«تغييرات مستمرة».. تحديث نظام التعليم الثانوي في مصر يربك الطلبة والمعلمين
«تغييرات مستمرة».. تحديث نظام التعليم الثانوي في مصر يربك الطلبة والمعلمين
تشهد مصر تغييرات كبيرة في نظام التعليم الثانوي، ما يثير القلق بين الطلبة والمعلمين.
ويشمل النظام الجديد تقليص عدد المواد التي يدرسها الطلاب في الصفين الأول والثاني الثانوي من 10 إلى 6، وفي الصف الثالث من 7 إلى 5 مواد، كما سيتم إلغاء مواد مثل الفلسفة وعلم النفس والجيولوجيا، مع تحويل اللغة الأجنبية الثانية والتربية الدينية إلى مواد نجاح ورسوب خارج المجموع.
رغدة فاروق، خريجة قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، تخرجت هذا العام على أمل أن تصبح معلمة، وفق تقرير نشرته وكالة رويترز اليوم الأحد، إلا أن قرار وزارة التربية والتعليم بإلغاء مادة الفلسفة من الثانوية العامة بدد أحلامها، وتعبر رغدة عن إحباطها قائلة: "كيف تلغى مادة تشكل العقل؟".
فوجئ المعلم محمد عبدالحميد، الذي يدرّس اللغة الفرنسية، بتهميش مادته بعدم احتسابها في المجموع، ما أثار قلقه بشأن مستقبله المهني.. يقول: "الأمر يمثل كارثة لنا كمعلمي اللغة الفرنسية".
رأي الوزارة والخبراء
أكد وزير التربية والتعليم أن خطة إعادة هيكلة المناهج تستند إلى "قواعد علمية" وتمت مراجعتها من قبل خبراء، كما أنها تهدف إلى تخفيف العبء عن الأسر المصرية.
وأوضح أستاذ المناهج بجامعة عين شمس حسن شحاتة، أن الهدف من الخطة هو التركيز على المواد المؤهلة للجامعة وتقليل العبء المالي على أولياء الأمور.
ورحّب بعض أولياء الأمور بالنظام الجديد، مثل خبيرة الآثار بمحافظة الفيوم (د.أ) التي قالت: "النظام الجديد خفف حمل المذاكرة والدروس الخصوصية"، بينما أثار تقليص المواد مخاوف بعض الطلاب وأولياء الأمور بشأن تأهيلهم المعرفي وسوق العمل.
النقاش حول تأثير التغييرات
يرى الباحث عمار حسن أن تقليص المواد الإنسانية مثل الفلسفة وعلم النفس يمثل "خطورة كبيرة"، حيث تساعد هذه المواد على تكوين الفكر والرأي وصياغة الشخصية.
بينما أشار الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب إلى أن الدعوة للتركيز على التخصصات العلمية مثل تكنولوجيا المعلومات والبرمجة هي خطوة مهمة، لكنها تحتاج إلى توافر الصناعات الكبرى أولاً.
غياب الاستراتيجية الثابتة
يشكو البعض من التغيير المستمر في المناهج بسبب غياب استراتيجية تعليمية ثابتة؛ فيرى محمد عبد العزيز، أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس، أن "كل وزير يأتي بفكرة مختلفة"، ما يسبب ارتباكًا في النظام التعليمي.
ومع ذلك، أكد أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، ثروت فتحي، أن التغيير في المناهج ضروري، لكنه يجب أن يتم وفق رؤية طويلة الأمد.
التحديات والحلول
يرى الخبراء أن إصلاح التعليم في مصر يتطلب وضع سياسة تعليمية محددة تعتمد على معايير دولية، وأن يتم ربط مخرجات التعليم بسوق العمل، كما يجب على القطاع الخاص والمجتمع المدني لعب دور أكبر في تطوير التعليم وتمويل تعيين المعلمين.
آمال الطلبة والمعلمين
تشعر رغدة فاروق، خريجة الفلسفة، بالإحباط بسبب إلغاء مادتها، وتقول: “الحل هو أن أشعر بأن لي مستقبلاً وأن أحصل على فرصة عمل كريمة”، بينما يختصر محمد عبدالحميد، معلم اللغة الفرنسية، تطلعاته بثلاث كلمات: "أن أستطيع العيش".
احتل التعليم في مصر عام 2023 المرتبة الـ90 على مؤشر المعرفة العالمي، الذي يُعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويغطي 133 دولة حول العالم.
أُطلق المؤشر عام 2017، ويصدر سنويا ويعتمد على 7 مؤشرات فرعية، هي التعليم قبل الجامعي والتعليم والتدريب الفني والمهني والتعليم العالي وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والبحث والتطوير والابتكار والاقتصاد والبيئة التمكينية.
وجاءت مصر في المركز التاسع عربيا على المؤشر الذي تصدرته سويسرا في 2023.