بعد صدامات مع مشجعين إسرائيليين.. مسلمون في أمستردام يخشون «التمييز»
بعد صدامات مع مشجعين إسرائيليين.. مسلمون في أمستردام يخشون «التمييز»
في ظل توترات متزايدة وموجات متصاعدة من الخطاب المتشدد في أوروبا، يتجدد النقاش حول قضايا التمييز والاندماج في المجتمعات الغربية، خاصة في هولندا التي لطالما اعتُبرت نموذجًا للتعددية الثقافية.
أحداث الشغب الأخيرة التي اندلعت عقب مباراة كرة القدم بين أياكس أمستردام وفريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي في 7 نوفمبر الجاري، ألقت بظلالها على مجتمع المسلمين في أمستردام، ما أثار مخاوف من تفاقم التمييز وتوجيه أصابع الاتهام إلى هذه الفئة بشكل متزايد، وفق وكالة "فرانس برس".
أعرب محمد الراكيل، بائع الفاكهة والخضار في أحد أسواق أمستردام، عن مخاوفه من التمييز الذي قد يتفاقم ضد المسلمين في أعقاب تصريحات بعض المسؤولين الهولنديين بعد أعمال العنف التي شهدتها العاصمة.
وقال الراكيل، البالغ من العمر 52 عامًا ومن أصل مغربي، بصوت يملؤه القلق: "أعيش هنا منذ سنوات وأشعر أنني هولندي، ولكن الأوضاع تتغير".
تصريحات حكومية مقلقة
الراكيل الذي يعمل في سوق منطقة نيو ويست غرب أمستردام منذ 3 عقود، وهي منطقة تضم جزءًا كبيرًا من أفراد المجتمع المسلم في المدينة، اعتبر أن التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة ديك شوف كانت مقلقة، حيث أشار شوف إلى أن العنف في شوارع العاصمة كان نتيجة لمشكلة في “الاندماج” وعزاها إلى الشباب من أصول “مهاجرة”.
اندلعت المواجهات بعد مباراة الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) التي جمعت بين أياكس ومكابي تل أبيب، حيث تعرض مشجعو الفريق الإسرائيلي للاعتداء في شوارع أمستردام، ما أدى إلى وقوع إصابات بين بعضهم وإثارة السخط في عدة عواصم غربية.
ولم تقتصر الحوادث على ما بعد المباراة؛ بل شهدت الساعات التي سبقتها هتافات معادية للعرب أطلقها مشجعو مكابي تل أبيب، كما أُحرق علم فلسطيني في ساحة دام المركزية، ما زاد من تأجيج الأجواء.
تزايد حدة الانتقادات
تزايدت حدة الانتقادات بعد أن أكد النائب اليميني، غيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية، أن المتورطين في الهجمات جميعهم من المسلمين، وأن “قسماً كبيراً منهم من أصول مغربية”، ودعا إلى محاكمتهم بتهم “الإرهاب”، مطالبًا بإسقاط الجنسية عنهم وترحيلهم.
وقال فيلدرز: "علينا التعامل بيد من حديد مع هذه الظواهر التي تهدد أمن البلاد".
وعن هذه الاتهامات، علق الراكيل بمرارة: "كل مسلم هنا يُعتبر أجنبيًا وإرهابيًا، وهذا ليس صحيحًا".
وأضاف: "نعم، من الضروري أن يُعاقب من يثبت تورطه في أعمال العنف، ولكن يجب أن يُنظر إلى الظروف والأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث".
العداء تجاه المسلمين
عبدالسلام، بائع الملابس في السوق ذاتها، عبر بدوره عن قلقه واستيائه من تزايد المشاعر العدائية تجاه المسلمين.
وقال عبدالسلام، الذي يبلغ من العمر 42 عامًا وطلب عدم الكشف عن اسمه الكامل خشية من انتقام المتشددين اليمينيين: "لا كراهية لدينا تجاه اليهود هنا، المشكلة تكمن في الصهيونية وسياسات إسرائيل، دعم هولندا لما تفعله إسرائيل اليوم في غزة والضفة الغربية غير مقبول بالنسبة لنا".
أوضاع مشابهة تتكرر في مختلف أحياء أمستردام، حيث يعبر العديد من المسلمين عن مخاوفهم من التمييز المتزايد والضغوط النفسية التي يعيشونها في ظل الخطاب السياسي المتشدد.
وتبقى مطالباتهم بإجراء تحقيقات عادلة وشفافة وحماية حقوقهم أساسية لضمان تماسك المجتمع الهولندي وصون القيم الديمقراطية التي بُني عليها.