"انتهاكات ميليشيا الحوثي".. فتيات وأطفال اليمن بين زواج قسري وعنف وتجنيد إجباري
"انتهاكات ميليشيا الحوثي".. فتيات وأطفال اليمن بين زواج قسري وعنف وتجنيد إجباري
في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين شمالي اليمن، تتعرض النساء والفتيات، وحتى الأطفال الذكور، لانتهاكات مروّعة تتراوح بين تزويج القاصرات، والتجنيد الإجباري، والعنف الجنسي، وسط صمت مجتمعي وتقصير في المساءلة، مما يزيد من عمق المأساة الإنسانية في بلد مزقته الحرب منذ أكثر من عقد.
ووفق التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول العنف الجنسي المرتبط بالصراعات، فقد تم توثيق 11 حالة اغتصاب وعنف جنسي طالت ستة فتيان وخمس فتيات خلال عام 2024، لكن الأمم المتحدة تؤكد أن هذه الأرقام تمثل جزءًا ضئيلًا من الواقع، في ظل الخوف من الوصمة الاجتماعية وانتقام الجناة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، السبت.
وذكر التقرير أن الضحايا لا يملكون سوى الصمت، فيما تتحول الشكاوى إلى أسرار ثقيلة تُدفن في مجتمع يخشى الفضيحة أكثر مما يخشى الجريمة.
أدوات قمع متعددة
بحسب التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، يُستخدم العنف الجنسي في اليمن كأداة ضغط وحرب، سواء أثناء الاحتجاز أو داخل بيئات مسيّسة، مثل المراكز الصيفية للأطفال التي ينظمها الحوثيون، والتي تحولت في بعض الحالات إلى بيئة خطرة شهدت اغتصاب قاصرين وتشجيع الزواج القسري كوسيلة لضمان الولاء للجماعة.
كما رُصدت زيادة في تجنيد الفتيات ضمن ما يُعرف بـ"الزينبيات"، الجناح الأمني النسائي للحوثيين، حيث تعرض بعضهن للاختطاف والعمل القسري والانتهاكات الجنسية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
ولم يسلم العاملون في المجال الإنساني من هذه الانتهاكات، إذ لجأت الجماعة إلى احتجاز موظفين أمميين ومحليين، ما أدى إلى تعطيل برامج حيوية لدعم الناجين من العنف الجنسي.
إضافة إلى ذلك، فُرضت قيود مشددة على حركة الموظفات اليمنيات في المنظمات الدولية، بالتوازي مع أزمة تمويل حرمت الضحايا من الرعاية النفسية والطبية والقانونية التي يحتاجونها بشدة.
فظائع مسكوت عنها
نشرت مؤسسة "رصد لحقوق الإنسان" في أبريل 2024 تقريرًا بعنوان "أخاف من الفضيحة"، وثّق انتهاكات جنسية بحق أطفال في المراكز الصيفية الحوثية.
وفي مأرب، تم تسجيل أكثر من 60 قضية اغتصاب أطفال بين 2021 و2022، لكن التقديرات تشير إلى أن 95% من الحالات لم يُبلّغ عنها بسبب الخوف من الوصم.
وفي محافظة حجة، وثقت "مواطنة لحقوق الإنسان" في أكتوبر 2022 اعتداءات جنسية على ست فتيات قاصرات وامرأة، بينها حالات أدت إلى الوفاة، على يد جنود سودانيين تابعين للتحالف.
إفلات من العقاب
مراقبون حقوقيون يحذرون من أن العنف الجنسي في اليمن ليس حوادث فردية، بل ظاهرة منهجية تغذيها الحصانة الفعلية للجناة وضعف منظومة العدالة. لم تُسجل أي محاكمات علنية للجناة، ما يرسخ الإفلات من العقاب ويشجع على تكرار الجرائم.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى السماح بالوصول غير المقيّد لمراكز الاحتجاز والتحقيق في الانتهاكات، مطالبًا الحوثيين بالإفراج عن المحتجزين تعسفيًا، والحكومة اليمنية بتوفير خدمات متخصصة للضحايا.
لكن على أرض الواقع، يبقى صوت الضحايا محاصرًا، فيما يقف المجتمع المحلي والدولي أمام اختبار حقيقي، إما التحرك لحماية الأضعف، أو ترك الجرائم تتحول إلى أداة قمع مستدامة تهدد حاضر ومستقبل اليمنيين.