"نيويورك تايمز": القصف الإسرائيلي لغزة يعجل بدفء العلاقات بين السعودية وإيران

"نيويورك تايمز": القصف الإسرائيلي لغزة يعجل بدفء العلاقات بين السعودية وإيران
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

التقى زعيما إيران والسعودية، الخصمان الإقليميان اللذان أعادا العلاقات الدبلوماسية هذا العام، في الرياض، أمس السبت، في قمة دعوا فيها إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وتسليم المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط إلى القطاع الذي تحاصره القوات الإسرائيلية منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي.

وأعلنت الدولتان المسلمتان، اللتان تدعمان فصائل متعارضة في صراعات بالوكالة في أنحاء المنطقة، لأول مرة انفراجتهما الدبلوماسية في مارس، بعد سنوات من العداء، في اتفاق توسطت فيه الصين، لكن لم يتضح ما إذا كان التحول سيؤدي إلى انفراج دائم بين النظام الملكي السني في المملكة العربية السعودية والحكومة الشيعية في إيران.

ومع ذلك، يبدو أن القصف الإسرائيلي لغزة قد عجل بدفء العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، تماما كما كانت الدبلوماسية الحساسة تدفع المملكة العربية السعودية وإسرائيل نحو تطبيع محتمل للعلاقات.. إيران، التي تعتبرها إسرائيل أخطر عدو لها، هي راعٍ قوي لحماس.

وكان في استقبال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي كانت زيارته للمملكة العربية السعودية هي الأولى لرئيس إيراني إلى المملكة منذ أكثر من عقد، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيما كان الرئيس الإيراني يرتدي على كتفه الكوفية، الوشاح المربع الأسود والأبيض الذي أصبح شارة للهوية الفلسطينية.

وكان الزعيمان قد تحدثا هاتفيا لأول مرة بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر، وقالت إيران في مارس إن رئيسي تلقى دعوة لزيارة المملكة بعد وقت قصير من إعلان البلدين استئناف العلاقات.

اندلعت الحرب بعد هجمات 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل من قبل حماس، ومنذ ذلك الحين، قصفت إسرائيل غزة بآلاف الغارات الجوية، وفرضت حصارا على القطاع بقطع المياه والغذاء والوقود وغيرها من الضروريات الأساسية، وشنت غزوا بريا بنية معلنة لتدمير حماس، التي تعتبرها إسرائيل والعديد من البلدان الأخرى منظمة إرهابية.

وأسفرت الحرب الجوية الإسرائيلية والضربات المدفعية عن مقتل أكثر من 10 آلاف فلسطيني، كثير منهم من الأطفال والنساء، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

وفي القمة، انتقد "رئيسي" المجتمع الدولي لصمته بشأن الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين في غزة.

وتعارض كل من إسرائيل والولايات المتحدة، أهم حليف لها، وقف إطلاق النار في الوقت الحالي، قائلة إنه سيسمح فقط للجناح العسكري لحماس بإعادة تجميع صفوفه، على الرغم من أن إسرائيل وافقت على ما يسميه المسؤولون "هدنة إنسانية" للسماح للناس بمغادرة مناطق القتال.

قال ولي العهد السعودي إن الأزمة أظهرت "فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقوانين الدولية".

ودعا المشاركون العرب والمسلمون في القمة إلى فرض حظر على الأسلحة ضد إسرائيل، وقالوا إنه لا يمكن تحقيق السلام الإقليمي دون حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وهو ركيزة لجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن ضغوط دول المنطقة على إسرائيل بدأت تؤتي ثمارها.

وقال في مؤتمر صحفي بعد القمة "بدأنا نرى تحولا في المواقف، ليس كافيا بعد، ولكن التحرك في الاتجاه الصحيح.. بدأنا نسمع أن الدول التي اعتادت أن تعطي إسرائيل شيكا على بياض تتحدث الآن عن حماية المدنيين وأهمية شن القتال داخل حدود القانون الإنساني الدولي والهدنة الإنسانية".

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة إسرائيل إلى وقف القتل في غزة، وكان ماكرون قد أعرب عن دعمه القوي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أعقاب هجمات 7 أكتوبر مباشرة، لكن الدعم الدولي لإسرائيل بعد تلك الهجمات تضاءل مع ظهور صور يومية للدمار والموت في غزة من الحملة العسكرية الإسرائيلية.

وبعد أن أنهى الزعيمان السعودي والإيراني خطاباتهما، غادرا قاعة المؤتمرات الرئيسية لعقد اجتماع ثنائي، وكان ترحيب الأمير محمد بـ"رئيسي" بمثابة تغيير ملحوظ للزعيم السعودي، الذي حذر إيران ذات مرة بصراحة من اتباع سياسات توسعية في المنطقة.

كما شبه ذات مرة المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بهتلر في مقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية، حيث قال لشبكة “سي بي إس نيوز” في عام 2018: "إنه يريد التوسع.. يريد إنشاء مشروعه الخاص في الشرق الأوسط مثل هتلر، الذي أراد التوسع في ذلك الوقت".

وقالت كريستين ديوان، وهي باحثة مقيمة بارزة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن مشاورات الرياض الوثيقة مع إيران أظهرت براغماتية المملكة.

وقالت "ديوان": "إنهم يعلمون أن التعاون الإيراني ضروري لمنع الصراع من الانتشار، وربما حتى في التنقل في نهاية اللعبة مع حماس".

وأضافت "لكن مع محاصرة بعض القادة بالتطبيع ومطالبة آخرين بإجراءات أكثر صرامة فإن السعودية في وضع جيد للتمسك بحل وسط، ولكي ينجحوا، سيحتاجون إلى أن يصعد الأمريكيون".

منذ الحرب، نفذت الميليشيات العراقية والسورية المدعومة من إيران سيلا من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وإن كان الحرس الثوري الإيراني لم يعلن مسؤوليته عنها، كما واصل حزب الله، الميليشيا القوية المدعومة من إيران في لبنان، تبادل إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي، ما أثار مخاوف من صراع أوسع.

كما شهدت علاقات حماس مع إيران تطورا في السنوات الأخيرة، وأعاد يحيى السنوار، أحد قادة الحركة في غزة، علاقات حماس مع إيران، التي توترت في عام 2012، عندما أغلقت حماس مكتبها في سوريا، الحليف الوثيق لإيران، خلال الحرب الأهلية في سوريا.

وعمقت هذه الاستعادة العلاقة بين الجناح العسكري لحماس في غزة وما يسمى بمحور المقاومة، شبكة الميليشيات الإقليمية الإيرانية، وفقا لدبلوماسيين ومسؤولين أمنيين.

وكانت المملكة العربية السعودية قد حددت في البداية عقد قمتين في نهاية هذا الأسبوع، واحدة لجامعة الدول العربية والثانية لأعضاء منظمة التعاون الإسلامي الأكبر بكثير، لكن تم دمجها في حدث واحد يوم السبت، وتم عرض وحدة جديدة، حتى لو كانت ظاهرية.

وحضر القمة أيضا الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وعزز وجود الأسد، الذي كان منبوذا بسبب الفظائع التي ارتكبت في الحرب الأهلية السورية، عودته إلى الحظيرة الإقليمية عندما انضم إلى قمة سنوية للقادة العرب في مايو للمرة الأولى منذ 13 عاما.

كما التقى "رئيسي" بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش القمة وناقش تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران.

وكانت إيران ومصر قد قطعتا العلاقات بعد الثورة في عام 1979 وتم استئنافها لفترة وجيزة خلال الرئاسة القصيرة لمحمد مرسي، أحد كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية