها، يمكنها حينئذ الحضور لتلقي هذا التكريم، وهو ما نأمله في المقام الأول".
من جهتها، أشادت عائلة الفائزة بـ"لحظة تاريخية في المعركة من أجل الحرية في إيران".
وقال نجلها "علي" -لم ير والدته منذ 8 أعوام- خلال مؤتمر صحفي في باريس "أنا فخور جدا، فخور جدا بها وسعيد جدا"، ويرى أن هذه الجائزة مكافأة للشعب الإيراني.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان، إن منح الجائزة لـ"محمدي"، "تكريم لجميع النساء المكافحات من أجل حقوقهن على حساب تعريض حرياتهن وسلامتهن بل حتى أرواحهن للخطر".
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، على منصة (X) إن منحها لمحمدي يظهر "القوة التي تمثلها النساء من أجل نيل الحرية، لا يمكن سجن صوت محمدي الشجاع، فمستقبل إيران في نسائها".
أما الكرملين، حليف طهران، فاكتفى بالقول إن ليس لديه أي تعليق.
ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من غرناطة بجنوب إسبانيا حيث حضر قمة أوروبية غير رسمية بـ"هذا الاختيار القوي جدا للمناضلة من أجل الحرية"، فيما أشادت واشنطن "بشجاعة" الفائزة.
إيران تدين
في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كناني في بيان "نلاحظ أن لجنة نوبل منحت جائزة السلام لشخص أدين بارتكاب انتهاكات متكررة للقوانين وارتكب أعمالا إجرامية".
وأضاف "ندين هذا القرار السياسي الأحادي"، مشددا على أن "ادعاءات خاطئة حول التطورات في إيران قد قُدِّمَت في بيان اللجنة".
وندد بـ"عمل سياسي وتدخلي تشارك فيه بعض الحكومات الأوروبية".
ومن سجنها، قالت نرجس محمدي في رسالة إلى وكالة "فرانس برس" الشهر الماضي، إن الاحتجاجات الأخيرة في إيران "سرّعت عملية تحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة في إيران"، وأنها عملية باتت الآن "لا رجعة فيها".
وقد عمدت، مع 3 نساء أخريات في سجن إوين، إلى إحراق حجابهن في الذكرى السنوية لوفاة أميني في 16 سبتمبر.
المساواة الجندرية
وتحتل إيران المرتبة 143 من بين 146 دولة في ترتيب المساواة الجندرية للمنتدى الاقتصادي العالمي.
قمعت السلطات الإيرانية بشدة التظاهرات التي رفعت شعار "امرأة حياة حرية"، وقُتل خلالها ما مجموعه 551 متظاهرا بينهم 68 طفلا و49 امرأة بحسب منظمة "حقوق الإنسان في إيران" واعتُقل آلاف آخرون.
وتراجعت التحركات أواخر العام الماضي، ورغم ذلك، مهّدت الاحتجاجات لاختلاف يبدو جليا في بعض أنحاء طهران والمدن الكبرى، وهو تخلّي العديد من النساء عن الحجاب الإلزامي أو وضع غطاء للرأس في الأماكن العامة.
في مقابل هذه الممارسات الاعتراضية، عمدت السلطات إلى تشديد لهجتها وإجراءاتها من خلال الإعلان عن قيود إضافية لضبط الالتزام بوضع الحجاب، مثل استخدام كاميرات مراقبة في الشوارع، وتوقيف ممثلات شهيرات لظهورهن بلا حجاب.
في سبتمبر تبنى البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون قانونا يشدد العقوبة بحق النساء اللاتي يرفضن وضع الحجاب.
لا أمل في الحرية
ومعتبرة محمدي "قائدة بلا منازع" للتظاهرات، قالت ريس أندرسن، إن "جائزة نوبل هذا العام تكرم أيضا مئات آلاف الأشخاص الذين تظاهروا في العام السابق ضد سياسات التمييز والقمع للأنظمة الثيوقراطية والتي تستهدف النساء".
وقالت عائلة محمدي في رسالة خطية، الجمعة، إن منحها الجائزة يمثل "لحظة تاريخية ومهمة للنضال من أجل الحرية في إيران".
بدورها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن الجائزة "تعترف بالنضال الشجاع والنبيل للنساء الإيرانيات اللاتي يتحدين القمع".
ومحمدي مسجونة هذه المرة منذ نوفمبر 2021، ولم تر أولادها الذين يعيشون في فرنسا مع زوجها، منذ 8 سنوات.
وإذ تعتبرها منظمة العفو الدولية "سجينة رأي" قالت محمدي في رسالتها إلى فرانس برس إن "ليس لديها أي أمل في الحرية".
وهي ثاني إيرانية تفوز بجائزة نوبل للسلام التي تأتي في الذكرى العشرين لمنح الجائزة للمحامية في مجال حقوق الإنسان شيرين عبادي مكافأة لها على "جهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، خصوصا النساء والأطفال.
في 2003 تحدت شيرين عبادي المحافظين برفض وضع الحجاب عندما تسلمت جائزتها في أوسلو.
وستكون لجائزة هذا العام رمزية أيضا إذ تتزامن مع الذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وإذا بقيت خلف القضبان لن تتمكن محمدي من التوجّه إلى أوسلو لتسلم الجائزة التي تشمل شهادة وميدالية ذهبية ومليون دولار، في الحفل السنوي لتوزيع الجوائز في 10 ديسمبر.
وسبق أن كافأت جائزة نوبل مرات عدة نشطاء في السجن، بينهم العام الماضي البيلاروسي أليس بيالياتسكي الذي تسلمت زوجته الجائزة نيابة عنه، والمعارض الصيني ليو تشايوبو في 2010 الذي بقي مقعده شاغرا.