إسرائيل تواصل قصف قطاع غزة المهدد بالمجاعة
إسرائيل تواصل قصف قطاع غزة المهدد بالمجاعة
تواصل إسرائيل قصف قطاع غزة المهدد بالمجاعة والغارق في كارثة إنسانية تؤثر خصوصا على مدينة رفح المكتظة بالسكان في الجنوب، مع انطلاق محادثات جديدة في القاهرة بشأن هدنة.
وتكثف اسرائيل قصفها على قطاع غزة فيما يحتدم القتال على الأرض ما أدى إلى مقتل 118 شخصا خلال 24 ساعة وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.
ودفعت الحرب المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر 2,2 مليون شخص إلى شفير المجاعة وثلاثة أرباع السكان في القطاع المدمر إلى النزوح، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
مؤخرا أعلن برنامج الغذاء العالمي أنه أوقف تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة المعزول بسبب الفوضى المتزايدة في المنطقة، في تطور اعتبرته وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، اليوم الأربعاء، يزيد المخاوف من احتمالية وقوع مجاعة حادة بين السكان، ونشرت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" تحذر من أن واحدًا من كل ستة أطفال في الشمال يعاني من سوء التغذية الحاد.
وأفادت الوكالة في سياق تقرير أعدته حول هذا الشأن بأن أرقام الأمم المتحدة تشير إلى أن دخول شاحنات المساعدات إلى المنطقة المحاصرة انخفض إلى أكثر من النصف خلال الأسبوعين الماضيين بينما قال عمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة ونشطاء مستقلون إن عملية استيعاب الشاحنات وتوزيعها تعطلت بسبب فشل إسرائيل في ضمان سلامة القوافل وسط استمرار قصفها وهجومها البري.
وأكدت الوكالة أن إضعاف عملية المساعدات يهدد بتعميق البؤس في جميع أنحاء المنطقة، حيث أدى الهجومان الجوي والبري الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 29 ألف فلسطيني وطمس أحياء بأكملها وتشريد أكثر من 80% من السكان البالغ عددهم الآن من 2.3 مليون.
وأشارت إلى اندلاع قتال عنيف وغارات جوية في اليومين الماضيين في مناطق عديدة بشمال غزة قال الجيش الإسرائيلي إنها تم تطهيرها إلى حد كبير من فصائل المقاومة الفلسطينية وحركة حماس قبل أسابيع، مع ذلك، أمر الجيش يوم أمس الثلاثاء بإخلاء منطقتين على الطرف الجنوبي لمدينة غزة، زاعمًا أن فصائل المقاومة الفلسطينية ما زالت تقاوم بشدة.
ونوهت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي عزل بالفعل شمال القطاع، بما في ذلك مدينة غزة، منذ أن توغلت قواته فيه للمرة الأولى في أواخر أكتوبر الماضي حتى تحولت مساحات كبيرة من المدينة إلى أنقاض، في حين لا يزال مئات الآلاف من الفلسطينيين محرومين إلى حد كبير من المساعدات حتى أصبحت الظروف هناك أشبه بالمجاعة، حيث تقتصر الأسر على وجبة واحدة في اليوم وغالباً ما تلجأ إلى خلط علف الحيوانات والطيور مع الحبوب لخبز الخبز.
وقالت سعاد أبو حسين، وهي أرملة وأم لخمسة أطفال تعيش في مدرسة في مخيم جباليا للاجئين لمراسل الوكالة: "الوضع يفوق تصورك"، وأضاف أيمن أبو عوض، من سكان الزيتون، أنه يتناول وجبة واحدة يوميا لتوفير ما يستطيع لأطفاله الأربعة، وتابع: "لقد أكل الناس كل ما وجدوه، بما في ذلك علف الحيوانات والخبز الفاسد".
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه اضطر إلى وقف المساعدات إلى الشمال بسبب "الفوضى الكاملة والعنف الناتج عن انهيار النظام المدني".
وأضاف أنه أوقف تسليم المساعدات إلى الشمال لأول مرة قبل ثلاثة أسابيع بعد أن أصابت غارة شاحنة مساعدات ورغم محاولات استئناف العمل هذا الأسبوع، فإن القوافل تعرضت لإطلاق نار يومي الأحد والاثنين الماضيين.
وتعهد برنامج الأغذية العالمي بالعمل على استئناف عمليات التسليم في أقرب وقت ممكن، ودعا إلى فتح نقاط عبور للمساعدات بشكل مباشر من إسرائيل إلى شمال غزة وتحسين نظام الإخطار للتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وحذر من "انزلاق حاد نحو الجوع والمرض"، قائلًا إن "الناس يموتون بالفعل لأسباب مرتبطة بالجوع".
وأفاد تقرير اليونيسف الذي أُعد بالتعاون مع مجموعة التغذية العالمية، بأن أكثر من 90% من الأطفال دون سن الخامسة في غزة يتناولون وجبتين غذائيتين أو أقل يوميا، وهو ما يعرف بالفقر الغذائي الشديد، وتتأثر نسبة مماثلة بالأمراض المعدية، حيث يعاني 70% من الإسهال في الأسبوعين الماضيين، كذلك حُرم أكثر من 80% من المنازل من المياه النظيفة والآمنة، حيث تحصل الأسرة المتوسطة على لتر للشخص الواحد يوميًا، وفقًا للتقرير الذي صدر الاثنين الماضي، أما في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة، حيث تدخل معظم المساعدات الإنسانية، فبلغ معدل سوء التغذية الحاد 5%، مقارنة بنحو 15% في شمال غزة، الذي عزلته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وانقطعت عنه المساعدات إلى حد كبير لعدة أشهر.
وذكر التقرير أنه قبل الحرب كان المعدل في أنحاء غزة أقل من 1%.
وقال مسؤول اليونيسيف تيد شيبان، في بيان: إن قطاع غزة يستعد ليشهد انفجارًا في الوفيات بين الأطفال، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف المستوى الذي لا يطاق بالفعل لوفيات الأطفال في غزة.
الحرب على قطاع غزة
عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.
وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 29 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 69 ألف جريح، إضافة إلى نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.
وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم 574 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 5 آلاف بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.
في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.
وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية والأزمة الإنسانية الحادة في غزة في مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية" لأول مرة منذ تأسيسها.