بحث ميداني يكشف مخاطر تجارة النفايات الإلكترونية في الضفة الغربية

بحث ميداني يكشف مخاطر تجارة النفايات الإلكترونية في الضفة الغربية

كشف بحث ميداني حديث وجود مخاطر جدية، في بلدة إذنا غرب الخليل الواقعة في الضفة الغربية، ناجمة عن ظاهرة استخلاص المعادن من المخلفات الإلكترونية بطرق عشوائية.

وأوضح البحث الميداني الذي نفذته جمعية تنمية وإعلام المرأة “تام”، وأعده المركز الفلسطيني للدراسات وحوار الحضارات، بالشراكة مع “منظمة هنرش بول” أن بلدة إذنا تحولت منذ أكثر من عشرین عامًا إلى ورشة مفتوحة لاستخلاص المعادن من النفایات الإلكترونية، وصارت ھذه “الصنعة” مھنة الآلاف من أبناء البلدة التي یقارب عدد سكانھا الثلاثین ألفا.

وفي تقرير نشرته صحيفة القدس الفلسطينية تعد كلمة “طقش” ھي التسمیة المتعارف علیھا في إذنا للمخلفات الإلكترونیة وعملیة استخراج المعادن منها، بحسب الجھاز المركزي للإحصاء الفلسطیني.

ونشأ جیل كامل لا یعرف مصدراً للدخل غیر العمل في معالجة “الطقش” وتخلیصھا من البلاستیك والمطاط عن طریق الحرق في الأراضي الزراعیة وقرب مصادر المیاه وفي الھواء، مما يتسبب في تسرب المعادن القاتلة، كالزئبق والرصاص والباریوم والكادمیوم والكروم، إلى التربة والمیاه، وتمتد الأضرار المباشرة لتشمل قريتي الكوم ودیر سامت المجاورتین لإذنا.

 

مصدر للخطر 

وأشار البحث إلى أن تجارة النفایات الإلكترونیة (الخردة) باتت مكونا أساسیاً من مكونات اقتصاد البلدة، منوها أنها في الوقت نفسه أصبحت مصدر خطر محدق لیس على أهالي إذنا وحدھم بل على معظم أهالي محافظة الخلیل والمحافظات الأخرى. ولا یقتصر الخطر على الإنسان بل یتعداه إلى الحیوان والتربة والمیاه والغطاء النباتي وكل مكونات البیئة.

جاءت فكرة الدراسة لتسلیط الضوء على الظاھرة وحجمھا ومدى تأثیرھا على صحة الأسرة والبیئة وخاصة على المرأة، حيث تعالج “إذنا” من الخردة سنویًا ما یقارب 70 ألف طن، بالرغم من أن مساحتها لا تتجاوز 21 كم2 وتكتظ بتسعة وعشرین ألف نسمة، نحو نصفهم إناث.

وبحسب الدراسة تنحصر النفايات الخطرة بهذا الاتجاه في الخردة (الطقش)، والتلوث والحرق. وتشكل عملیة معالجة وإتلاف المخلفات الإلكترونیة معضلة عالمیة تتزاید مخاطرھا سنة تلو الأخرى، خاصة أنها مطلوبة للغاية لاستخراج الإندیوم والأنتیمون والمعادن النفیسة مثل الفضة والذھب والبلادیوم.

 

تشریعات محلیة 

تطرقت الدراسة إلى قانون البیئة الفلسطیني لعام 1997، حيث تحدد المادة الثانية منه أهدافه، بحماية البیئة من التلوث بكل صوره وأشكاله وحمایة الصحة العامة والرفاه الاجتماعي وإدخال أسس حمایة البیئة في خطط التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، والإشارة إلى العقوبات، خاصة على مستوردي النفایات الخطرة، حیث تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وأیضا شدد العقوبة على من یتسبب بالأمراض والأوبئة نتیجة تخزین أو التخلص من النفایات الخطرة.

 

أركان متوفرة في الانتهاكات

وبالنظر إلى ما یحدث في بلدة “إذنا” تتوفر الانتھاكات الخطیرة للبیئة وصحة الإنسان، وفقا لعدة أبحاث حول الظاھرة وأثرها على الإنسان والبیئة التي یعیش فیھا، ومن ھذه الدراسات: التي نفذتھا مؤسسة CESVI عام 2020 لصالح الاتحاد الأوروبي وجمعیة الأرض الخضراء وغرفة شمال الخلیل حول مشروع “تعزیز النمو المستدام في فلسطین من خلال معالجة النفایات الإلكترونیة بطرق آمنة بیئیًا ومبتكرة وذات قیمة اقتصادیة ومعنونة”، ودراسة الأثر الاجتماعي للمشروع على القطاع غیر الرسمي لمخلفات الأجھزة الكھربائیة والإلكترونیة”.

 وذكر البحث أنه أجری في منطقة جنوب غرب الخلیل مشروعا ممولا من قبل الاتحاد الاوروبي یطرح بدائل لمعالجة النفایات الإلكترونیة بھدف الحد من أضرار ظاھرة حرق المخلقات الإلكترونیة، المدمرة للإنسان والبیئة.

ومن الدراسات أيضًا، “البعد الجندري في حمایة البیئة وتحقیق التنمیة المستدامة” والتي أعدتھا الباحثة في كلیة الحقوق والعلوم السیاسیة بجامعة “باتنه” في الجزائر سمیة حوادسي، تناولت فيها حجم الأضرار المضاعفة التي تقع على المرأة نتیجة تلوث البیئة وأوردت بعض الإحصائیات في ھذا الصدد، مشیرةً إلى أن أربع نساء يتأثرن من جراء تلوث البیئة مقابل كل رجل واحد، وقدمت الدراسة عدة اقتراحات لتفعیل مقاربة الجندر في حمایة البیئة وجمیعھا تقوم على التشاركیة.

وجاءت الدراسة المعنونة، “خارطة طریق لترسیم (إضفاء الرسمیة) وتنظیم وإدارة قطاع المخلفات الإلكترونیة والكھربائیة على المستوى الوطني في الضفة الغربیة” التي أعدتھا مؤسسة CESVIعام 2019 بدعم من الاتحاد الأوروبي لصالح غرفة تجارة شمال الخلیل وجمعیة الأرض الخضراء.

وخرجت الدراسة بعدة توصیات، قائلة إن الحكومة الفلسطینیة إن طبقتھا ستتمكن من تنظیم إدارة سلیمة لھذه المخلفات مثل، التركیز على حمایة البیئة والصحة العامة وتوفیر إجراءات السلامة وضمان حقوق العمال في أجر منصف وضمان اجتماعي وسن تشریعات ناظمة لقطاع النفایات الإلكترونیة.

وأشار البحث الميداني إلى أنه جرى استخدام عدد من الأدوات لجمع البيانات، ومن بينها مقابلة مع طاقم تنمية وإعلام المرأة، ومقابلات مع 12 سيدة من “إذنا” وتوثيق شهاداتهن ومن بينهن امرأة يعمل زوجها واثنان من أبنائها في المهنة، ومقابلات مع رئيس البلدية الدكتور محمود سليمية وعبد الرحمن طميزة، رئيس جمعية نقاء، ومع نشطاء يقودون حملة ضد الظاهرة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية