حرب غزة.. البحث عن المنتصر

حرب غزة.. البحث عن المنتصر
محمد الحمادي

مرّ عام على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، ومع ذلك، ورغم أنه لا يبدو واضحاً من هو المنتصر ومن الخاسر في هذه الحرب، فإنّ كلاً من حماس وحكومة نتنياهو يَعتبِران أنهما منتصران!

الصراع الذي بدأ بعد أحداث مفاجئة في 7 أكتوبر 2023 استمر في تدمير حياة آلاف الأبرياء من الطرفين، وأظهر بشكل صارخ عجز الطرفين عن تحقيق أهدافهما، ما يعني أنه لا يوجد رابح في هذا النزاع، فكلا الطرفين غارق في الخسائر الفادحة.

فمنذ اندلاع الحرب وإسرائيل تعيش حالة من الخوف والقلق المستمرَين، وعلى الرغم من الحملة العسكرية المكثفة على قطاع غزة، لم تستطع إسرائيل توفير الأمن الكامل لمواطنيها؛ الضربات الصاروخية المستمرة من قبل حماس والمجموعات المسلحة الأخرى جعلت العديد من المدن الإسرائيلية في حالة تأهب دائم؛ ما خلق حالة من الرعب في صفوف الشعب الإسرائيلي لدرجة أن العديد من التقارير تشير إلى أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين، تصل إلى ربع السكان، يفكرون في الهجرة هرباً من الأوضاع الأمنية المتدهورة.

وإسرائيل التي تعتبر نفسها منتصرة في هذه الحرب التي تخوضها بحجة الدفاع عن النفس ضد الإرهاب، خسرت كثيراً من المؤيدين وتعرضت لانتقادات دولية واسعة بسبب خرقها القوانين الدولية الإنسانية، فالقصف العشوائي لغزة، واستهداف البُنية التحتية الحيوية، والقتل الجماعي للمدنيين، أثارت استنكاراً عالمياً... المنطق يقول إنه لا يمكن لإسرائيل أن تتحدث عن "الانتصار" وهي تخالف القوانين الدولية، وتزيد عُزلتها السياسية على الساحة العالمية.

في الطرف الآخر تدعي حماس أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي وتدافع عن حق الفلسطينيين في الحرية، وخرج خالد مشعل في الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر ليعلن انتصاره! لكن الحقيقة هي أن غزة، تحت حكم حماس، تعاني دماراً شاملاً، فالبنية التحتية الحيوية دُمّرت، والمنازل تحولت إلى أنقاض، والمستشفيات تكافح لمعالجة الأعداد الهائلة من الجرحى... عشرات الآلاف من الفلسطينيين فقدوا أرواحهم في هذا النزاع؛ ما يجعل من الصعب تصديق أن حماس حققت أي "انتصار".

فحماس فشلت في حماية المدنيين في غزة من الكوارث الإنسانية المتزايدة، كما أن استمرار النزاع عمّق الانقسامات الفلسطينية الداخلية، وزاد من معاناة الشعب الذي وجد نفسه بين مطرقة الاحتلال وسندان عناد حماس وإصرارها على التضحية بالشعب وربما بالأرض أيضاً.

في ضوء هذه الحقائق، لا يمكن لأي من الطرفين ادعاء النصر، فالحرب التي استمرت عاماً كاملاً لم تُؤدِ إلى تحقيق أي من الأهداف المعلنة، سواء من جانب إسرائيل أو حماس، وبدلاً من الانتصار، ترك النزاع خلفه دماراً شاملاً، ومعاناة لا حدود لها للمدنيين على الجانبين.

الواقع على الأرض مخالف لما يدعيه الطرفان، وهناك ثلاث حقائق لا يمكن إنكارها؛ الحقيقة الأولى هي أن الطرفين خاسران وأن المنطقة في خطر، فالأوضاع الإنسانية في غزة في أسوأ حالاتها، بينما يعيش الإسرائيليون في خوف دائم، والحقيقة الثانية هي أن آثار هذه الحرب ستظل تلاحق الطرفين لسنوات طويلة قادمة، والحقيقة الثالثة أن السلام في المنطقة أصبح بعيداً أكثر من أي وقت مضى!



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية