بين الحماية والحرية.. من يحسم جدل السن القانونية للأطفال في عالم التواصل الاجتماعي؟
بين الحماية والحرية.. من يحسم جدل السن القانونية للأطفال في عالم التواصل الاجتماعي؟
أثار الجدل حول تحديد أعمار المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي موجة من النقاشات الحادة والمتشعبة التي تجمع بين مخاوف حقوقية، وتقنية، ونفسية، في عصر أصبحت فيه التكنولوجيا الرقمية محور الحياة اليومية لملايين البشر حول العالم، بات السؤال حول الحد الأدنى المسموح به لدخول هذه العوالم الافتراضية قضية محورية تثير مشاعر القلق لدى صناع القرار، والأسر، والمجتمعات.
وينبع التوجه نحو فرض قيود صارمة على أعمار المستخدمين لمنصات مثل فيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك، من مخاوف متزايدة حول تأثير هذه المنصات على الفئات العمرية الأصغر سنًا، وخاصة المراهقين والأطفال.
ورغم أن أغلب هذه المنصات تضع حدًا أدنى للاستخدام عند 13 عامًا، فإن الالتزام بهذا الشرط يبدو أمرًا صعبًا على أرض الواقع، ففي تقرير نشرته Common Sense Media عام 2022، تم الكشف عن أن 40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا يستخدمون بالفعل وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أن هذه الفئة العمرية غير مصرح لها قانونيًا بدخول هذه المنصات. هذا الوضع يعكس تحديات حقيقية في تطبيق القيود المفروضة من قبل الشركات، وكذلك في مراقبة الأهل لسلوك أبنائهم في العالم الرقمي.
وتسلط هذه الأرقام الضوء على مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الشباب، حيث أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تجربتهم اليومية للتفاعل الاجتماعي، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها Statista عام 2023، فإن 97% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي بانتظام، ما يعكس مدى تغلغل هذه الوسائل في حياتهم وتشكيلها جزءًا أساسيًا من هويتهم الرقمية، هذا الانتشار الواسع يطرح تساؤلات حول مدى استعداد هذه الفئة العمرية للتعامل مع تحديات الفضاء الرقمي، حيث يتعرضون لمحتوى غير ملائم أو مضر قد يؤثر على تطورهم النفسي والاجتماعي.
إحدى أبرز المشكلات التي تثير القلق لدى الأوساط الحقوقية والاجتماعية هي مسألة التنمر الإلكتروني، وفقًا لدراسة أجرتها Pew Research Center في الولايات المتحدة، تعرض 59% من المراهقين لشكل من أشكال التنمر عبر الإنترنت، ما يشير إلى أن المنصات الاجتماعية ليست مجرد أماكن للتفاعل والمشاركة، بل قد تتحول إلى ساحات للصراع والإيذاء النفسي. التنمر الإلكتروني قد يترك آثارًا نفسية عميقة على الشباب، ويزيد من احتمالية الإصابة بالقلق، والاكتئاب، وحتى التفكير في الانتحار في بعض الحالات.
وتشير الدراسات أيضًا إلى أن المراهقين الذين يقضون فترات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي معرضون أكثر للإصابة بمشاكل نفسية.
وأظهرت دراسة نُشرت في مجلة الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين أن المراهقين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من 3 ساعات يوميًا كانوا أكثر عرضة للتعرض لمشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق، هذه الأرقام تسلط الضوء على أهمية مراقبة استخدام الأطفال والمراهقين لهذه المنصات، خاصةً في ظل غياب رقابة كافية من قبل الشركات المسؤولة عن تلك المنصات.
مخاطر نفسية واجتماعية
ولا يقف الجدل عند حدود المخاطر النفسية والاجتماعية، بل يمتد ليشمل أيضًا الجانب الاقتصادي، تعتمد العديد من الشركات التكنولوجية الكبرى على قاعدة المستخدمين الشابة لتحقيق أرباح ضخمة من خلال الإعلانات الموجهة وجمع البيانات، ووفقًا لتقديرات eMarketer لعام 2023، بلغ الإنفاق العالمي على الإعلانات في منصات التواصل الاجتماعي حوالي 183 مليار دولار، جزء كبير من هذا المبلغ يعتمد على الفئات العمرية الشابة كمستهلكين رئيسيين، وبالتالي، فإن فرض قيود صارمة على أعمار المستخدمين قد يؤدي إلى تقليص قاعدة المستخدمين، وبالتالي التأثير على الأرباح والإيرادات، هذا الضغط الاقتصادي يجعل من الصعب على الشركات تبني سياسات أكثر صرامة بخصوص تحديد الأعمار، ما يخلق توازنًا معقدًا بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية.
من الجانب التشريعي، بدأت بعض الدول في اتخاذ خطوات لتنظيم هذه المسألة. في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تم تمرير قانون الأمان على الإنترنت عام 2021، الذي يلزم الشركات باتخاذ تدابير صارمة لحماية القاصرين من المحتوى الضار. وفي الولايات المتحدة، تم اقتراح تشريعات مشابهة مثل مشروع قانون كاليفورنيا الذي يحظر استخدام الأطفال دون سن 16 عامًا لمنصات التواصل الاجتماعي دون موافقة ولي الأمر، هذه الجهود التشريعية تعكس اعترافًا متزايدًا بأهمية وضع ضوابط قانونية لحماية الفئات العمرية الأصغر، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول مدى فعالية هذه القوانين في ضوء التطور السريع للتكنولوجيا.
وفي ما يتعلق بالتقنيات المستخدمة للتحقق من الأعمار، تسعى بعض المنصات لتطوير أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحديد أعمار المستخدمين. على سبيل المثال، قامت "تيك توك" و"إنستغرام"، بتطبيق تقنيات تستخدم التعرف على الوجه لتحليل الصور وتحديد أعمار المستخدمين، ومع ذلك، تظل هذه التقنيات محل جدل، حيث تشير تقارير إلى إمكانية التحايل عليها من خلال إدخال بيانات مزيفة، ما يعيد النقاش إلى ضرورة وجود آليات أكثر صرامة وفاعلية للتحقق من الأعمار.
ويرى البعض أن فرض قيود صارمة على أعمار المستخدمين قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، فعلى سبيل المثال، قد يدفع ذلك الأطفال والمراهقين للبحث عن منصات بديلة وأقل تنظيمًا، ما يعرضهم لمزيد من المخاطر، إضافةً إلى ذلك، هناك تساؤلات حول دور الأهل في هذه المعادلة، حيث يُعد إشراف الأهل ومتابعتهم سلوك أبنائهم الرقمي أمرًا بالغ الأهمية.
ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2022، فإن 67% من الآباء في الولايات المتحدة يعترفون بصعوبة مراقبة استخدام أبنائهم لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال، هذا يعكس الحاجة إلى تعزيز الوعي الأسري وتوفير الموارد اللازمة للآباء لتوجيه أبنائهم نحو استخدام آمن ومسؤول.
وفي سياق متصل، لا يمكن إغفال المخاوف المتعلقة بحماية البيانات الشخصية للأطفال والمراهقين، ويعد استغلال البيانات وجمع المعلومات الشخصية دون إذن مشكلة جوهرية في عالم التواصل الاجتماعي. وفقًا لتقرير أصدرته "اللجنة الفيدرالية للتجارة الأمريكية (FTC)"، تم تغريم منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" بسبب انتهاكها لقوانين حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA) ووفقًا لهذا القانون، يُحظر على الشركات جمع بيانات الأطفال دون سن 13 عامًا دون موافقة ولي الأمر، ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن الامتثال لهذه القوانين ليس كاملًا، ما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومات على فرض رقابة صارمة في هذا المجال.
أحد الحلول المقترحة من قبل بعض المنظمات الحقوقية، مثل "اليونيسف"، هي تبني نهج أكثر شمولية يجمع بين التشريعات الحكومية والتثقيف المجتمعي، فبينما تُعتبر القوانين والضوابط التقنية أدوات هامة لحماية الأطفال على الإنترنت، تؤدي التربية الرقمية دورًا محوريًا في هذه المعادلة، كذلك التركيز على تعزيز قدرات الأطفال والمراهقين على فهم المخاطر الرقمية، واتخاذ قرارات واعية ومستنيرة حول كيفية استخدام هذه المنصات، هذا التوجه يعكس فكرة أن الحلول التقنية وحدها قد لا تكون كافية، بل يجب أن تتكامل مع جهود توعية شاملة تشمل الأسرة والمدرسة والمجتمع.
مع كل هذه التحديات، يتضح أن الجدل حول تحديد أعمار المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي لا يزال بعيدًا عن الحل النهائي.
معقدة تتطلب تنسيقًا بين الأطراف المختلفة، بدءًا من الحكومات والمنظمات الحقوقية وصولًا إلى الشركات التكنولوجية والمجتمعات المحلية.
يبقى السؤال المركزي: كيف يمكن تحقيق التوازن بين حرية الوصول إلى المعلومات والتفاعل الاجتماعي الرقمي، وبين حماية الفئات العمرية الصغيرة من المخاطر التي تهدد سلامتهم النفسية والاجتماعية؟
بين الحماية والتربية الرقمية
وقال أستاذ القانون الجنائي وحقوق الإنسان، الدكتور محمود سرحان، إن استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي يعد من أكثر القضايا الجدلية والمثيرة للقلق في العصر الحديث، التكنولوجيا الرقمية التي كانت في البداية وسيلة للتواصل وتبادل المعرفة، أصبحت بيئة معقدة تتداخل فيها عناصر الترفيه، والتعلم، والتفاعل الاجتماعي، إلى جانب المخاطر النفسية والاجتماعية التي قد تنشأ عن هذا التداخل. الأطفال والمراهقون، بصفتهم مستخدمين ناشئين لهذه المنصات، هم الأكثر عرضة للتأثر بالبيئة الرقمية بأبعادها المختلفة، وهو ما يطرح تساؤلات حول العمر المناسب لبدء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومدى تأثير ذلك على تطورهم النفسي والاجتماعي.
وتابع سرحان، في تصريحات لـ"جسور بوست"، الأطفال الذين يدخلون إلى عالم وسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة يواجهون تحديات تتعلق بتشكيل هويتهم الذاتية، المراهقة هي فترة حساسة من حيث تكوين الهوية، حيث يبدأ الأفراد في البحث عن ذواتهم ومحاولة التكيف مع توقعات المجتمع، ومنصات التواصل الاجتماعي توفر لهم مساحة للتعبير عن أنفسهم، لكنها أيضاً تضعهم في مواجهة مع مقارنات اجتماعية متواصلة. يواجه الأطفال والمراهقون باستمرار صوراً مثالية للأجسام، والثروة، والنجاح، ما قد يؤدي إلى تشوهات في تقديرهم لذواتهم بدلاً من تطوير صورة واقعية عن أنفسهم، قد يشعرون بأنهم أقل شأناً مقارنة بما يشاهدونه من "حياة مثالية" على هذه المنصات.
واسترسل، تأثير هذه المقارنات الاجتماعية لا يمكن التقليل من شأنه، فقد أشارت دراسات متعددة إلى ارتباط بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي وبين ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين، على سبيل المثال، الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة على الإنترنت قد يكونون أكثر عرضة للشعور بالعزلة الاجتماعية، حيث يتم استبدال التفاعلات الشخصية بالتفاعلات الافتراضية، وهذا قد يؤثر بشكل سلبي على تطور مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية في العالم الحقيقي.
وأشار إلى أن التنمر الإلكتروني هو أحد المخاطر الكبرى الأخرى التي تواجه الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي، الأطفال الذين يستخدمون هذه المنصات قد يصبحون أهدافاً سهلة للتنمر والإساءة، التنمر الإلكتروني يمكن أن يكون أكثر ضرراً من التنمر التقليدي، لأنه غالباً ما يحدث في سياق غير مرئي للأهل أو المدرسين، ما يزيد من صعوبة التدخل. ضغوط هذا النوع من التنمر قد تؤدي إلى تداعيات نفسية خطيرة، مثل الاكتئاب، والانعزال، وحتى التفكير في إيذاء النفس، ومع أن بعض المنصات تحاول مكافحة هذه المشكلة من خلال تقديم أدوات للإبلاغ عن الإساءة، فإن ذلك ليس كافياً لمعالجة جذور المشكلة، والتي تكمن في عدم قدرة الأطفال على التعامل مع هذه المواقف بأنفسهم.
واستطرد، من جانب آخر، يتعلق النقاش حول العمر المناسب لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بقدرة الأطفال على اتخاذ قرارات واعية حول خصوصيتهم وأمانهم الرقمي، الأطفال لا يفهمون تماماً المخاطر المرتبطة بمشاركة المعلومات الشخصية عبر الإنترنت، وهو ما يجعلهم عرضة للاستغلال وسوء الاستخدام. البيانات التي يتم جمعها عن المستخدمين الصغار غالباً ما تُستخدم من قبل الشركات التكنولوجية لتوجيه الإعلانات واستغلال الفئة العمرية الشابة لتحقيق أرباح ضخمة، ورغم وجود قوانين مثل قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، فإن التنفيذ لا يزال غير فعال بما فيه الكفاية، ما يترك الأطفال دون حماية كافية.
وقال، يبدو أن الحل البديهي هو فرض قيود عمرية صارمة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، يجب التعامل مع هذا الحل بحذر. في واقع الأمر، فرض قيود صارمة قد يدفع الأطفال إلى التحايل على هذه القوانين بطرق مختلفة، مثل إنشاء حسابات مزيفة أو استخدام أعمار مزورة، إضافة إلى ذلك، قد يؤدي الحظر إلى دفع الأطفال نحو منصات أخرى أقل أماناً أو غير مراقبة بشكل جيد، ما يعرضهم لمخاطر أكبر.
وأوضح، أنه بدلاً من التركيز فقط على الجانب التقني والقيود القانونية، يجب أن يكون هناك توجه أكبر نحو التربية الرقمية، يجب على الأهل والمدارس والمجتمعات أن تلعب دوراً محورياً في توعية الأطفال بالمخاطر المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي، وتعليمهم كيفية استخدامها بطريقة آمنة ومسؤولة. التربية الرقمية تعني مساعدة الأطفال على تطوير مهارات التفكير النقدي، بحيث يمكنهم التمييز بين المحتوى الضار والمفيد، والتعامل بحذر مع الأشخاص الذين يتفاعلون معهم عبر الإنترنت، هذا النوع من التوعية يمكن أن يكون أكثر فاعلية على المدى الطويل من مجرد وضع قيود عمرية.
وأتم، لا يمكن اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي شراً مطلقاً أو خيراً مطلقاً، هي أداة قوية يمكن أن تتيح للأطفال فرصاً للتعلم والتواصل، ولكنها تحمل أيضاً مخاطر كبيرة إذا لم يتم استخدامها بحذر، الحلول الفعالة يجب أن تكون شاملة، تجمع بين السياسات الحكومية لحماية خصوصية الأطفال، والجهود المجتمعية لتعليمهم كيفية التفاعل بشكل آمن مع الفضاء الرقمي، فقط من خلال هذا النهج المتكامل يمكننا حماية الأجيال الناشئة من الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وتحقيق استفادة آمنة ومسؤولة منها.
ثغرات قانونية في حماية الأطفال
ومن المنظور التشريعي، قال خبير القانون الدولي، كمال يونس، إن استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي يعد تحديًا معقدًا يتطلب استجابة قانونية أكثر شمولية وتطورًا، القوانين الحالية، رغم نواياها الحميدة، لا تزال غير كافية لحماية الأطفال من التهديدات الرقمية المتزايدة، فبينما تفرض معظم الدول حدًا أدنى للعمر، مثل 13 عامًا، كما هو الحال في الولايات المتحدة بموجب قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA) والاتحاد الأوروبي وفق اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، فإن هذه القيود تعاني من قصور في التنفيذ، ما يسمح للأطفال بتجاوزها بسهولة من خلال تقديم معلومات كاذبة.
وتابع يونس، في تصريحات لـ"جسور بوست"، الاعتماد على سن معينة كمعيار قانوني لتحديد ملاءمة الاستخدام الرقمي يبدو غير دقيق بالنظر إلى الاختلافات الفردية بين الأطفال، هذه التشريعات قد تكون فعالة جزئيًا في منع الشركات من استغلال بيانات الأطفال تجاريًا، لكنها تفشل في معالجة التأثير النفسي والاجتماعي السلبي الذي قد ينشأ من تعرض الأطفال لمحتوى غير ملائم أو تعرضهم للتنمر الإلكتروني، منصات التواصل الاجتماعي أصبحت بيئات محفوفة بالمخاطر، حيث يمكن أن يؤدي التنمر الرقمي إلى تأثيرات نفسية مدمرة على الأطفال والمراهقين، مع غياب إطار قانوني متين يحدد المسؤوليات بوضوح بين المنصات الرقمية، والمستخدمين، وأولياء الأمور.
وعن التشريعات الدولية، قال إنها تفتقر إلى الصرامة الكافية في التعامل مع الإعلانات الموجهة للأطفال، فالشركات الكبرى تستخدم بيانات الأطفال لتوجيه إعلانات مستهدفة قد لا تتناسب مع عمرهم، وهو استغلال اقتصادي مكشوف يتجاوز مجرد انتهاك الخصوصية، ورغم أن بعض القوانين الأوروبية تحاول تنظيم هذا الأمر، فإن تطبيقها على منصات متعددة الجنسيات يعد تحديًا كبيرًا، حيث تعمل العديد من هذه الشركات خارج نطاق الأنظمة المحلية، ما يضعف من قدرة تلك القوانين على حماية الأطفال بفاعلية، النقد الأهم يكمن في أن الغرامات والعقوبات المالية المفروضة على الشركات التي تخرق هذه القوانين ليست رادعة بالقدر الكافي، الشركات التكنولوجية الكبرى تحقق أرباحًا هائلة تجعل هذه العقوبات رمزية إلى حد كبير، لا يمكن مواجهة هذه التحديات بمجرد فرض غرامات مالية، بل يجب تبني استراتيجيات قانونية أكثر تطورًا، تشمل على سبيل المثال تقييد الوصول إلى الأسواق، أو تعليق النشاط الرقمي للشركات التي تكرر انتهاكها لحقوق الأطفال.
وأوضح، أنه بصورة عامة، الحلول القانونية الحالية تفتقر إلى القدرة على التكيف مع سرعة تطور الفضاء الرقمي وتعقيداته، ويجب على المشرعين التحرك نحو بناء أطر قانونية دولية تفرض مسؤوليات صارمة على منصات التواصل الاجتماعي وتزود الأهل والمجتمعات بأدوات رقابية تقنية فعالة، وهذا يتطلب تنسيقًا دوليًا أكبر لفرض معايير حماية شاملة تتجاوز الحدود الجغرافية وتراعي حقوق الأطفال في بيئة رقمية آمنة.