مصر تطالب بحشد الجهود الدولية لمجابهة آثار تغير المناخ

خلال منتدى «العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة»

مصر تطالب بحشد الجهود الدولية لمجابهة آثار تغير المناخ
الدكتور مصطفي مدبولى

أكد رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفي مدبولي، أنه في ضوء تزايد الاهتمام العالمي بتسريع عملية التحول نحو مسارات تنموية منخفضة الانبعاثات تتميز بالقدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية، لا يوجد ثمة خلاف حول أهمية حشد مختلف الجهود الدولية لمجابهة آثار تغير المناخ.

 وأكد هناك فرصة سانحة للمضي قدمًا نحو وضع أجندة عمل تراعي مسارات التنمية في الاقتصادات النامية والناشئة وتضمن الوصول العادل إلى الموارد المالية والحلول التكنولوجية، لا سيما وأن الفجوة التمويلية للاستثمارات المناخية المطلوبة عالميا تقدر بنحو ٤.٥ تريليون دولار سنويًا بحلول عام ٢٠٣٠، ما يؤكد أهمية تضافر وتكامل الجهود لكافة الأطراف المعنية للدفع قدمًا بأجندة التنمية والمناخ.

وقال «مدبولي»، في كلمته المسجلة خلال الجلسة الافتتاحية في أعمال الدورة الثانية من منتدى «العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة» المُنعقد في العاصمة الصينية بكين، خلال الفترة من ١١ إلى ١٣ يوليو الجاري، إن أهمية الشراكات الشاملة بين كافة الأطراف ذات الصلة، تبرز في خلق أساس من التفاهم والوحدة والتصميم حيال دعم الأولويات التنموية الوطنية للاقتصادات الناشئة.

وأضاف: «إنه لمن دواعي سروري أن أشارك في الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من منتدى العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة، والذي أصبح منصة هامة لتبادل وجهات النظر واستكشاف الفرص لدفع أجندة التنمية المستدامة»، معربًا عن تقديره للنتائج البناءة التي انتهت إليها اجتماعات الدورة الأولى من المنتدى الذي عقد في يوليو من العام الماضي، حيث تم التأكيد على أهمية تضافر الجهود لتحقيق التنمية المستدامة العادلة والشاملة، وهو ما سينعكس بدوره على تعزيز مستويات رفاهية ورخاء الشعوب، فضلا عن التأكيد على أهمية التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب والاقتصادات الناشئة، انطلاقًا من أن الدول التي تتشابه ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، تكون أكثر قدرة على تعزيز التعاون في ما بينها من خلال مشاركة أنجح في السياسات والممارسات التي أثبتت فاعليتها في مواجهة التحديات التي تواجهها تلك الدول وعلى رأسها التغير المناخي.

وأشار إلى المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفي» التي تم إطلاقها كمبادرة رئاسية مصرية خلال مؤتمر «كوب 27»، والتي تعد بمثابة تطبيق عملي لمبادئ التمويل العادل وتمثل نموذجًا فاعلًا لتعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية والتمويلات الميسرة للتعامل مع قضايا التكيف والصمود والتخفيف أمام التغيرات المناخية وتنفيذ التعهدات، خصوصًا على صعيد القارة الإفريقية، كما تُمثل المنصة انعكاسًا لحرص مصر على تعزيز العلاقة الوطيدة بين التنمية والعمل المناخي، وهو ما ظهر جليًا في صياغة الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتغيرات المناخية لعام ٢٠٥٠، التى تضمنت ٥ أهداف رئيسية وأبرزت التناغم بين الأهداف المناخية وأهداف التنمية المستدامة وأجندة ٢٠٣٠.

ولفت إلى أن الأزمات والتغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم تشكل تحديا غير مسبوق أمام مسارنا التنموي، ما يزيد من تكلفة تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتساع فجوة التمويل في الاقتصادات النامية والناشئة، وهو ما يدعو بشكل أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى إلى إرساء دعائم تعاون أكثر تكاملًا وشمولًا بين جميع الأطراف ذات الصلة، بهدف حشد التمويلات التنموية الميسرة.

وتابع: «من ثَّم، فإن مبادرة التنمية العالمية التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج، خلال اجتماعات الدورة ٧٦ للجمعية العامة للأمم المتحدة، تأتي كاستجابة عملية للعمل نحو معالجة هذه التحديات وحشد الجهود وضخ مزيد من الزخم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما وأن المبادرة معنية بتعزيز التعاون في ٨ مجالات رئيسية وهى (التخفيف من حدة الفقر، والأمن الغذائي، ومكافحة الأوبئة والتعاون بشأن تطوير اللقاحات، وتمويل التنمية، وتغير المناخ والتنمية الخضراء، والتصنيع، والاقتصاد الرقمي، والتواصل في العصر الرقمي)، وهي مجالات تتوافق بشكل عام مع أبرز الأولويات التنموية للاقتصادات الناشئة لا سيما رؤية مصر ٢٠٣٠».

وأكد أن مصر والصين تتمتعان بعلاقات تاريخية وطيدة، فكلا البلدين من أهم وأقدم الحضارات في العالم، وهو ما مثَّل قاعدة قوية لاستمرار تميز العلاقات بين البلدين خلال العقود الماضية، حيث انعكس حرص البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية وفقًا لمبدأ المكاسب المشتركة في توقيع رئيسي البلدين لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام ٢٠١٤ والتي دشنت مرحلة جديدة من مراحل التعاون الشامل والشراكة بين مصر والصين.

ونوه بأنه، خلال العقد الماضي، شهدت العلاقات المصرية- الصينية تطورات ملحوظة لا سيما على الصعيد الاقتصادي، حيث أصبحت العلاقات الثنائية بين البلدين نموذجًا للتعاون والتكامل الاقتصادي الفعّال بين دول الجنوب.

وأضاف: «يُعد مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، والقمر الصناعي مصر سات ٢ لتطبيقات الاستشعار عن بعد، من أهم المشروعات التي تم تنفيذها من موارد المنح الصينية المقدمة إلى مصر، حيث يمثل هذان المشروعان نموذجًا فريدًا لتبادل المعرفة والتعاون الفعال بين البلدين، فضلا عن أنهما يؤكدان حرص الجانب الصيني على دعم أولويات مصر في تعزيز البحث العلمي بشكل عام ودعم برنامج الفضاء المصري بشكل خاص».

وأوضح أن الجانبين يعملان على استكشاف مزيد من الفرص للتعاون الثلاثي خاصة مع الدول الإفريقية، لا سيما في ضوء استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الإفريقية، وكذا إبداء الجانب الصيني لاهتمامه بتنفيذ مشروع إنشاء أول مركز بحثي وتدريبي في إفريقيا لمكافحة التصحر من موارد المنح الصينية في مصر، وهو ما سيسهم في تبادل الخبرات بين الجانب الصيني والمصري والإفريقي حول أنجح سبل وتقنيات مكافحة التصحر.

ولفت إلى أن عام ٢٠٢٤ يأتي للاحتفال بمرور عقد على توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، حيث شهد يناير الماضي انضمام مصر بشكل رسمي إلى تجمع بريكس، فضلا عن اختيار بنك التنمية الجديد، الذراع التمويلية للتجمع، مصر، لتكون أول دولة من خارج دول التجمع المؤسسة، لاستضافة مؤتمر رفيع المستوى في يونيو الماضي تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة ديلما روسيف، رئيس البنك، حيث هدف المؤتمر إلى فتح آفاق جديدة للتعاون مع دول بريكس وعرض التجربة التنموية المصرية.

 وأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه إلى تعزيز الشراكات الشاملة والمستدامة بما يتجاوز علاقتنا الثنائية مع الجانب الصيني، ليشمل ذلك التعاون في إطار تجمع بريكس، فضلا عن التعاون الثلاثي لا سيما مع الدول الإفريقية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية