«الفاو» تحذّر من تدهور إنتاج الغذاء في اليمن بسبب التغير المناخي
«الفاو» تحذّر من تدهور إنتاج الغذاء في اليمن بسبب التغير المناخي
شهد اليمن خلال شهر نوفمبر الجاري، نمطًا مناخيًا قاسيًا زاد من تعقيد التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، إذ انخفضت معدلات هطول الأمطار إلى مستويات محدودة، مع تساقط أمطار خفيفة على مناطق متفرقة في المرتفعات الوسطى، مثل إب وذمار وحجة وريمة، حيث لم تتجاوز معدلات الأمطار المتراكمة 100 ملم في أفضل الحالات، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو".
ووفقا لبيان نشرته “الفاو”، اليوم الأحد، فإنه مع اقتراب نهاية نوفمبر، شهدت الهضبة الشرقية لليمن، والتي تشمل حضرموت والمهرة وشبوة وجزيرة سقطرى، تساقطًا متواضعًا للأمطار لم يتعدَّ 10 ملم، ما أثار مخاوف بشأن تفاقم موجات الجفاف في تلك المناطق.
رصدت أنظمة مراقبة الإجهاد الزراعي، مثل مؤشر الإجهاد الزراعي (ASIS)، استمرار تدهور أوضاع الجفاف في محافظات لحج وأبين ووادي حضرموت، حيث تراوحت مؤشرات الجفاف بين 25% و55% منذ بداية شهر سبتمبر.
وأظهرت البيانات أن استمرار نقص الأمطار قد يؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف في الأسابيع المقبلة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي وسبل العيش الزراعية، لا سيما للمزارعين الذين يعتمدون على الأمطار الموسمية لري محاصيلهم.
إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية
شهدت المرتفعات الشمالية والوسطى، مثل عمران وصنعاء وذمار وشمال إب، انخفاضًا ملحوظًا في درجات الحرارة خلال النصف الثاني من نوفمبر، وبلغت درجات الحرارة النهارية في تلك المناطق ما بين 18 و24 درجة مئوية، بينما انخفضت ليلاً إلى ما بين 6 و10 درجات مئوية.
وفي الوقت ذاته، سجلت المناطق الساحلية درجات حرارة نهارية تتراوح بين 26 و32 درجة، بينما شهدت المناطق الصحراوية ارتفاعًا وصل إلى 35 درجة مئوية.
أثرت البرودة على العمليات الحيوية للنباتات، مثل التمثيل الضوئي، ما أدى إلى تباطؤ نمو المحاصيل الشتوية كالقمح والشعير والخضراوات، خاصة في مراحل الإنبات والنمو الأولي، كما حدت البرودة من نمو المراعي الطبيعية، ما تسبب في نقص الأعلاف لمربي الماشية، الأمر الذي أثر بدوره على إنتاج الحليب وزيادة وزن الحيوانات.
الأمن الغذائي
بدأ المزارعون في المناطق المرتفعة والهضاب بزراعة القمح والذرة خلال هذا الموسم، إلا أن الظروف المناخية القاسية تطلبت الاعتماد على الري المنتظم لدعم عملية الإنبات، وفي المناطق الساحلية والمروية، تركزت جهود الزراعة على محاصيل الخضراوات مثل البندورة والبصل والخيار، وسط حاجة ملحة إلى مراقبة مصادر المياه المتاحة باستمرار.
وفي المناطق شبه القاحلة، استمرت حالة التدهور في المراعي بسبب نقص الأمطار، ما دفع مربي الماشية إلى البحث عن بدائل للأعلاف أو تخزين كميات إضافية بشكل مسبق، وزادت التحديات الصحية للحيوانات مع برودة الطقس، ما رفع من مخاطر الأمراض وأثر على الإنتاجية العامة للماشية.
مبادرات التكيف
في ظل هذه التحديات، أطلقت المجتمعات المحلية والحكومات بالتعاون مع المنظمات الإنسانية مبادرات تهدف إلى تعزيز التكيف مع الظروف المناخية الصعبة، تضمنت هذه المبادرات توسيع أنظمة الإنذار المبكر لتحسين مراقبة الطقس وتوفير معلومات دقيقة للمزارعين عن التغيرات المناخية المتوقعة.
وركزت الجهود على تحسين إدارة المياه من خلال استخدام أنظمة ري حديثة مثل الري بالتنقيط، ما ساعد في تقليل الاعتماد على الأمطار الموسمية، وشجعت المبادرات الزراعية زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف مثل الذرة البيضاء والسرغوم، والتي أظهرت قدرة أكبر على تحمل الظروف القاسية.
دعم الثروة الحيوانية
ركزت الحملات البيطرية على تحسين صحة الماشية من خلال توفير التطعيمات والرعاية الطبية اللازمة، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً، كما جرى توزيع أعلاف إضافية لتخفيف النقص الحاصل في المراعي الطبيعية.
وفي ما يتعلق بالتربة، نفذت برامج لتحسين خصوبتها قبل الزراعة لضمان زيادة كفاءة الإنتاج الزراعي، وسعت هذه البرامج إلى تعزيز الزراعة المستدامة التي تسهم في تقليل تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي.
يواجه القطاع الزراعي في اليمن تحديات كبيرة مع استمرار أنماط الطقس غير المواتية، ومع ذلك، فإن تطبيق استراتيجيات مبتكرة للتكيف مع الظروف المناخية، مثل تعزيز شبكات الإنذار المبكر، وتحسين إدارة الموارد المائية، ودعم المزارعين بمعلومات زراعية حديثة، قد يسهم في الحد من تأثير هذه التغيرات على الأمن الغذائي وسبل العيش.