عمر فاتح.. أمريكي من أصول صومالية يتعرض لهجمات عنصرية في مينابوليس

عمر فاتح.. أمريكي من أصول صومالية يتعرض لهجمات عنصرية في مينابوليس
عمر فاتح

في وقتٍ لم تهدأ فيه ضجة ترشح زهران ممداني، الشاب الديمقراطي ذي الأصول الآسيوية، لمنصب عمدة نيويورك، اشتعلت عاصفة أخرى بطلها عمر فاتح، السيناتور في مجلس شيوخ ولاية مينيسوتا الأمريكية، الذي يخوض معركة جديدة ليصبح عمدة مدينة مينيابوليس، المدينة التي ظلت جرحًا مفتوحًا منذ مقتل جورج فلويد على يد الشرطة.

فاتح، البالغ من العمر 35 عامًا، نشأ في واشنطن العاصمة لوالدين مهاجرين من الصومال، وحصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة. تنقل في مسيرته بين العمل كمحلل أعمال ومنسق مشاريع، حتى نجح في دخول مجلس شيوخ ولاية مينيسوتا عام 2020، ليصبح أول أمريكي من أصل صومالي وأول مسلم يشغل هذا المنصب هناك وفق صحيفة "USA Today".

هجمات إلكترونية

وكما حدث مع ممداني، لم تكن الطريق أمام فاتح معبّدة بالأمل فقط؛ بل واجه هجمات عنصرية طالت دينه وأصوله ومظهره، إلى جانب انتقادات لسياساته التقدمية، وبينما يتبنى سياسات تسعى لرفع الحد الأدنى للأجور وتحسين حقوق سائقي تطبيقات النقل ومكافحة عنف الشرطة، وجد نفسه في قلب معركة إلكترونية تنكر عليه حتى حقه في أن يكون أمريكيًا.

يؤمن فاتح بأن مهمة العمدة لا تقتصر على الإدارة فقط، بل تتطلب شجاعة الوقوف في وجه ما وصفه "بممارسات إدارة ترامب" التي يرى أنها تضيق الخناق على المجتمعات المهاجرة. يقول: "سواء كان الأمر يتعلق بمداهمة لمراكز الهجرة أم لا، فإن سكاننا يستحقون عمدة يقف في وجه دونالد ترامب ويقول: لا، ليس في مجتمعنا".

لكن الكراهية الإلكترونية لم تتوقف عند حدود الانتقاد السياسي، بل وصلت إلى حدّ التشكيك في جنسيته، واتهامات بمحاولة "غزو إسلامي" لأمريكا، كما كتب ناشط يميني بارز، في المقابل، رد فاتح بأن مينيابوليس مدينة متنوعة وقادرة على احتضان الجميع، مؤكداً أن هذه الكراهية لا تعكس حقيقتها.

وفي الوقت نفسه، يواصل زهران ممداني، البالغ من العمر 33 عامًا، معركته الانتخابية في نيويورك وسط موجة مماثلة من التمييز، ورغم تعرّضه لهجمات إلكترونية بسبب هويته كمسلم تقدمي، حقق فوزًا بارزًا في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، متفوقًا على منافسين بارزين، ليصبح أقرب من أي وقت مضى إلى أن يكون أول عمدة مسلم لنيويورك.

خطاب الكراهية

تاريخيًا، طالما كانت مشاركة الأمريكيين المسلمين في الحياة السياسية محفوفة بالريبة والتشكيك، رغم أنهم جزء من نسيج المجتمع الأمريكي. ومع أن موجات الهجرة زادت من حضورهم العددي والسياسي، إلا أن سرديات "الخوف من الآخر" ما زالت تُستخدم سلاحًا انتخابيًّا ضدهم.

وفق تقارير حقوقية أمريكية، ارتفعت خلال السنوات الأخيرة معدلات خطاب الكراهية عبر الإنترنت ضد المرشحين المسلمين، خاصة في مواسم الانتخابات، وتشير بيانات صادرة عن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) إلى أن ما لا يقل عن 80% من المرشحين المسلمين في الانتخابات الأخيرة واجهوا تهديدات أو شتائم أو حملات تشويه علنية.

ورغم ذلك، يرى مراقبون أن هذه الهجمات تكشف عن تغيّر أعمق في المجتمع الأمريكي، إذ لم تعد الحملات التقدمية للمرشحين المسلمين استثناءً بل باتت جزءًا طبيعيًا من المشهد السياسي، تعكس جيلًا جديدًا أكثر تنوعًا لا يخشى رفع صوته دفاعًا عن حقوق المهمشين.

وفي قلب هذا المشهد، تظل قصتا فاتح وممداني رمزًا لتحدي التمييز العنصري والديني، ولقوة السياسة كأداة لإعادة تعريف الانتماء والهوية، وبينما تنقسم أصوات الناخبين بين مؤيدٍ ورافض، يثبت هذان الشابان أن الطريق إلى التغيير ليس خاليًا من الأشواك، لكنه أيضًا ليس مستحيلًا.

قد يربح فاتح أو يخسر في مينيابوليس، وقد ينجح ممداني في الوصول إلى منصب عمدة نيويورك أو لا، لكنهما نجحا بالفعل في توسيع حدود النقاش حول معنى أن تكون مسلمًا أمريكيًا في زمن تصاعد الاستقطاب، ليُظهرا أن السياسة ليست فقط لعبة أرقام، بل معركة يومية من أجل الاعتراف والكرامة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية