اليوم الدولي لذكرى ضحايا الإبادة الجماعية.. جريمة مرعبة تغذيها النزاعات

يحتفل به في 9 ديسمبر من كل عام

اليوم الدولي لذكرى ضحايا الإبادة الجماعية.. جريمة مرعبة تغذيها النزاعات

رغم مرور 75 عاما على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لا تزال تلك الجريمة النكراء تشكل تهديدا ومخاطر لسكان العالم حتى الآن.

ويحيي العالم، اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة، في 9 ديسمبر من كل عام، للتذكير ببشاعة هذه الجريمة التي تؤدي لتدمير كلي أو جزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

والإبادة الجماعية، هي قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، أو إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، أو نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

ويعد إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، هو التزام عالمي حاسم قُدم مباشرة قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عند تأسيس الأمم المتحدة.

ومع حلول الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاتفاقية الإبادة الجماعية -التي صدقت عليها 153 دولة حتى الآن- تمكنت الاتفاقية لأول مرة من تقنين جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي.

ويظل تحقيق التصديق العالمي الكامل للاتفاقية، فضلا عن ضمان تنفيذها الكامل، ضروريا لإحراز تقدم فاعل في منع جريمة الإبادة الجماعية.

وتعترف ديباجة الاتفاقية بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت بالبشرية خسائر فادحة في جميع فترات التاريخ، وأن التعاون الدولي مطلوب لتحرير البشرية من هذه الآفة الشنيعة. 

وتتضمن اتفاقية الإبادة الجماعية الالتزام ليس بتنفيذ العقاب على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فحسب، بل ومنعها بشكل حاسم، وكان للاتفاقية دور مهم في تطوير القانون الجنائي الدولي، ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة، وتحفيز جهود الوقاية منها، وفي إعطاء صوت لضحاياها.

دروس الماضي القاتمة

بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه "قبل 75 عاما، في أعقاب أهوال المحرقة، اعتمدت الدول اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والاتفاقية هي تجسيد لالتزام عالمي جديد بكفالة ألا تعرض أي شخص لرعب الإبادة الجماعية".

وأضاف غوتيريش في كلمة بهذه المناسبة: "إنه من المحزن أننا نواجه اليوم خطر نسيان دروس الماضي القاتمة، ففي عالم اليوم الذي يطبعه الانقسام العميق وانعدام الثقة والصراع، ما زلنا نواجه التهديد المستمر لهذه الجريمة البشعة".

وأوضح: "لعل في موضوع احتفالنا لهذا العام تذكرة لنا بوجوب أن تبقى الاتفاقية ورسالتها الصالحة لكل زمان بمثابة قوة حية في عالمنا، قوة تدفعنا إلى الوفاء بالوعد المَهيب الذي انبثق عن الاتفاقية".

ومضى الأمين العام قائلا: "يتطلب الوفاء بهذا الوعد التصديق على الاتفاقية وتنفيذها بالكامل من جانب جميع الحكومات، مع الحرص في الوقت ذاته على محاسبة الجناة".

وتابع: "يتطلب ذلك دفعة عالمية مجدَّدة في اتجاه إنشاء وتعزيز آليات الوقاية، وتثقيف الأجيال الجديدة بشأن ما ارتُكب في الماضي من أعمال إبادة جماعية، ودحض المعلومات المغلوطة والمضلِّلة التي من شأنها تأجيج خطاب الكراهية وحمل الناس على إضمار نية الإبادة الجماعية وعلى اقترافها بالفعل".

واختتم غوتيريش، مؤكدا: "يتطلب الأمر مواصلة تعزيز جهود الأمم المتحدة، بما في ذلك عمل مستشارتي الخاصة المعنية بمنع الإبادة الجماعية، للتعرف على علامات الإنذار المبكر ودق ناقوس الخطر.. لنعمل معا على ترجمة التزامنا إلى عمل ملموس، ولنُبق ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية والناجين منها حيّةً في قلوبنا مدى الدهر".

نزاعات بشأن الهوية

وتركز فعالية الأمم المتحدة هذا العام للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقية الإبادة الجماعية، تحت شعار: "قوة حية في المجتمع العالمي: إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".

ويُراد من هذه الفعالية تسليط الضوء على بعض الإنجازات التي انبثقت عن الاتفاقية وإبراز تراثها والتذكير بالجهود التي أدت إلى صياغتها واعتمادها، وكذلك التحديات التي لم تزل تواجه تنفيذها تنفيذا فعالا.

يأتي ذلك إلى جانب استعراض جهود الناشطين في مجال الوقاية من هذه الجريمة والجهود الدؤوبة التي يبذلونها لحماية السكان من ويلات الإبادة الجماعية.

وتقول الأمم المتحدة إن الإبادة الجماعية لا تزال تشكل تهديدا في عالم اليوم، ولا يزال سكان العالم حتى اليوم عُرضة لمخاطر هذه الجريمة، ما يتطلب الاستثمار في الوقاية على النحو الذي تصوره واضعو الاتفاقية قبل 75 عامًا.

ولمنع الإبادة الجماعية والنزاعات التي تؤدي إليها، فإن من الأهمية الحاسمة فهم أسبابها الجذرية، حيث تتمحور معظم دوافع هذه الجريمة على نزاع بشأن الهوية.

وعادة ما تحدث الإبادة الجماعية والفظائع المرتبطة بها في المجتمعات التي تضم جماعات قومية أو عنصرية أو عرقية أو دينية متنوعة تشتبك في نزاعات تتصل بالهوية.

ورغم ذلك ليست الاختلافات في الهوية، سواء كانت حقيقية أو متصورة، هي وحدها التي تولّد النزاع، بل الآثار المترتبة على هذه الاختلافات من حيث فرص الوصول إلى السلطة والثروة، والخدمات والموارد، وفرص العمل، وفرص التنمية، والمواطنة والتمتع بالحقوق والحريات الأساسية.

وتعتبر الأمم المتحدة أن الخطوة الحاسمة على طريق منع الإبادة الجماعية، تتمثل في تحديد العوامل أي الممارسات التمييزية الموجودة في حالة معينة التي تؤدي إلى تفاوتات حادة في طرق إدارة مجموعات متنوعة من السكان، والبحث عن سبل للحد من هذه الأسباب، والقضاء في نهاية المطاف على الأسباب المحتملة للعنف الذي يفضي إلى الإبادة الجماعية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية