أزمة بنغلاديش.. من رفض "كوتة" التوظيف إلى "فرار الشيخة" خارج البلاد (صور)
أزمة بنغلاديش.. من رفض "كوتة" التوظيف إلى "فرار الشيخة" خارج البلاد (صور)
مظاهرات حاشدة في بنغلاديش بدأت بمسيرات شبابية سلمية رافضة لـ"كوتة" التوظيف وانتهت بمهاجمة مقر إقامة رئيسة الوزراء التي فرت خارج البلاد، ليعلن الجيش عن نيته تعيين حكومة مؤقتة تدير شؤون البلاد حتى يتم إقامة انتخابات جديدة.
الأزمة بدأت بمظاهرات سلمية قوبلت بعنف من أجهزة الأمن، فسقط عدد من القتلى والمصابين، لتزداد الاحتجاجات اشتعالا وتزداد التظاهرات صخبا وينضم إليها شرائح المجتمع كافة، مطالبين برحيل رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
مع تطورات الأحداث وتفاقم الوضع وارتفاع عدد القتلى، وخروج الأمور عن السيطرة في العاصمة "دكا"، تدخل الجيش وأعلن رحيل رئيسة الوزراء، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة.
الثورة العارمة وضعت حدا لحكم الشيخة حسينة الممتد منذ عام 2009، لكن بعد سقوط 300 قتيل على الأقل ومطالبات بتولي محمد يونس صاحب نوبل الحكومة المؤقتة، فكيف توالت الأحداث في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 170 مليون نسمة؟
بداية الأحداث
بدأت القصة في 7 يوليو الماضي، عندما أغلق الطلاب الطرق العامة والسريعة وخطوط السكك الحديدية بشكل يومي، احتجاجا على نظام حصص التوظيف في القطاع العام.
في البداية، سخرت رئيسة الحكومة الشيخة حسينة من الطلاب وقالت إنهم "يضيعون وقتهم"، لكن سرعان ما اشتعلت الأمور، بمقتل 6 أشخاص يوم 16 يوليو الماضي في 3 مدن نتيجة للصدامات بين المحتجين.
وألقت الشيخة حسينة خطابا في 17 يوليو الماضي، بعد تشييع جنازة القتلى الستة، الذين حملوا في نعوش ملفوفة بالعلم الوطني الأحمر والأخضر، قبل أن تفض شرطة مكافحة الشغب مراسم تأبينهم.
خطاب رئيسة الوزراء كان مخيبا للآمال، حيث خرجت فقط لمطالبة المتظاهرين بالهدوء، ووعدت بتحقيق العدالة للطلبة الذين قتلوا.
انتشار العنف
تفاقمت الأمور بعد ذلك وساد العنف على الاحتجاجات، وفي 18 من يوليو تحولت العاصمة "دكا"، إلى مدينة أشباح بقطع الإنترنت، وإحراق مبان، وسط مسيرات تردد هتافات "لتسقط الديكتاتورة"، مطالبة برحيل رئيسة الوزراء.
في ذلك اليوم، قتل 32 شخصا على الأقل، وأصيب المئات في صدامات شهدت هجمات على مراكز الشرطة والمباني الحكومية، وذكرت قناة "التلفزيون المستقل" الخاصة، وقوع اشتباكات في 26 منطقة على الأقل داخل بنغلاديش، قبل أن تقطع السلطات الإنترنت بالكامل.
في اليوم التالي، 19 يوليو، حظرت الحكومة التجمعات في الأماكن العامة، لكن هذا لم يوقف العنف، حيث اقتحم عدة سجون في منطقة، نارسينغدي في وسط البلاد، وأطلقوا سراح أكثر من 800 سجين، وأحرقوا المبنى.
ونتيجة لذلك أعلنت الحكومة حظر التجول لمدة 24 ساعة، ونشر الجيش قواته للحفاظ على الأمن في مدن، لكن في 20 يوليو تحدى آلاف المتظاهرين القرار، وتظاهروا في حي رامبورا، لتطلق الشرطة الرصاص الحي، وتتسبب في إصابات.
تدخل القضاء
واستجاب القضاء في 21 يوليو، لبعض مطالب الطلاب التي بدأت بها الاحتجاجات، وقررت المحكمة العليا في بنغلاديش، خفض نظام حصص التوظيف في القطاع العام.
قرار المحكمة الحذر، أكد أن القرار لا يلغي النظام الحالي، ووجه دعوة للطلاب بالعودة إلى مدارسهم، بينما رد أبرز تجمع طلابي "طلبة ضد التمييز"، بمواصلة التحرك في الشارع.
وفي محاولة لإعادة الأمور لطبيعتها، عاد الإنترنت بشكل جزئي يوم 23 يوليو، وأعلن الجيش وقتها أن الوضع "تحت السيطرة" منذ اليوم الذي سبق إعادة الإنترنت.
في 26 يوليو الماضي، اعتقل ثلاثة من قادة حركة الاحتجاج، آصف محمود وناهد إسلام وأبو بكر ماجومدر في مستشفى في دكا حيث كانوا يتلقون العلاج بعد تعرضهم، بحسب قولهم، للتعذيب.
تدخل الجيش
وتعرضت حكومة بنغلاديش لموجة تنديد دولية من الاتحاد الأوروبي ومنظمات غير حكومية والأمم المتحدة، كلها أدانت الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.
وأعلنت الحكومة أنها ستحظر أكبر حزب إسلامي، "الجماعة الإسلامية"، وجناحها الطالبي، شيبير، لكن ذلك لم يكن له تأثير على تخفيض حدة الاحتجاجات.
في 4 أغسطس، دعا قائد الجيش السابق الجنرال إقبال كريم بويان الحكومة إلى سحب الجيش من الشوارع وأدان "عمليات القتل الصارخة"، وقال قائد الجيش الحالي وقر الزمان إن الجيش "كان دائما إلى جانب الشعب".
المشهد الختامي
في 5 أغسطس، كان المشهد الختامي احتفاليا للمتظاهرين بإعلان فرار الشيخة حسينة خارج البلاد، من دكا، في مروحية، بينما هاجم آلاف المتظاهرين قصرها وسيطروا عليه.
وتحولت المظاهرات إلى احتفالات في الشوارع، إذ ظهر البعض يرقص على أسطح السيارات المدرعة والدبابات، رافعين علم بنغلاديش.
وأعلن الجنرال، وقر الزمان، على التلفزيون الرسمي للبلاد، أنه "آن الأوان لإنهاء العنف"، مشيرا إلى أن الجيش سيكل حكومة انتقالية لقيادة البلاد.
مطالبات برئاسة "يونس" للحكومة المؤقتة
وفي خطوة جديدة، أكد الطلاب المحتجون في بنغلاديش أنهم سيضغطون من أجل إشراف محمد يونس الحائز جائزة نوبل على الحكومة المؤقتة.
وقال قائد حركة "طلاب ضد التمييز"، ناهد إسلام، في تسجيل مصوّر "قررنا أن يتم تشكيل حكومة مؤقتة يكون الحائز جائزة نوبل الدكتور محمد يونس الذي يتمتع بقبول واسع، كبير مستشاريها"، بحسب فرانس برس.
وكتب قائد آخر لحركة "طلاب ضد التمييز" يدعى آصف محمد على فيسبوك "نثق بالدكتور يونس".
يعود الفضل إلى خبير الاقتصاد يونس (84 عاما)، في انتشال الملايين من الفقر من خلال مصرفه للقروض الصغيرة لكنه واجه انتقادات من حسينة التي اتّهمته بـ"مص دماء" الفقراء.
ويونس حاليا في أوروبا وأفاد مساعد مقرّب منه في وقت متأخر الاثنين بأنه لم يحصل حتى اللحظة على أي عرض من الجيش لقيادة الحكومة المؤقتة.