استخدام تطبيقات الـAI في قطاع الأعمال العربي.. فرص مهمة وتحديات واقعية
العرب والذكاء الاصطناعي "6"
في عصر التحول الرقمي الذي نعيشه اليوم، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في تطوير قطاع الأعمال العربي، فقد أدى التزايد المستمر في قدرة الحواسيب وتوافر كميات ضخمة من البيانات إلى توسع استخدام التكنولوجيا الذكية في الأعمال التجارية.
وبحسب تقرير صادر عن شركة "IDC"، فإن حجم سوق الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) من المتوقع أن ينمو من 1.2 مليار دولار في عام 2023 إلى 16.3 مليار دولار في عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) قدره 45.4%.
وفي العالم العربي، شهدنا تزايدًا ملحوظًا في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، بما في ذلك الخدمات المالية والتصنيع والرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية.
وتمكن تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشركات العربية من تحليل البيانات الضخمة واستخلاص النماذج والاتجاهات الهامة، ويمكن للشركات استخدام هذه المعلومات لتحسين تنبؤاتها واتخاذ القرارات الاستراتيجية المستنيرة على سبيل المثال، يمكن للشركات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين وتوجيه استراتيجيات التسويق وتحديد المنتجات المطلوبة ووقت توفيرها.
وبحسب دراسة أجرتها شركة "McKinsey"، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات يمكن أن يساعد الشركات على تحسين دقة التنبؤات بنسبة تصل إلى 20%.
وتعتبر خدمة العملاء أحد أهم عوامل نجاح الشركات، وباستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل التحليل اللغوي الطبيعي والروبوتات الذكية، يمكن للشركات تحسين تجربة العملاء وتقديم خدمة عالية الجودة، ويمكن للذكاء الاصطناعي معالجة الاستفسارات وتوجيه العملاء وتوفير ردود سريعة ودقيقة، ما يؤدي إلى زيادة رضا العملاء والولاء.
وبحسب دراسة أجرتها شركة "Gartner"، فإن 70% من المستهلكين يتوقعون أن يكونوا قادرين على التواصل مع الشركات باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2024.
وتعد قلة الوعي والتعليم بشأن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها تحديًا أساسيًا في قطاع الأعمال العربي، كما تعد التوعية والتدريب اللازمين للعاملين في الشركات مهمة حاسمة لتحقيق الاستفادة الكاملة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وبحسب دراسة أجرتها شركة "Deloitte"، فإن 50% من قادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعتقدون أن نقص المهارات في الذكاء الاصطناعي هو أكبر عائق أمام التحول الرقمي في الشركات.
وتطبيقات الذكاء الاصطناعي تتطلب استخدام كميات كبيرة من البيانات الشخصية والحساسة، يجب على الشركات اتخاذ تدابير أمنية قوية لحماية هذه البيانات وضمان سريتها وسلامتها، فبحسب دراسة أجرتها شركة "PwC"، فإن 60% من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قلقون بشأن الخصوصية والأمان عند استخدام الذكاء الاصطناعي.
ويرى خبراء أن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي يعد فرصة حقيقية لتحسين الأداء وتعزيز التنافسية، لذا يوصى باتخاذ الخطوات منها زيادة الوعي والتعليم، فيجب على الشركات العربية الاستثمار في برامج التدريب والتعليم للعاملين بهدف زيادة الوعي وتعزيز المهارات في مجال الذكاء الاصطناعي، فيمكن أن تساعد الشركات في تحقيق ذلك من خلال توفير الموارد والتدريب المناسبين.
وبحسب تقرير صادر عن شركة "Accenture"، فإن الشركات التي تستثمر في تدريب العاملين على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحقق مكاسب تنافسية تصل إلى 20%.
ويمكن للشركات العربية تعزيز استخدام التطبيقات الذكية عن طريق التعاون مع الشركات التكنولوجية الرائدة والمؤسسات البحثية، يمكن للتعاون والشراكات أن يسهما في تطوير حلول مبتكرة ومخصصة لتلبية احتياجات الأعمال العربية.
وبحسب دراسة أجرتها شركة "McKinsey"، فإن الشركات التي تتعاون مع شركاء تكنولوجيين يمكن أن تحقق مكاسب تنافسية تصل إلى 15%.
لأهمية الموضوع تناقش "جسور بوست" في حلقة جديدة من "العرب والذكاء الاصطناعي" أهمية دخول الذكاء الاصطناعي قطاع الأعمال العربي وتحدياته.

تحديات واقعية
قال خبير تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، الدكتور فتحي شمس الدين، إن الذكاء الاصطناعي يعتبر من التقنيات المبتكرة التي تتمتع بإمكانات هائلة لتحسين الكفاءة وتعزيز الابتكار في قطاع الأعمال، وفي العالم العربي.
ويشهد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي نموًا متسارعًا، حيث تستثمر الشركات العربية مليارات الدولارات في تطوير وتطبيق هذه التطبيقات، ولكن على الرغم من هذه التطورات، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي، منها نقص الموارد المتخصصة وتعتبر هندسة وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي مهمة معقدة ومتطلبة للغاية، ولذلك، فإن أحد أبرز التحديات التي تواجه قطاع الأعمال العربي هو نقص الموارد المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل علماء البيانات والمهندسين المتخصصين، ووفقًا لتقرير نشرته شركة إم.إيه.آي.كيه في عام 2020، يواجه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نقصًا حادًا في الموارد المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يشغل هناك 6 مهندسين في هذا المجال لكل مليون نسمة، بينما يبلغ المعدل العالمي 50 مهندسًا لكل مليون نسمة.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، ويمكن أن يؤدي هذا النقص إلى صعوبة تطوير وتطبيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي بكفاءة، ما يقلل من الفوائد المحتملة لهذه التطبيقات، كذلك جودة وتوافر البيانات، وتعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على البيانات كمصدر أساسي للتعلم واتخاذ القرارات، ولذلك، تعد جودة وتوافر البيانات المطلوبة من التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع الأعمال العربي، فقد تواجه الشركات العربية تحديات في تجميع البيانات الكافية والمتنوعة المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ما يؤثر على قدرتها على استخدام التطبيقات الذكية بكفاءة، ووفقًا لتقرير صادر عن شركة بي إن إيه في أظهرت استطلاعات الرأي أن 46% من الشركات العربية تشعر بالقلق من عدم كفاية البيانات المتاحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي.
واستطرد، تتطلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي الثقة والأمان لضمان حماية البيانات ومنع الاختراقات، وفي العالم العربي، تواجه الشركات تحديات في بناء الثقة في استخدام التطبيقات الذكية، خاصة في ما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالخصوصية وملكية البيانات، وأظهرت استطلاعات الرأي أن 56% من الشركات العربية تشعر بقلق من الخصوصية والأمان عند استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن يؤدي هذا النقص في الثقة إلى تجنب الشركات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما يقلل من الفوائد المحتملة لهذه التطبيقات، كما تواجه التطبيقات الذكية في قطاع الأعمال العربي التحديات القانونية والتنظيمية، وفي بعض الدول العربية، قد تكون هناك تشريعات وقوانين قاسية تحد من استخدام التطبيقات الذكية، وتتطلب موافقات وتراخيص خاصة، على سبيل المثال، قد تواجه الشركات تحديات في جمع ومعالجة البيانات الشخصية وتطبيق مبادئ حماية البيانات، ويمكن أن يؤدي هذا إلى صعوبة تطبيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في بعض الحالات، ما يقلل من الفوائد المحتملة لهذه التطبيقات.
وأتم، تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي تحديات متنوعة كنقص الموارد المتخصصة، وجودة وتوافر البيانات، والثقة والأمان، والتحديات القانونية والتنظيمية هي بعض العوامل التي تؤثر على استخدام التطبيقات الذكية، وللتغلب على هذه التحديات، يجب على الشركات العربية الاستثمار في تطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والحكومية، وتعزيز الوعي بأهمية البيانات والأمان، ويتطلب استخدام التطبيقات الذكية في قطاع الأعمال العربي رؤية استراتيجية شاملة وتخطيطا دقيقا للتحديات المذكورة أعلاه.

الدكتور فتحي شمس الدين
وعندما تتم معالجة هذه التحديات بشكل فعال، يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تساهم في تحسين الكفاءة وتعزيز الابتكار وتحقيق تجارب أفضل للعملاء في قطاع الأعمال العربي.
ثورة في قطاع الأعمال العربي
أكد خبير تكنولوجيا المعلومات، المهندس محمد مصطفى عباس، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحسين أداء الشركات وتعزيز نمو الأعمال في قطاع الأعمال العربي، ومن خلال الاستثمار في تطوير وتطبيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات العربية أن تستفيد من هذه التقنيات المبتكرة لتحسين الكفاءة والإنتاجية وتوفير تجارب محسنة للعملاء، ضاربًا أمثلة بارزة لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك قطاع التجزئة والتجارة الإلكترونية، مشيرًا إلى أن الشركات تستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين وتوجيه استراتيجيات التسويق وتوفير تجارب شراء مخصصة، كما يتم استخدام الروبوتات الذكية وتحليل البيانات لتحسين عمليات العرض والطلب وتوفير توصيات منتجات دقيقة.
وأضاف في تصريحاته لـ"جسور بوست"، تستخدم الشركات تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الرعاية الصحية وتشخيص الأمراض وتوجيه العلاجات على سبيل المثال، يمكن للتطبيقات الذكية تحليل الصور الطبية والتعرف على الأمراض بدقة أكبر وتوفير توصيات علاجية فورية، كما تستخدم الشركات المالية تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها المصرفية وتوفير تجارب مستخدم محسنة، ويمكن للتطبيقات الذكية تحليل البيانات المالية وتقديم توصيات استثمارية وإدارة المخاطر بشكل أكثر دقة وفاعلية، كما تشهد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي تطورًا مستمرًا، ومن المتوقع أن تستمر في التوسع في السنوات القادمة.

المهندس محمد مصطفى عباس
واستطرد، ومن أبرز التطلعات المستقبلية لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال العربي استخدام الروبوتات والتطبيقات الذكية القائمة على الصوت، ومن المتوقع أن يشهد القطاع استخدامًا متزايدًا للروبوتات والتطبيقات الذكية القائمة على الصوت في التفاعل مع العملاء وتقديم خدمة شخصية وفعالة، وسيتم استخدام التطبيقات الذكية لتحسين عمليات الإنتاج والتشغيل وإدارة الجودة في الصناعات التحويلية، ما يسهم في زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف، ومن المتوقع أن يستخدم القطاع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات النقل واللوجستيات، مثل توزيع الشحنات وتخطيط الطرق وإدارة المخزون، ما يسهم في تحسين الكفاءة وتقليل الزمن والتكاليف، ومن خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحسين إنتاجية الزراعة وتوجيه استراتيجيات الزراعة المستدامة، كما يمكن للتطبيقات الذكية تحليل بيانات المزارع والأراضي وتوفير توصيات لزراعة الأصناف المثلى وإدارة الموارد الطبيعية بشكل فعال.