مجلة فرنسية ترصد كيف تستعد دول شمال إفريقيا لمواجهة الجفاف والأزمة البيئية
مجلة فرنسية ترصد كيف تستعد دول شمال إفريقيا لمواجهة الجفاف والأزمة البيئية
في الوقت الذي تشهد فيه عدة دول إفريقية أزمة مياه، نتيجة للتغيرات المناخية، وما نجم عنها من جفاف، تتجه دول شمال إفريقيا لعدة مشروعات قومية لموجهة أزمة نقص المياه".
وتحت عنوان: "المغرب والجزائر وتونس.. في مواجهة الجفاف، السباق مستمر لتحلية مياه البحر"، قالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إنه: "في مواجهة الضغوط الناجمة عن نقص المياه، تتنافس دول شمال إفريقيا (المغرب العربي) على مشاريع لمواصلة ضمان توفير الماء الصالح للشرب لسكانها".
ورصدت المجلة الفرنسية، جهود دول المغرب العربي لمواجهة أزمة المياه والجفاف، مشيرة إلى أنه في مواجهة خطورة الوضع، لم يعد لدى المغرب المزيد من الوقت ليضيعه".
وذكرت: "في 16 يناير، ترأس العاهل المغربي محمد السادس اجتماعا خصص لـ"قضية المياه" في سياق يتميز بنقص ملحوظ في التساقطات وضغط قوي للغاية على الموارد المائية عبر جهات المملكة".
وأضافت: "أوضح العرض الذي قدمه وزير المياه، نزار بركة، أمام العاهل المغربي، أن العجز في مياه الأمطار بلغ 70% مقارنة بالمعدل السابق وذلك في الفترة من سبتمبر 2023 إلى منتصف يناير 2024.
ولفتت المجلة الفرنسية إلى: "مؤشر آخر مثير للقلق، هو أن نسبة ملء السدود في أدنى مستوياتها"، مشيرة إلى أنه "بحسب المديرية العامة للهيدروليكا، بلغت 23.3% في 23 يناير الجاري، مقارنة بـ31.5% في نفس الفترة من العام الماضي، أو 3.7 مليار متر مكعب (م3) مقارنة بما يزيد قليلاً على 5 مليارات متر مكعب في العام السابق".
ووفقاً للمجلة الفرنسية، فإنه: "قد وصل النقص إلى درجة أنه تم اتخاذ تدابير لتقييد مياه الري، وحتى مياه الشرب، في بعض البلديات في المغرب".
وقالت "جون أفريك" إن جيران المغرب في شمال إفريقيا يتأثرون بنفس القدر من النقص المائي، موضحة أن تاريخ أحداث الجفاف في منطقة المغرب العربي يشير إلى أن الظاهرة أصبحت بنيوية".
ويشير منسق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لشمال إفريقيا فيليب أنكرز، في تقرير نُشر عام 2023، إلى أن هذه الأزمات لم تعد استثنائية ولمرة واحدة (أي ستستمر لسنوات)، وفقاً للمجلة الفرنسية.
كما حذر تقرير (الفاو) من أن تعزيز إدارة المخاطر والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف في بلدان المغرب العربي "أصبح أمرا حتميا"، موضحاً أن للجفاف تداعيات "تؤثر على كافة أبعاد الحياة الاجتماعية والاقتصادية".
وأوضح تقرير الفاو أيضاً أن "الأمن الغذائي للسكان، يتأثر على وجه الخصوص، بشكل مباشر من نقص المياه، ويؤدي ذلك إلى مشاكل مرتبطة بتلبية الاحتياجات من مياه الشرب والطاقة الكهرومائية والسياحة أو اختلال توازن النظم البيئية".
خطة طوارئ في المغرب
ولمعالجة هذا الوضع، وضعت الحكومة المغربية خطة عمل طارئة لضمان "التزود بالمياه الصالحة للشرب، لا سيما في البلدات والمراكز والمحليات التي تعاني من نقص أو من المحتمل أن يكون كذلك"، بحسب المجلة الفرنسية.
وأشارت "جون أفريك" إلى أنه "بالإضافة إلى تعبئة موارد السدود، تعتمد المملكة أكثر من أي وقت مضى على تحلية مياه البحر، وهي العملية التي تتيح للبلاد بالفعل إنتاج 192 مليون متر مكعب سنويًا من خلال 15 محطة بأحجام مختلفة".
ومن بين جهود المغرب أيضاً، فإنه لدى شركة الفوسفات العملاقة أيضا 3 محطات لتحلية المياه لا توفر فقط جميع احتياجاتها من المياه، بل تسمح لها أيضا بتغطية احتياجات مدينتين (الجديدة وآسفي)، بحسب المجلة الفرنسية.
وأضافت المجلة الفرنسية أنه: "للمضي قدماً، أطلق المغرب عدة مشاريع أخرى واسعة النطاق، مثل محطة الدار البيضاء بسعة 548 ألف متر مكعب في اليوم -قابلة للتوسيع إلى 822 ألف متر مكعب، أو 300 مليون متر مكعب في العام- ومحطة الناظور (250 مليون متر مكعب) سنويا) وهو ما تتطلع إليه مجموعة طاقة المغرب، من بين شركات أخرى".
19 محطة تحلية في الجزائر
وسلطت المجلة الفرنسية الضوء على جهود دولة في شمال إفريقيا، وهي الجزائر، موضحة أنه: "في مواجهة الوضع نفسه، قامت الجزائر بتنظيم استخدام المياه وتعزيز سياسة تحلية مياه البحر".
وبحسب المجلة الفرنسية، فإنه: “من المقرر أن يرتفع عدد المحطات إلى 19 بحلول نهاية عام 2024”، بحسب تصريحات رسمية جزائرية.
وتابعت: "قبل عام 2020، كانت تحلية مياه البحر تمثل 18% من إجمالي حجم المياه المستهلكة".
الجزائر.. جفاف مثير للقلق
من جانبه، أوضح المدير العام للشركة الجزائرية للطاقة محمد بوتابة، وهي شركة تابعة لشركة سوناطراك الوطنية: "أن البلاد تنتج 2.1 مليون م3 من مياه الشرب بتقنية التحلية".
وأضاف في مقابلة مع القناة الثالثة لإذاعة الجزائر العاصمة: “ترغب الشركة أيضًا في إنشاء وحدات تحلية مياه متنقلة، موضحاً: ”ستختار الشركة الجزائرية للطاقة شريكا لبناء محطات تحلية متنقلة في حاويات بقدرة تتراوح من 2500 إلى 2700 متر مكعب يوميا (م3/ي)، بحيث يمكنها مساعدة أي تجمع صغير، سواء لمياه الشرب أو المياه المخصصة للزراعة".
وتابع: "تطمح البلاد إلى تغطية 60% من احتياجاتها من مياه الشرب عن طريق تحلية مياه البحر، مقارنة بـ 18% حاليا".
تونس.. مشروعات تتسارع
ومثل جارتيها، تريد دولة الياسمين الآن إيجاد حلول لنقص المياه لديها، والذي أدى بالفعل إلى اتخاذ العديد من التدابير التي تقيد مياه الشرب والري، بحسب المجلة الفرنسية.
ووفقاً للمجلة الفرنسية فإنه "في أبريل 2023، شهدت تونس بشكل استثنائي عجزًا مذهلاً منذ مخزون المياه الإجمالي في السدود لا يتجاوز 30% من القدرة ويقدر بـ 17% فقط من القدرة في السد الرئيسي في البلاد (سيدي سالم)"، ما دفع البلاد في المضي قدماً في تحلية مياه البحر لمعالجة هذا العجز الهيكلي.
بدوره، أعلن رئيس معمل تحلية المياه، حمزة الفيل أن حصة تحلية المياه في إمدادات مياه الشرب سترتفع إلى 35% في عام 2030 مقابل 8.5% حالياً.
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
اتفاق تاريخي
وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي.
وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.
ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".