بعد إقالة رئيس الوزراء.. «الإيكونوميست»: العصابات تعمق معاناة المواطنين في هايتي
بعد إقالة رئيس الوزراء.. «الإيكونوميست»: العصابات تعمق معاناة المواطنين في هايتي
تتفاقم معاناة الشعب الهايتي في ظل الفراغ السياسي الذي تزايد بعد استقالة رئيس وزراء هايتي غاري كونيل في 8 نوفمبر 2023، وسيطرة العصابات المسلحة على أجزاء واسعة من البلاد.
وذكرت مجلة "الإيكونوميست"، في تقرير لها، اليوم الأربعاء، أن الوضع في هايتي أصبح أكثر تعقيدًا مع غياب حكومة منتخبة وشلل سياسي مستمر منذ اغتيال الرئيس جوفنيل مويس في 2021، وعلى الرغم من تدخلات خارجية على شكل قوات أمنية، لا تزال العصابات تسيطر على معظم الأراضي، مما يزيد من معاناة المواطنين ويعمق من الأزمة الإنسانية والسياسية التي تعيشها البلاد.
قضى كونيل 166 يومًا فقط في منصب رئيس وزراء هايتي، حيث واجه تحديات كبيرة وصعوبات متزايدة خلال فترة ولايته.
وفي يونيو 2023، وصلت قوة أمنية تحت تفويض الأمم المتحدة، تضم نحو 400 ضابط شرطة كيني، على أمل أن تسهم في استقرار البلاد، لكن الأوضاع الأمنية لم تتحسن، بل استمر عنف العصابات في التصاعد، بينما فشلت القوة الأمنية في تحقيق أي تقدم حقيقي على الأرض، وتفاقمت معاناة الهايتيين بسبب استمرار هيمنة العصابات على أجزاء واسعة من البلاد.
أزمة دستورية
منذ اغتيال الرئيس جوفنيل مويس في 2021، لم تتمكن هايتي من إجراء انتخابات رئاسية، ما عمق الأزمة السياسية في البلاد، وأدت سيطرة العصابات على معظم المناطق إلى الفشل في تنظيم انتخابات نزيهة، ما جعل الوضع أكثر تعقيدًا، حيث لا توجد حكومة منتخبة تواجه التحديات الحالية، ومع تعاقب الحكومات غير المنتخبة، يجد 12 مليون هايتي أنفسهم محاصرين في أزمة دستورية وسياسية مستمرة.
في 8 نوفمبر 2023، أقال المجلس الرئاسي الانتقالي غاري كونيل، مشيرًا إلى خلافات داخلية مع أعضاء المجلس، رغم أنه كان من المفترض أن يُقيل البرلمان رئيس الوزراء في الحالات العادية، لكن البرلمان شاغر منذ يناير 2023، ما أدى إلى تزايد الغموض السياسي.
أكد كونيل أن هذه الإقالة ستضعف الموقف السياسي في البلاد بشكل أكبر في وقت تعاني فيه هايتي من الفراغ السياسي وانعدام الاستقرار الأمني.
لم تحقق المساعدات الأمنية التي قدمتها الأمم المتحدة أي تأثير ملموس على الوضع في هايتي، وعلى الرغم من إرسال 600 ضابط إضافي من كينيا في نوفمبر 2023، فإن هذا العدد لا يكفي لمواجهة التحديات الأمنية الهائلة التي تواجهها البلاد، حيث تفوق العصابات أعداد القوات الأجنبية المرسلة، كما لم تسهم العديد من الدول في إرسال قوات أمنية إضافية، ما يعكس ضعف التنسيق الدولي في التعامل مع الأزمة.
الأزمة الإنسانية
استمرت معاناة الهايتيين على الصعيدين الأمني والإنساني، فقد أجبرت العصابات نحو 700 ألف شخص على النزوح من منازلهم، ونصف هؤلاء النازحين هم من الأطفال.
في 8 نوفمبر 2023، أكدت الأمم المتحدة أن الوضع الغذائي في البلاد قد وصل إلى مستويات مقلقة، حيث يعاني نصف السكان من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، بالإضافة إلى ذلك، شهدت المخيمات التي لجأ إليها النازحون حالات من الجوع، ما يضاعف من معاناة السكان.
الاتجاه إلى الهجرة
في ظل تدهور الأوضاع، يهرب العديد من الهايتيين عبر الحدود إلى جمهورية الدومينيكان أو عبر البحر نحو الولايات المتحدة، لكن هذه الدول أغلقت حدودها بشكل متزايد ضد المهاجرين، حيث تشدد الولايات المتحدة من سياستها بشأن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، بينما تقوم جمهورية الدومينيكان بترحيل آلاف الهايتيين أسبوعيًا، ما يزيد من معاناة الهايتيين الفارين من العنف والمجاعة.
على الرغم من أن تعيين رئيس وزراء جديد قد يكون خطوة نحو استعادة بعض الاستقرار، فإن الفرص تبقى ضئيلة في ظل تزايد سيطرة العصابات على الأراضي وتفاقم الفراغ السياسي في البلاد.