"واشنطن بوست": وقوف أوكرانيا بجانب إسرائيل يهدد علاقتها بالعرب والمسلمين

"واشنطن بوست": وقوف أوكرانيا بجانب إسرائيل يهدد علاقتها بالعرب والمسلمين

عرّض دعم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الفوري والقوي لإسرائيل في حربها ضد حماس موقف بلاده للخطر، حيث باتت مهددة بخسارة ما يقرب من عام من الجهود المتضافرة التي بذلتها كييف لكسب دعم الدول العربية والإسلامية في حربها ضد روسيا، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

ساعدت تصريحات زيلينسكي المبكرة التي تدعم إسرائيل بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس، والذي قتل فيه أكثر من 1400 إسرائيلي، أوكرانيا على البقاء في دائرة الضوء الدولية، ووضعتها بقوة إلى جانب الولايات المتحدة.

ولفت موقف زيلينسكي الانتباه إلى العلاقة الوثيقة بشكل متزايد بين روسيا وإيران، التي تعد الداعم الأول لحماس، العدو اللدود لإسرائيل، وأيضا موردا مهما للطائرات بدون طيار والأسلحة الأخرى لموسكو.

وقال "زيلينسكي" في خطاب ألقاه أمام الجمعية البرلمانية لحلف الناتو في 9 أكتوبر: "حماس وروسيا هما نفس الشر، والفرق الوحيد هو أن هناك منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل وهنا دولة إرهابية هاجمت أوكرانيا"، ولكن مع دخول العملية العسكرية الإسرائيلية أسبوعها الرابع، وتزايد الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، تشكل الحرب في غزة أحد أصعب الاختبارات الدبلوماسية لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير 2022.

اتهمت دول مثل تركيا والسعودية وقطر التي قدمت في بعض الأحيان دعما حاسما لأوكرانيا، الغرب بازدواجية المعايير في غزة في إشارة إلى الإدانة الواسعة لمقتل المدنيين في أوكرانيا مقارنة بالانتقادات الصامتة لإسرائيل.

ومع ذلك، فإن التوتر مع الدول الإسلامية والعربية هو مجرد خطر واحد يواجه كييف، التي يجب أن تتعامل الآن أيضا مع تحول انتباه العالم إلى حد كبير إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، فضلا عن المطالب المتنافسة للحصول على الدعم العسكري الأمريكي في وقت انتخب فيه الجمهوريون في مجلس النواب للتو رئيسا جديدا، مايك جونسون (لوس أنجلوس)، الذي عارض إرسال مساعدات إضافية إلى أوكرانيا.

وعلى الرغم من موقف أوكرانيا، أشار بعض الخبراء إلى أن إسرائيل أوضحت بالفعل أنها لن ترد بالمثل بدعم أكبر لأوكرانيا.

وقالت الخبيرة في بناء السلام في معهد الشرق الأوسط، رندا سليم، إن إسرائيل ليس لديها خيار سوى الحفاظ على علاقتها مع موسكو، ويرجع ذلك جزئيا إلى سيطرة روسيا على سوريا، وأشارت إلى أن إسرائيل رفضت عرض "زيلينسكي" بالزيارة بعد هجوم حماس.

وقالت "سليم" إن موقف "زيلينسكي" المؤيد لإسرائيل "لم يكن منطقيا"، مضيفا أن العديد من الدول العربية والإسلامية ترى أوجه تشابه بين إسرائيل وروسيا -كقوى عسكرية عدوانية- أكثر مما ترى بين إسرائيل وأوكرانيا.

وقالت: "هذا هو المكان الذي توجد فيه المنطقة العربية.. لن يقبلوا ما يقوله بايدن، مقارنة روسيا وحماس.. إنهم يقارنون أكثر بين روسيا وإسرائيل في ما يتعلق بعدد القتلى واستهداف المدنيين".

وقالت إن "زيلينسكي" يمكن أن يكسب المزيد من الأصدقاء إذا كان "مستعدا للقول إن ما تفعله روسيا في أوكرانيا هو ما تفعله إسرائيل في غزة"، لكنها أضافت "لا أرى أوكرانيا مستعدة للقيام بذلك أو مستعدة للقيام بذلك".

ومثلما لم يقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في البداية أي تعازٍ مباشرة لإسرائيل ولم يوبخ حماس بشدة، كان "زيلينسكي" بطيئا في الحديث عن الحاجة إلى حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة مع تصعيد إسرائيل الغارات الجوية الانتقامية.

عندما وصلت أخبار هجوم حماس لأول مرة، قارن "زيلينسكي" وأعضاء فريقه حماس بروسيا، قائلين إن الأوكرانيين لديهم "فهم خاص حول ما يحدث" للإسرائيليين، حيث إن هناك أعدادا كبيرة من المهاجرين الأوكرانيين والروس الذين يعيشون في إسرائيل.

وبعد 10 أيام فقط، ألمح "زيلينسكي" بشكل غير مباشر إلى قصف غزة من خلال الدعوة إلى الحاجة إلى حماية المدنيين ووقف التصعيد.

وفي الوقت نفسه، ابتعد "زيلينسكي" عن انتقاد الضربات الإسرائيلية، على الرغم من مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين وما لا يقل عن 21 مواطنا أوكرانيا في غزة.

وأصدر وزيرا خارجية تركيا وقطر، اللذان لعبا أدوارا أساسية في التفاوض بين أوكرانيا وروسيا بشأن قضايا مثل تبادل أسرى الحرب والحصار الذي تفرضه روسيا على صادرات الحبوب الأوكرانية، بيانا مشتركا ينتقدان فيه النفاق الغربي.

قال محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: "لا يجوز إدانة قتل المدنيين في سياق واحد وتبريره في سياق آخر"، وأضاف هاكان فيدان أن فشل الغرب في إدانة عمليات القتل في غزة "يشكل معيارا مزدوجا خطيرا للغاية".

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، وجهت الملكة رانيا ملكة الأردن انتقادات حادة: "هل يقال لنا إنه من الخطأ قتل عائلة، عائلة بأكملها، تحت تهديد السلاح، ولكن لا بأس من قصفهم حتى الموت؟".

وقال خبراء آخرون إن جهود "زيلينسكي" لإجراء مقارنات من غير المرجح أن يتردد صداها مع الدول العربية.

قال كريستيان أولريخسن، زميل في جامعة رايس الذي كتب عن العلاقات الأوكرانية العربية: "أوكرانيا لم تكن أبدا في الطليعة بالنسبة للعالم العربي.. إنه صراع لا يعنيهم".

في نهاية هذا الأسبوع، كان من المقرر أن تستضيف أوكرانيا جولة ثالثة من المحادثات تهدف إلى تعزيز الدعم العالمي لـ"خطة السلام"، التي تدعو إلى انسحاب أحادي الجانب للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية المحتلة والاستعادة الكاملة لسيادة أوكرانيا الإقليمية.

وخلافا لما حدث في الاجتماع الأول لصيغة السلام الأوكرانية في أغسطس، الذي استضافته السعودية في جدة وحضره مندوبون من جميع القوى الكبرى تقريبا في عدم الانحياز، لم يتضح ما إذا كان المسؤولون السعوديون سيحضرون الحدث الذي سيعقد في مالطا في مطلع هذا الأسبوع.

تحدث "زيلينسكي" مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفي قراءة للمكالمة الصادرة عن الرياض، لم يكن هناك ذكر لمؤتمر مالطا أو مزيد من المساعدة لأوكرانيا.

الصين، التي انضمت في الأيام الأخيرة إلى روسيا في الدعوة إلى العودة إلى حل الدولتين لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لم تحضر حدث مالطا، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

كانت تركيا تخطط لإرسال وفد إلى مالطا، ولكن في الأيام الأخيرة تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقوة ضد إسرائيل ووصف حماس بأنها حركة مقاومة، في تناقض صارخ مع مواقف زيلينسكي المعلنة.

ومع تصعيد روسيا لهجماتها على الجبهة الشرقية، لا تستطيع أوكرانيا تحمل خسارة أي أصدقاء، هذا صحيح بشكل خاص بالنظر إلى المعارضة المتزايدة من قبل الجمهوريين في الكونجرس لإرسال المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا.

اقترح الرئيس بايدن تقديم 60 مليار دولار إضافية كمساعدة لأوكرانيا، وفي خطاب ألقاه مؤخرا ربط ذلك بزيادة التمويل لإسرائيل وتعزيز حماية الحدود في الولايات المتحدة، لكن يتعين على البيت الأبيض الآن التعامل مع جونسون، رئيس مجلس النواب الجديد، الذي صوت مرارا ضد المزيد من التمويل لأوكرانيا وقال لشبكة "فوكس نيوز" إنه يعتزم فصل التمويل لأوكرانيا عن المساعدات المقدمة لإسرائيل.

وقال "جونسون"، إن واشنطن لن تتخلى عن أوكرانيا لكنه شكك في الأهداف النهائية للبيت الأبيض.

وفي الوقت نفسه، في أوروبا، يحاول رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي التقى مؤخرا ببوتين على هامش مؤتمر في الصين، إسقاط اقتراح مساعدات بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا من الاتحاد الأوروبي.

وسيتم التصويت على حزمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر كجزء من ميزانية الكتلة 2023- 2027 وتتطلب موافقة الدول الأعضاء الـ27.

أعرب تيموفي ميلوفانوف، وزير الاقتصاد الأوكراني السابق، عن ثقته في أن إدارة "زيلينسكي" ستضع خطة لإعادة تعزيز الدعم الدولي لأوكرانيا والحفاظ على الاهتمام بالحرب على المدى القصير إلى المتوسط.

لم تستجب وزارة الخارجية الأوكرانية والإدارة الرئاسية الأوكرانية ومتحدث باسم "زيلينسكي" لطلبات التعليق على ما قد تنطوي عليه خطتهم.

وفي الوقت نفسه، تستعد أوكرانيا لاحتمال أن يتراجع الدعم الأمريكي، وفقا لأوريسيا لوتسيفيتش، مديرة برنامج أوكرانيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية مقرها لندن.

وقال لوتسيفيتش، إن "الخطة البديلة" الأوكرانية -التي تتضح من المشاريع المشتركة الأخيرة مع شركات الأسلحة الألمانية والتركية وكذلك المحادثات مع الشركات المصنعة البريطانية والأمريكية- هي أن تنأى بنفسها قدر الإمكان عن السياسة الخارجية.

وقال لوتسيفيتش: "إذا تخلت أمريكا تماما عن أوكرانيا، فسيكون الأمر صعبا للغاية، لكن أوكرانيا ستواصل القتال بالموارد التي لديها بمفردها ولديها من الحلفاء الأوروبيين".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية