عقب استهداف اليونيفيل.. مخاوف من تمادي إسرائيل في انتهاك القانون الدولي وخلق منطقة عازلة جنوب لبنان

عقب استهداف اليونيفيل.. مخاوف من تمادي إسرائيل في انتهاك القانون الدولي وخلق منطقة عازلة جنوب لبنان

 

في تصعيد جديد يحمل تجرؤاً على القانون الدولي، أعلنت إسرائيل إصابة جنديين من قوات "اليونيفيل" التابعة للأمم المتحدة برصاص الجيش الإسرائيلي، ردا على ما وصفه بـ"الرد على تهديد" في جنوب لبنان.

ويأتي هذا الإعلان بعد موجة من الإدانة الدولية التي تلت إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على نقاط مراقبة تابعة لقوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان، والتي أدت إلى إصابة جنديين من الجنسية الإندونيسية.

في المقابل أعلنت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل" إصابة جنديين من عناصرها، بعد إطلاق دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي النار من سلاحها باتجاه برج مراقبة في مقرها بالناقورة.

وأفادت اليونيفيل في بيان لها، بتعرض مقرها العام في الناقورة لانفجارات للمرة الثانية خلال 48 ساعة؛ حيث انهارت عدة جدران في الموقع التابع للأمم المتحدة رقم (1-31)، بالقرب من الخط الأزرق في اللبونة، عندما قصفت دبابة إسرائيلية محيط الموقع، وتحركت دبابات إسرائيلية بالقرب من موقع الأمم المتحدة.

وتابعت: "هذه الحوادث تضع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تعمل في جنوب لبنان بناءً على طلب مجلس الأمن بموجب القرار 1701 (2006)، في خطر شديد للغاية ويشكّل تطوراً خطيراً (..) كما أن أي هجوم متعمّد على جنود حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701 (2006)".

وقال مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إن بلاده توصي بنقل قوات "اليونيفيل" في لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً، "لتجنّب الخطر مع تصاعد القتال"، وهو ما ترجم من جانب بعض الخبراء ومراقبين بأنه مطلب إسرائيلي لـ"إنشاء منطقة عازلة". 

وفي أواخر أغسطس الماضي، وافق مجلسُ الأمن الدولي التابعُ للأمم المتحدة على تجديد مهمةِ قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان والقائمة منذ عام 2006.

إدانات دولية

وأثارت الاعتداءات الإسرائيلية العديد من الانتقادات والإدانات الدولية، إذ قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، عبر حسابه على موقع "إكس": "أدعو إلى ضمان سلامة قوات اليونيفيل وتنسيق الجهود للانتقال من العمليات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي في أقرب وقت ممكن".

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، هذا الهجوم، قائلاً: "انتهاك للقانون الإنساني الدولي غير مقبول، ويجب على إسرائيل عدم تكرار هذا الأمر".

فيما قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مارسودي، في بيان، إن "اثنين من عناصرها أُصيبا في الهجوم بالناقورة، مهاجمة طواقم وأملاك للأمم المتحدة هي انتهاك فادح للقانون الدولي الإنساني".

وأعربت الصين، في بيان، عن "قلقها البالغ وإدانتها الشديدة للهجوم الإسرائيلي على مواقع وتجهيزات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)".

بدورها استدعت فرنسا سفير إسرائيل لديها لإبلاغه عن قلقها الشديد بعد إطلاق إسرائيل النار على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والتنديد بأي هجوم على أمن اليونيفيل والتي يبلغ عدد جنودها 700، لا سيما وأن هذه الهجمات تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي ويجب أن تتوقف". 

فيما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنها "شعرت بالغضب من الهجوم العسكري الإسرائيلي على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)"، وطالبت إسرائيل بالامتناع عن القيام بأي أعمال عدائية ضدها.

ومن جانبه أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط، أن استهداف القوات الإسرائيلية المتعمّد لعناصر قوة "اليونيفيل" أمر غير مقبول على الإطلاق، منبهاً إلى أن بلاده لن تقبل بإطلاق النار مجدداً على الجنود الأمميين.

كما طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بوضع حد لكل أشكال العنف ضد قوة "اليونيفيل"، قائلا: "ما حدث بمقر اليونيفيل في لبنان غير مقبول على الإطلاق، ونطالب بوضع حد لكل أشكال العنف التي يتعرّض لها الجنود الأمميون.

بدوره اتهم وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، إسرائيل بارتكاب "جرائم حرب محتملة" بعد إعلان قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان إطلاق نار من جانب إسرائيلي، مؤكدا أن هذه الأعمال العدائية تمثل بالتأكيد انتهاكات خطيرة للغاية لقواعد القانون الإنساني الدولي.

فيما قال جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بلبنان في خطر متزايد، وإن الأنشطة العملياتية للقوات توقفت فعليا منذ 23 سبتمبر الماضي.

رفض عربي

وعلى صعيد الدول العربية، أدانت وزارة الخارجية الإماراتية، بشدة الهجوم الذي تعرضت له قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "يونيفيل"، وقالت لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، إن دولة الإمارات تعرب عن استنكارها الشديد للاعتداء على القوات الدولية، خاصة وأن استهداف قوات السلام انتهاك لمبادئ القانون الدولي ولأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.

وشددت المسؤولة الإماراتية على وقوف بلادها ودعمها الراسخ للبنان وسيادته ووحدة أراضيه، وعلى دعمها للدور الهام الذي تقوم به قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان، داعية إلى دعم الجهود الدولية الرامية إلى خفض التصعيد والوقف الفوري لإطلاق النار.

فيما أدانت الخارجية المصرية بأشد العبارات، في بيان، استهداف الجيش الإسرائيلي مواقع وتجهيزات تابعة لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، وإصابة اثنين من جنودها وإلحاق الضرر بالآليات ونظام الاتصالات.

وأكد البيان أن مواصلة الجيش الإسرائيلي جرائمه الشنيعة على مدار عام دون مساءلة دولية، قد أدى إلى تمادى جيش إسرائيل في انتهاكاته الفادحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتحديه بشكل سافر المجتمع الدولي.

وطالبت مصر بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة ولبنان والعمل على خفض التصعيد وتخفيف حدة التوتر، وأهمية التزام الجيش الإسرائيلي بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها.

كما أعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن إدانتها واستنكارها الشديدين للهجوم الذي تعرضت له قوة "اليونيفيل" في جنوب لبنان وكافة أشكال العنف، داعية إلى إجراء تحقيقٍ فوري وشفاف حول ملابسات الهجوم. 

ومن جانبها أعلنت وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية، لولوة بنت راشد الخاطر، عن إدانة بلادها بأشد العبارات الهجوم الوحشي الذي استهدف قوة "اليونيفيل"، قائلة: "هذا العدوان الإسرائيلي يعد انتهاكا سافرا لأحكام القانون الإنساني الدولي، وضربا لقرار مجلس الأمن رقم (1701) بعرض الحائط".

وأكدت وزارة الخارجية الكويتية إدانة بلادها لاعتداء القوات الإسرائيلية على قوة "اليونيفيل" في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما القرار رقم 1701، مشددة على أهمية المحافظة على أمن وسلامة أفراد وموظفي الأمم المتحدة واحترام حرمة مبانيها

بدورها أدانت الخارجية الأردنية، في بيان، القصف الإسرائيلي المتكرر لقوات "اليونيفيل"، مؤكدة أن القصف يعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرار مجلس الأمن 1701، يستوجب محاسبة المسؤولين عنه.

منطقة عازلة

بدوره استبعد الدكتور نبيل ميخائيل، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة والمتخصص في الشؤون الأمريكية والدولية، اتخاذ موقف دولي حازم مع الاعتداءات الإسرائيلية مع قوات "اليونيفيل"، لا سيما وأن واشنطن ستقف بالفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار تجاه تل أبيب.

وأوضح ميخائيل في تصريحه لـ"جسور بوست" أن إسرائيل تكرر في جنوب لبنان ما حدث في قطاع غزة، من استهداف منظمة الأونروا وقتل أعضائها وتدمير مقراتها، متوقعا في حال انتهاء القتال أن يطلب مجلس الأمن تعزيز صلاحيات الجيش اللبناني للسيطرة على بلاده حتى جنوب بلاده.

ورجح الخبير في الشؤون الأمريكية والدولية، أن يدفع عدم اتخاذ موقف دولي قوي إسرائيل لخلق منطقة عازلة في جنوب لبنان، مستبعدا اتخاذ واشنطن لأي موقف تجاه الأحداث، خاصة مع اقتراب السباق الانتخابي الرئاسي وسعي المرشحين الديمقراطي والجمهوري إلى حصد أصوات الداعمين لإسرائيل. 

واتفق مع الرأي السابق الدكتور سعيد صادق، الخبير والأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي بمصر، مؤكدا أن الرفض المتصاعد للجريمة الإسرائيلية ضد قوات "اليونيفيل" لا يعني الدفع بجهود التهدئة في لبنان، وذلك ما لم يتحول إلى إجراءات في مجلس الأمن توقف اعتداءات إسرائيل. 

ودعا صادق في تصريحه لـ"جسور بوست" إلى ضرورة انعقاد جلسة طارئة بمجلس الأمن تخرج بقرارات حاسمة لفرض احترام للقانون الدولي والهيئات الدولية، ولا يجعلها يطاح بها على هذا النحو الذي نراه مع قوات يونيفيل في جنوب لبنان ومنظمة الأونروا في قطاع غزة.

وأضاف: "الخارجية الإسرائيلية اعتبرت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، شخصا غير مرغوب فيه، ولم يعترض أحد، وهذا يشجع إسرائيل على تهديد القانون الدولي والاستمرار في الغطرسة بدعم أمريكي، سبق أن هدد بمحاسبة قضاة الجنائية الدولية لو لاحقت مسؤولين إسرائيليين". 

ووفق ما رآه صادق، فإن واشنطن تهدد النظام والقوانين الدولية، بهذا الدعم المطلق لإسرائيل، لا سيما وأن التصعيد الإسرائيلي متوقع -في ظل هذا الدعم الدولي- أن يستمر في لبنان وتزداد وقائع جرائمه اليومية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية