منهم صحفيون وناشطون.. المعارك تحتدم بين حزب الله والمعارضين في لبنان

منهم صحفيون وناشطون.. المعارك تحتدم بين حزب الله والمعارضين في لبنان

إعلاميون: لبنان عرفت حرية الصحافة منذ زمن طويل ولن نقبل بغيرها

رامي نعيم: الكلمة الحرة لا توَاجه بالعنف والترهيب ولكن تُوَاجه بالحجة

أسعد بشارة: قوى الأمر الواقع تسيطر على الشارع وهذا أمر خطير للغاية

إلسي مفرج: لا مساومة على الحريات العامة وعلى حرية عمل الصحفيين

جاد شحرور: يجب تحسين القوانين والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب

فانيسا باسيل: حرية الرأي في لبنان تراجعت ونرفض الملاحقات الأمنية للصحفيين

 

لبنان- بلال نور الدين 

في الثامن من أكتوبر الماضي، اندلعت المعركة العسكرية على جبهة لبنان الجنوبية، والتي قسمت اللبنانيين ما بين مؤيد ومعارض للمعارك الدائرة، وبينما كان المعارضون يرفعون السقف السياسي، تعرض بعضهم لمضايقات، واتهموا على إثرها حزب الله بالوقوف وراءها، في حين لم يُعر الحزب أي اهتمام لادعاءاتهم نظرا لانشغاله في الحرب. 

وكان من بين المعارضين، ناشر "موقع السياسة”، الصحفي رامي نعيم، الذي أعلن تعرضه للاعتداء من قبل عدة أشخاص أثناء وجوده في أحد مقاهي بيروت في شهر يونيو 2024، مشيرا إلى أنهم أدعوا بأنهم مؤيدون لحزب الله. 

ويروي نعيم ما حدث معه، قائلا "الذي حصل معي هو اعتداء جسدي، بل وتم رفع السلاح في وجهي في لحظة ما للترهيب". 

وأضاف “نعيم” في حديثه مع "جسور بوست"، أن ”أسباب الاعتداء تتعلق بمواقفه السياسية ضد حزب الله"، "مواقفي أزعجتهم كونها قاسية، فأنا شخص سقفي عالٍ". 

ويبدي نعيم خشيته من إغلاق ملف القضية التي باتت أمام القضاء نظرا لصعوبة توقيف المتهمين، مذكرا بأن "قضايا أكبر لم تصل إلى نتيجة في لبنان".

رامي نعيم

وبينما يؤكد نعيم على الاستمرار برفع السقف وعدم السكوت، يدعو الحزب إلى عدم الخوف من الكلمة الحرة، فالكلمة الحرة بحسب قوله "لا تقمع بالترهيب والقتل، بل تقمع بمنطق أقوى منها". 

ورغم التباين في وجهات النظر مع الحزب، يشير نعيم إلى أنه يتفق معه على أن إسرائيل عدوة لبنان، معتبرا أن الخلاف مرتبط "بمقاربة تلك العداوة، وكيفية حماية لبنان من إسرائيل وكل من له أطماع".

ووجه نعيم رسالة لكل من يتعرض للتضييق قائلا "يجب عليه ألّا يخاف، فكل من يريد أن يسير في هذا الخط، لا بد أن يعرف مدى خطورته، وإلا فمن الأفضل ألّا يدخله لأن التراجع يعني الانكسار".

وفي السياق نفسه، تعرض رئيس جمعية "إعلاميون من أجل الحرية"، أسعد بشارة، لمضايقات خلال وجوده في وسط بيروت. 

يروي بشارة تفاصيل الحادثة، قائلا ”خلال إجراء إحدى المحطات التلفزيونية مقابلة معي، أتى شخص نحونا وادعى أننا نصور أمام متجره، وبأسلوب غليظ منعنا من التصوير بالتزامن من تجمع شخصين بقربه وهما ينتميان لفئة سياسية معروفة".

وتابع بشارة في حديثه مع ”جسور بوست"، قائلا "علمنا في وقت لاحق أن المقصود كان منعنا من التصوير كون لنا آراء سياسية تعارض الحرب على لبنان وتنتقد سلوك حزب الله، وهكذا مارسوا الخشونة اللفظية ومنعونا من التصوير".

 أسعد بشارة

وأضاف "نعتبر هذا تهويلا لمنعنا من التعبير عن رأينا ولفرض رأي واحد وسردية واحدة، وهذا ما سنواجهه، لأننا لا نقبل بأن يستعمل القمع بحقنا بهذه الطريقة، فلبنان هو بلد الحريات والتعدد، وسنسعى قدر الإمكان للحفاظ على قيمة الحريات والحرية الإعلامية في طليعتها".

وردا على سؤال حول مستقبل حرية التعبير في لبنان، قال "بشارة" إن "هناك خشية على الحريات في لبنان. والكثير من الإعلاميين باتوا يتحسبون لهذا الواقع الجديد في ظل عجز القوى الرسمية الأمنية والسياسية والقضائية، التي لم تقم بالتحقيق مع من مارسوا الاعتداءات على بعض الإعلاميين أو خونوهم، وبالتالي، فإن هذا الصمت يؤدي إلى القول بأن هناك مناطق في بيروت أصبحت محظورة على كثير من أصحاب الرأي والإعلاميين، وأن قوى الأمر الواقع تسيطر على الشارع، وهذا أمر خطير وخطير للغاية في حال تم تكريسه كعرف وسلوك مستمر".

وأضاف: "نحن نواجه بالصوت والكلمة التي لها قوة معنوية، ومع أنه يمكن لقوى الترهيب والتهويل أن تهدد وأن تنفذ، إلا أننا سوف نستمر في رفع الكلمة وقول ما نعتقد أنه مصلحة لوطننا واللبنانيين الذين يرفضون منطق التخوين والتكفير".

وتأسست جمعية "إعلاميون من أجل الحرية" في بيروت عام 2022، وهي تضم عددا من الصحفيين والإعلاميين اللبنانيين وتهدف إلى متابعة قضايا الحريات العامة والإعلامية في لبنان والعالم العربي.

وتعرض الصحفي يوسف دياب لحملة تخوين وتهديد بالاعتداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على إثر تداول مقطع فيديو له مقتطع من مقابلة تلفزيونية يعلق فيه على مزاعم صحيفة "التليغراف" البريطانية بوجود أسلحة مخزنة في مطار بيروت، وفيما لم يتهم دياب جهة معينة بشكل مباشر أشار في بيان له بأنه "لا أحد يستطيع أن يزايد على وطنيتي وعدائي لدولة الإرهاب إسرائيل".

وفي 6 يوليو 2024 تعرض الناشط عامر حلاوي لاعتداء من قبل مجموعة قيل إنهم تابعون لحزب الله في منطقة صور الجنوبية بعد أن اعترض على ما اعتبره تعريضا من الحزب لمناطق آمنة للقصف الإسرائيلي. إلا أن الحزب نفى أي علاقة له بالواقعة.

وليست الاتهامات لحزب الله بمضايقة أصحاب الرأي بجديدة، ففي فبراير من عام 2021، عثر على جثة الناشط السياسي المعارض لقمان سليم في أحد حقول قرية العدوسية في جنوب لبنان، وبينما اتهمت عائلة سليم الحزب بقتله بسبب آرائه العالية السقف، أدان الحزب الحادثة وأنكر علاقته بها. 

واتهم مؤيدو حزب القوات حزب الله بقتل الناشط السياسي باسكال سليمان في مدينة جبيل في أبريل 2024، ليتبين لاحقا أن الجريمة نفذتها عصابة تمتهن السرقة.

يذكر أن حزب الله ليس الطرف الوحيد المتهم بمضايقة خصومه، إذ يزعم ناشطون كثر أن الأحزاب اللبنانية التي تخاصم الحزب، تمارس التضييق عليهم أحيانا بسبب مواقفهم السياسية. 

وفي هذا الإطار، تعرض مركز للحزب القومي السوري، للإحراق من قبل مجهولين خلال شهر أبريل من العام الجاري، وألمح الحزب، الذي يعد حليفا لحزب الله، في بيان له إلى أن حزب القوات اللبنانية هو من يقف وراء الاعتداء. 

وفي هذا السياق، قال الصحفي المقرب من حزب الله سالم زهران في تصريحات صحفية إن الاعتداءات تمارس من قبل كل الأحزاب إذ إن الجماهير تخرج أحيانا عن ضوابطها، معتبرا أن حزب الله "لو أراد إيذاء أحد، فلن يتعرض له بالضرب.. وبالتالي، فهو (حزب الله) لا يمارس القمع".

لا مساومة على الحريات

وعلّقت رئيسة تجمع نقابة الصحافة البديلة في لبنان، إلسي مفرج، على المضايقات والاعتداءات بحق أصحاب الرأي، قائلة "نحن كتجمع نقابة الصحافة البديلة نرفض أي اعتداءات، ومن أي جهة كانت، يتعرّض لها الصحفيون والناشطون بسبب عملهم الصحفي أو مواقفهم، ونعمل من أجل حماية زميلاتنا وزملائنا ودعمهم إعلامياً ومعنوياً وقانونياً في حال لجؤوا إلينا في مثل هذه الحالات".

وتابعت في حديثها مع "جسور بوست"، قائلة، "إن حملات التهديد ومحاولات القمع التي أعلن بعض الصحفيين عن وقوعهم ضحيتها في الفترة الأخيرة بسبب مواقفهم من الحرب التي يتعرّض لها لبنان وبشكل خاص الجنوب، لا يمكن أن يُسكت عنها تحت أي ذريعة، ومن واجب القوى الأمنية والقضاء الكشف عن ملابساتها ومحاسبة مرتكبيها لحماية أصحاب الرأي أولاً، ومن أجل جلاء الحقيقة أمام الرأي العام في مدى تورط "حزب الله" أو سواه من الأحزاب السياسية فيها، وأخيراً من أجل منع تفاقم حدة التوتر والانقسام السياسي في البلد".

إلسي مفرج

وأضافت مفرج "أنه من المعيب بالنسبة لنا، ألّا تكون الحريات الإعلامية وحرية العمل الصحفي أولوية لدى جميع المعنيين في لبنان، ولا يمكننا النظر الى الاعتداءات على الصحفيين إلا ضمن نهج مطوّل من تمييع الحقائق والإفلات من العقاب، فقد شهدنا منذ انتفاضة 17 أكتوبر 2019 واشتداد الأزمة الاقتصادية مروراً بالاحتجاجات التي تلت انفجار 4 أغسطس 2020 وصولاً إلى الحرب الدائرة اليوم، تزايد وتيرة الاعتداءات على الصحفيين ومحاولات القمع والتهديد".

وأكدت "مفرج" أنه بالنسبة لنقابة الصحافة البديلة "لا توجد مساومة على الحريات العامة وعلى حرية عمل الصحفيين، وذلك تحت أي ظروف".

وقالت: "نشدّد على أن حالة الحرب لا يمكن أن تكون مبرراً للقمع أو للاعتداءات، لأن أي مساومة على هذه الحقوق اليوم سندفع ثمنها لاحقاً في تراجع سقف الحريات عموماً."

وطالبت مفرج الأحزاب "التي اعتادت نفي علاقتها بالاعتداءات أو بالحملات التي استهدفت بعض معارضيها، أن تكون شفافة في هذه القضايا أمام الرأي العام، وأن تعمل على التراجع عن خطابها التحريضي وضبط مناصريها بدلاً من التنصّل من أفعالهم سواء ارتبطوا بها رسمياً أو لم يرتبطوا، لأنها مسؤولة أولاً وأخيراً عن تداعيات لغة التحريض وخطاب الكراهية مثلما عليها أن تكون مسؤولة عن نشر ثقافة تقبّل الرأي الآخر واحترام الدستور اللبناني الذي يكفل حرية التعبير".

وتنص المادة 13 من الدستور اللبناني على أن حرية إبداء الرأي قولا وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون.

"شريعة الغاب"

من جهته، يعتقد المسؤول الإعلامي لمؤسسة "سمير قصير"، جاد شحرور، أن مشهد الاعتداءات والمضايقات "لم يزدد بعد الحرب، إذ رأيناه عام 2019، ولكن بالتأكيد هناك موقف سياسي يؤدي إلى الاستشراس أكثر".  

وقال "شحرور"، في حديثه مع "جسور بوست"، إن "هذا مشهد اعتدناه للأسف في لبنان، ونتيجة الإفلات من العقاب، لا توجد محاسبة لأحد، وكأننا بتنا نعيش في نظام مليشاوي، بحيث إن كل طرف يسيطر على منطقة، ولا يقدر الآخر على الدخول إليها".

جاد شحرور

ووصف "شحرور" مشهد الحريات في البلاد بالقول "يوماً بعد يوم يظهر بأن حزب الله لديه قوة عسكرية سياسية شديدة وقمعية نوعا ما تجاه من ينتقدونه، وهذا لا يظهر على الأرض فقط، بل على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لديه جيش إلكتروني جاهز لتخوين أي شخص يتحدث بعكس مزاجه".

وتابع "هذا يدل على أنه لا توجد عقلية لتقبل الآخر والرأي الآخر في هذا البلد، إذ يجب أن يكون الكل إما أسود أو أبيض، وبالتالي لون واحد.. وإلا يتعرض الفرد للاعتداء أو يتم استدعاؤه للقضاء على حسب الجهة المتضررة، ومن الواضح أن المطلوب أن يكون هناك رأي واحد في تجاه الحرب، مع تخوين أي رأي آخر".

وعن الحلول الممكنة للحد من تلك الظواهر، يرى شحرور، أن "الحل يكون بإرساء فكرة تقبل الرأي الآخر، والاعتراف بالمكونات اللبنانية، وأن يكون العمل التشريعي قائما على أكمل وجه بدلا من أن يكون مجمدا كما الحال اليوم نتيجة غياب رئيس الجمهورية، كما يجب تحسين القوانين والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب، ولكن هذه العناوين يبدو أنها مثالية وقد يستحيل تطبيقها في لبنان.. مع الأمل بأن يتحقق ذلك".

وتقوم مؤسسة "سمير قصير" لحرية الصحافة برصد الانتهاكات التي تحدث شهريا بحق أصحاب الرأي والصحفيين، ويلاحظ أن مستوى التضييق مستمر ويشمل تعرض للناشطين من خلال تخوينهم أو الاعتداء عليهم من قبل جماهير الأحزاب اللبنانية أو استدعائهم من قبل أجهزة الدولة للتحقيق معهم على خلفية مواقفهم. 

قوانين فضفاضة

من ناحيتها، ترى مؤسسة ورئيسة منظمة "إعلام للسلام- ماب"، فانيسا باسيل، أنه بالعودة قليلا إلى الوراء يمكن ملاحظة "التراجع الكبير في مسألة حرية الرأي والتعبير"، مشيرة إلى أن "ما وصلنا إليه اليوم في لبنان هو بسبب ذلك التراجع".

وقالت باسيل في حديثها مع "جسور بوست"، إنه "منذ عام 2019 أصبح التراجع لافتا للنظر.. إذ تراجع لبنان، منذ 5 سنوات فقط، نحو 38 مرتبة (على مؤشر حرية الصحافة)، فأصبح من بين آخر خمسين دولة".

وبحسب تقرير أصدرته مؤسسة "مراسلون بلا حدود" العام الجاري، فقد نال لبنان المركز الـ140 من أصل 180 دولة حول العالم على مؤشر حرية الصحافة.

وبينما تذكر باسيل باستهداف وقتل إسرائيل للصحفيين في جنوب لبنان في ظل الحرب الدائرة، تشير إلى الخطر الداخلي المرتبط بكيفية تعامل السلطة اللبنانية مع قضية حرية والتعبير لناحية "الأسس التي يتم اللجوء إليها لتحديد ما إذا كان نشر منشور ما أو مقال ما أو رأي معين، هو انتهاك لحرية التعبير". 

وأضافت أن الدولة قد تصنف أشكال التعبير تلك على أنها "خطر على الوحدة الوطنية أو مس بالأخلاقيات والآداب العامة، وذلك بهدف توقيف الصحفي وسجنه وتغريمه".

وتتحدث باسيل عن قانون الإعلام في لبنان موضحة أنه "يعود إلى ستينيات القرن الماضي (1962)، وقد تم تعديله مرة واحدة عام 1977، ما يعني أننا ما زلنا نتبع قوانين عمرها عشرات السنين، من دون أن يتم إجراء أي تعديل عليها لتواكب العصر ومتطلباته".

وأضافت أنه "يوجد لدينا أيضا قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي صدر سنة 1994 وقد تم تفصيله على مقاس واضيعه، وخاصة مالكي القنوات التلفزيونية في البلاد".

وكشفت "باسيل" عن ثغرة في القانون، قائلة، إن “مسألة القدح والذم ليست موجودة في قانون الصحافة، بل توجد في القانون الجزائي الذي ينص على أنه من الممنوع المس بالرؤساء والقادة والجيش وغير ذلك. وتحت هذه المادة، بات يتم توقيف الكثير من الصحفيين والناشطين والمواطنين الذين يعبرون عن رأيهم.. أي أن السلطة تلجأ لهذه المادة بدلا من اللجوء إلى قانون المطبوعات المحدث”.

وتابعت باسيل: “المشكلة أن القانون لا يحدد ما المقصود بالقدح والذم والتحقير.. وهذه مشكلة كبيرة في القانون.. لذا يجب أن يكون هناك تحديد ليُعرف كيف يمارس التحقير، مع ضرورة عدم توقيف الصحفيين أساسا، كون الصحفي يجب أن يحاكم وفق قانون المطبوعات وليس القانون الجنائي، على أن ينص قانون المطبوعات على ذلك”.

فانيسا باسيل

وأضافت، "كما لاحظنا في السنوات الأخيرة أن كثيرا من الصحفيين كانوا يمثلون أمام المحكمة العسكرية، وهذا غير معقول.. فالصحفي هو مدني وبالتالي تجب محاكمته أمام المحاكم المدنية.. عدا عن التوقيف الاحتياطي وسلسلة اخرى من الشوائب الموجودة في القوانين والممارسات التي تمس بحرية التعبير".

ويقضي قانون العقوبات اللبناني بالحبس ما بين يوم وسنة بجرم الذم والقدح والغرامة على حسب طبيعة الفرد أو الجهة الموجه إليها ذلك الفعل.

وإلى جانب المطالبة بتعديل القوانين حتى لا يقع الصحفي في شباك السلطة والقوانين الغامضة، تدعو باسيل إلى "صون حرية الرأي والتعبير.. خاصة أن المادة 13 في الدستور تحمي حرية التعبير، كما أن لبنان مُصدق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وهما يصونان تلك حرية.. وهذا يعني أن لبنان -محليا ودوليا- مناصر لحرية الرأي والتعبير وأعلن التزامه تجاه كل من شعبه والمجتمع المدني بأنه سيحميها".

وأضافت "ولكن إذا نظرنا إلى الممارسات على الأرض نلاحظ تناقضا، إذ يوجد مس بذلك الحق، وعدم احترام بالتعهدات التي أعطاها لبنان، وهذه مشكلة كبيرة".

وعمّا تقوم به منظمة "ماب" مع منظمات المجتمع المدني من ضغوط لتعزيز حرية الرأي والتعبير، قالت باسيل: "نحن نتابع ملف حرية الرأي والتعبير منذ زمن، وخاصة قانون الإعلام، إذ إننا غير راضين عن الوضع.. ويوجد الكثير من المواد التي يجب تغييرها في ذلك القانون".

وتابعت: "بعد سنوات من الملاحقة والضغط بات هناك اقتراح قانون جديد للإعلام، ولكن هذا الاقتراح فيه شوائب أسوأ من القانون المعمول به حاليا، فالتعديلات المقدمة من قبل لجنة الإدارة والعدل في البرلمان اللبناني لاقت الكثير من النقد من المجتمع المدني، إذ لم نشعر أن التعديلات المقدمة كافية لحماية حرية الرأي والتعبير".

وأضافت باسيل: "نحن كمجتمع مدني قدمنا قانوناً آخر، ووضعنا التعديلات التي نريدها بشكل مفصل بالتعاون مع منظمات عملها الأساسي مركز حول قانون الإعلام، ورغم ذلك لم تؤخذ تعديلاتنا بعين الاعتبار".

وتابعت: "نحن غير موافقين على مشروع القانون الحالي المقترح من قبل البرلمان، ونأمل ألّا يُقر، وحتى لو تم إقراره فلن نرضى عنه إذ إننا لم نلمس بعد أن القوانين في لبنان تحمي حرية الرأي والتعبير وأنها تتجانس مع الدستور والقانون الدولي الذي صدق لبنان على معاهدته".

وقالت باسيل: "منذ بضعة سنوات أسسنا كمنظمات مجتمع مدني ما سمي بتحالف للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، هذا التحالف يضمن منظمات محلية ودولية، ونحن نجتمع كل فترة للنقاش حول حالات مرتبطة بانتهاكات لحرية الرأي والتعبير في لبنان، ومن ضمن ذلك قضية قانون الإعلام". 

وأضافت "هناك ضرورة للعمل المشترك والتنسيق بين المنظمات للضغط تجاه قضية محددة.. وقد جاء التحالف ليترجم ذلك".

وحول عمل التحالف، قالت، "نحن نصدر بيانات في كل مرة يحدث فيها انتهاك لحرية الرأي والتعبير، كما نعقد مؤتمرات صحفية في حال توقيف أو ملاحقة صحفيين، خاصة أن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية (التابع لقوى الأمن الداخلي) يركز عمله في السنوات الخمس الأخيرة على الصحفيين والناشطين لناحية الاستدعاءات للتحقيق. 

وتابعت: "نحن ضد مثل هذه الاستدعاءات، والتوقيفات الاحتياطية التي قد تصل إلى حدود 48 ساعة في بعض الأحيان".

وأضافت: "خلال الأزمة أيضا رفعنا الصوت لرفض ما يحدث ولنراقب السلطة ونقول لها إن أفعالك غير مقبولة، فكنا كتحالف صوت واحد وانتقدنا ما يحدث، ومنذ فترة اجتمع عدد من أفراد التحالف مع قاضي النيابة العامة التنفيذية وأطلعوه على الانتهاكات التي تحصل في موضوع حرية الرأي والتعبير".

وأشادت "باسيل" بدور المجتمع المدني لناحية حماية حرية الرأي والتعبير، معتبرة أنه "لولا وجود المجتمع المدني لكان المشهد في لبنان أسوأ بكثير، خصوصا أن الوضع في لبنان ما زال أفضل بكثير منه في الدول العربية لجهة حرية الرأي والتعبير، إذ لدينا حرية صحافة وهامش عالٍ من الحرية، ولذا لا نرضى بالانتهاكات كونها ليست من ثقافتنا ولا قوانيننا، ولا نقبل بأن يكون هناك تراجع في مستوى حرية والتعبير".

يذكر أن وزير الإعلام اللبناني في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، كان قد أعرب في وقت سابق عن دعمه للصحفيين، معتبرا أن قانون الإعلام الجديد المقترح يضمن "حرية أكبر للصحفيين، شرط الحرية المسؤولة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية