في حوار مع جسور بوست..

جهدة أبو خليل: دول الخليج لديها برامج متطورة وإمكانيات لصون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

جهدة أبو خليل: دول الخليج لديها برامج متطورة وإمكانيات لصون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
المديرة العامة للمنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة جهدة أبوخليل

الأمم المتحدة ألغت المنظور الرعائي واتخذت نهجا حقوقيا في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة

يجب تحرير الإعاقة من التحقير اللغوي فاستخدامها كـ”شتيمة" يحمل دلالات سلبية 

النساء ذوات الإعاقة يتعرضن لتمييز مزدوج.. لأنها امرأة ومن ذوات الإعاقة

لا توجد بيانات دقيقة بأعداد الأشخاص ذوي الإعاقة

 

أجرى الحوار: سلمان إسماعيل

يعيش ملايين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمعات العربية أوضاعا متباينة بتباين الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي بين كل دولة وجارتها، ولا يختلف هؤلاء عن نظرائهم في العالم، فكلما نهض اقتصاد دولة ما، انعكس ذلك على سكانها، وفي القلب منهم أصحاب الإعاقات، الذين تتفاقم معاناتهم في المجتمعات الفقيرة والأمية، التي لا تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وبينهم ذوي الإعاقة واحتياجاتهم التي تزيد على احتياجات غير المعاقين.

وفي الدول العربية الغنية، يتمتع الأشخاص أصحاب الإعاقات بمستوى جيد من المعيشة وممارسات أفضل على صعيد تعزيز وصون الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عكس المجتمعات الفقيرة والهشة التي يعيش فيها الأشخاص ذوي الإعاقة أوضاعًا مأساوية.

وتزداد الأوضاع سوءًا مع زيادة حالات الحروب والنزاعات المسلحة في المنطقة، والتي تضيف كل يوم أعدادًا جديدة من الأشخاص ذوي الإعاقة.

المديرة العامة للمنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة جهدة أبو خليل، تحدثت إلى «جسور بوست» حول أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية، والصعوبات التي تواجه هذه الفئة من المواطنين، ودور منظمات المجتمع المدني وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة في دعم وإدماج وتمكين أصحاب الإعاقات على مختلف الأصعدة.

- ما تقييمك لتعاطي الدول العربية مع قضايا الإعاقة؟

هناك تغيير بنمط التعاطي مع هذه القضايا، تطور جدا بعد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 2006، والتي صادقت عليها 19 دولة عربية.. وكانت هذه نقطة الانطلاق للانتقال من المنظور الرعائي والشفقة تجاه ذوي الإعاقة إلى المنظور الحقوقي.

وبعيد الاتفاقية، اعتمدت العديد من  الدول التشريعات والسياسات التي تتلاءم مع روح الاتفاقية، وتؤكد على النهج الحقوقي.

- وما مدى التزام الحكومات العربية بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟

الحكومات العربية لديها نية صادقة في تعزيز وصون حقوق ذوي الإعاقة، وجامعة الدول العربية - بمبادرة من أمينها العام - أقرت العقد العربي لذوي الإعاقة، والذي يتضمن 17 محورا، وجزء كبير من مضمونه مستلهم من روح الاتفاقية الدولية، وقد جرى إقراره خلال مؤتمر القمة في السعودية، بخطة زمنية وآليات تنفيذ، بينها محور مهم يتعلق بالمرأة  ذات الإعاقة وأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الحروب والنزاعات المسلحة.

وقد أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية مبادرة العيش باستقلالية، مع دعم تنفيذ الأفكارالخلاقة، ومن خلال علاقتنا كمنظمة ومن موقعنا كمراقب في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة، نجد نية صادقة لدى الوزراء للتعامل بمنظور حقوقي فعلا، من خلال المداخلات والبرامج التي تُنفذ، وهناك توجها لإلغاء مفهوم مؤسسات إيواء الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع. والأردن على سبيل المثال، من بين البلدان التي تنحو في هذا الاتجاه.

- وهل لدينا نماذج لدول عربية وصلت إلى الممارسات الفضلى في تمكين الأشخاص  ذوي الإعاقة من نيل حقوقهم؟

هناك تطور بحركة حقوق ذوي الإعاقة، لعبت دورا أساسيا في هذا الاتجاه، ونحن كمنظمات استطعنا تشكيل الاتحاد المصري والائتلاف الأردني للعمل مع صانعي السياسات، فالشعار العالمي يقول: «لا شيء يخصنا من دوننا»، وكل الدول العربية تحاول أن تبذل ما تستطيع، مع الأخذ في الاعتبار الحروب والصراعات التي تعيشها منطقتنا. لكن تجدر الإشارة إلى أن دول الخليج - بما تملكه من إمكانيات - تقدم أفضل نموذج.

وفي لبنان مثلا، لدينا قانون بخصوص ذوي الإعاقة منذ عام 2000، لم يطبق حتى الآن، ثم جاءت الاتفاقية الدولية بعد ذلك، وكانت نقلة نوعية في هذا المجال، ولبنان اتخذ قرارا بالتصديق على هذه الاتفاقية منذ العام الماضي، لكن بغياب رئيس الجمهورية لم يتم فعليا التصديق رسميا.

ونحن نريد التصديق على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري الذي يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة في حال تعرضهم للانتهاك أو انتقاص من حقوقهم، رفع شكوى للجنة المعنية في جنيف للتحقيق في الموضوع .

- هذا يعني أن الوضع في بلد عربي يختلف عن بلد آخر..

نعم، وضع ذوي الإعاقة  في دولنا العربية يختلف باختلاف الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، لا نستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية في ظل الحرب التي تزيد أعداد ذوي الإعاقة. ولكن دورنا كمظمات حقوقية أن نواصل حملات المناصرة وبرامج بناء القدرات، مع الأخذ في الاعتبار أن تعزيز حقوق ذوي الإعاقة يتطلب ميزانيات كبيرة من الدولة، في تكييف المدارس على سبيل المثال لأصحاب الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية، والقدرة على دمج ذوي الإعاقة مع غيرهم من الطلاب.

- يتعرض الأشخاص ذوي الإعاقة إلى التمييز أكثر من غيرهم.. كيف نعالج هذه المسألة؟ 

التمييز يطال ذوي الإعاقة والعمال المهاجرين والنساء، التمييز موجود في العمل بين موظف والثاني، إذن، ضبط الكفاءة وإثبات القدرة مجهود كبير على الشخص الذي يتعرض للتمييز تعلمه، لإثبات نفسه وتغيير النظرة السلبية عنه. 

- وماذا عن المرأة ذات الإعاقة؟

المرأة تتعرض لتمييز مزدوج، أولا  لأنها لديها إعاقة، وثانيا لأنها امرأة، وفي البيئات الفقيرة تزيد حالات الإعاقة، وهناك مشكلة أخرى، هي نظرة المرأة ذات الإعاقة لنفسها، ولهذا أطلقنا الملتقى العربي للنساء ذوات الإعاقة لينظرن لأنفسهن على أنهن نساء وجزء أساسي في المجتمع لهن حقوق وعليهن واجبات.

ومن بين الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة ذات الإعاقة، العنف والاغتصاب من قبل الأب أو الأخ، ويتم التعتيم على هذه الجرائم، والإعاقات الذهنية أكثر عرضة لهذه الأمور، فهن يفتقرن للتوعية الجنسية حتى لا يميزن الصواب من الخطأ، وهناك واقعة شهيرة في لبنان عندما اغتصب شاب فتاة من أصحاب الإعاقات الذهنية.

- هل لديكم إحصائية بعدد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي؟

من يقول إن لديه إحصائية بأعداد الأشخاص ذوي الإعاقة فهو كلام غير دقيق، لأنها مسألة مكلفة بشكل كبير، وفي لبنان أصدرنا بطاقة للأشخاص ذوي الإعاقة، وبحسب الحكومة فقد صدر ما يقرب من 120 ألف بطاقة، وعملية الإحصاء مكلفة كثيرا، لكن إذا ربطناها بخدمات فالكل سيتقدم للحصول على البطاقة، ولا توجد دولة لديها إحصاء دقيق بأعداد ذوي الإعاقة.

ويمكن أن نقول تقريبا، إن نسبة 10 في المئة من السكان في العالم يعانون شكلا من أشكال الإعاقات، ومنظمة الصحة العالمية قالت إن النسبة 15 في المئة، لأنها وضعت الأمراض المزمنة ضمن الإعاقات، والاتفاقية الدولية لم تعط تعريفا محددًا لأنها اعتبرت الإعاقة في البيئة المحيطة وليست في الشخص.

- وكيف أثرت الأزمة الاقتصادية في لبنان على الأشخاص ذوي الإعاقة؟

أثرت الأزمة الاقتصادية بشكل كبير، ولهذا  بادرت وزراة الشؤون الاجتماعية، وبدعم من  اليونسيف ومنظمة العمل الدولية، بدعم بـ40 دولارا شهريا تمنح لذوي الإعاقة من الشباب والشابات، ليس مبلغا كبيرا، لكنني قابلت فتاة قالت إنها توقفت عن الدراسة الجامعية بسبب قلة المال، وعندما حصلت على الـ40 دولارا استطاعت أن تكمل تعليمها.

- وما تقييمك للصورة التي ترسخها الدراما العربية عن ذوي الإعاقة؟

غالبا ما تصور الدراما العربية الشخص صاحب الإعاقة على أنه إنسان خارق في حالات، أو صاحب قدرات ليست موجودة لدى بقية البشر، وبعضها يتعامل باستهانة، وفي كثير من الحالات لا يكون تشخيصا منطقيا لقضية الإعاقة، وما يهمني في هذا المنحى هو تحرير الإعاقة من التحقير اللغوي؛ كأن نستخدم ألفاظا مثل مجانين أو متخلفين عقليا أو معاقين حين نصف الحكومة على سبيل المثال، فاستخدام مصطلحات الإعاقة على أنها شتيمة يحمل دلالات سلبية في نظرتنا إلى الأشخاص ذوي الإعاقة.

- في تقديرك.. هل تقوم الأمم المتحدة بالجهد المطلوب لحماية حقوق ذوي الإعاقة حول العالم؟ 

في الحقيقة، الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لم تكن تنص صراحة على حقوق ذوي الإعاقة ولا تتناولهم بشكل مباشر، ولكنهم كانوا معنيين بمضماينها، لكن كثير من الدول تجاهلت الأمر، وهو ما أدى لإصدار اتفاقية واضحة وملزمة في العام 2006 وهي اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

- وما الفرق الذي أحدثته المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة في القضية؟

المنظمة العربية تبذل جهودا كبيرة في هذا المجال، ونحن أعضاء في التحالف الدولي للإعاقة، منذ أكثر من 15 عاما، والذي يضم مختلف الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية وغيرها، ومؤخرا تم  انتخاب رئيس المنظمة نواف كبارة رئيسا للتحالف الدولي في فبراير الماضي، ومن بين إنجازات المنظمة أنها ساهمت في إنشاء اتحادات للأشخاص ذوي الإعاقة في عدد من الدول العربية وتعمل من خلال عدة برامج على بناء قدرات منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والعمل مع صانعي القرار من أجل تطوير التشريعات التي تصب لصالح الارتقاء بالأشخاص ذوي الإعاقة. 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية