في اليوم العالمي للتربة.. كيف يمكن تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية؟
في اليوم العالمي للتربة.. كيف يمكن تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية؟
يصادف يوم 5 ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للتربة، وهو مناسبة دولية تركز على أهمية التربة في الحياة اليومية للإنسان، بما في ذلك دورها الحيوي في إنتاج الغذاء وضمان استدامة البيئة.
وفي هذا السياق، تحتفل الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) -بالشراكة مع الشراكة العالمية من أجل التربة- بالذكرى السنوية العاشرة لهذا الحدث، التي تهدف إلى رفع الوعي حول ضرورة الحفاظ على التربة وإدارتها بشكل مستدام.
وتعد التربة أساس الحياة على كوكب الأرض، فهي المصدر الذي يوفر أكثر من 95% من غذائنا، وتزود النباتات بـ15 من 18 عنصرًا كيميائيًا ضروريًا لنموها.
ورغم أهمية التربة، فإنها تتعرض لتدهور مستمر نتيجة للتغيرات المناخية والنشاط البشري، مما يؤدي إلى فقدان خصوبتها وتقليل قدرتها على احتجاز المياه والعناصر الغذائية اللازمة لحياة النباتات.
تهديد الأمن الغذائي
ويعد التدهور المستمر للتربة من أخطر التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، حيث يهدد قدرة التربة على إنتاج الغذاء والاحتفاظ به، حيث يمكن أن يستغرق إنتاج 2-3 سم فقط من التربة ما يصل إلى 1000 عام، مما يجعلها مورداً غير متجدد، كما أن تدهور التربة يقلل من مستويات الفيتامينات والعناصر الغذائية في الغذاء، ويؤثر على صحة الإنسان بشكل مباشر.
ويقدر خبراء منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، أن تآكل التربة يمكن أن يؤدي إلى خسارة في إنتاج المحاصيل بنسبة 10 بالمئة وإزالة 75 مليار طن من التربة بحلول عام 2050.
وتؤكد التقديرات الأممية أن الاستخدام المفرط أو غير المناسب للمواد الكيماوية الزراعية يعد أحد أبرز الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة.
تضاعف الإنتاج السنوي
ونوهت التقديرات إلى تضاعف الإنتاج السنوي العالمي من المواد الكيماوية الصناعية منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ليصل إلى نحو 2.3 مليار طن، ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 85 بالمئة بحلول نهاية العقد.
وذكرت منظمة "فاو" أن ثمة تحديا آخر يكمن في الملوحة التي تؤثر على 160 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في مختلف أنحاء العالم، وتؤدي إلى جعل 1.5 مليون هكتار غير منتجة كل عام.
إدارة التربة المستدامة
تحت شعار "رعاية التربة: القياس، والمراقبة، والإدارة"، تسلط حملة اليوم العالمي للتربة 2024 الضوء على ضرورة الاعتماد على البيانات والمعلومات الدقيقة لفهم خصائص التربة واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارتها بشكل مستدام.
وتساعد مثل هذه الممارسات، بما في ذلك الحد الأدنى من الحرث، وتناوب المحاصيل، وإضافة المواد العضوية، وزراعة المحاصيل المغطاة، على تحسين صحة التربة، وتقليل التآكل والتلوث، وتعزيز تخزين المياه، فضلاً عن دورها في مكافحة تغير المناخ من خلال احتجاز الكربون.
وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات متزايدة في مجال إنتاج الغذاء، تشير التوقعات إلى أنه تتعين زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 60% بحلول عام 2050 لتلبية الطلب العالمي على الغذاء.
ومع ذلك، يمكن تحقيق ما يصل إلى 58% من هذا الهدف عبر الإدارة المستدامة للتربة، وهذا يوضح بشكل كبير أهمية الاهتمام بالتربة في مواجهة هذه التحديات.
الاحتفال بيوم التربة في 2024
وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي للتربة، تنظم الشراكة العالمية من أجل التربة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة، الفعالية في تايلاند بمناسبة الذكرى العاشرة لهذا اليوم، حيث سيتاح للراغبين المشاركة في الحدث عبر الإنترنت باستخدام تطبيق "زووم".
وتأتي الفعالية التي تعقد اليوم، بمثابة دعوة للحكومات والمنظمات والقطاع الخاص والمجتمع المدني للعمل سويًا نحو الحفاظ على التربة وتحقيق الأمن الغذائي المستدام.
وتؤكد منظمة "الفاو" في اليوم العالمي للتربة 2024 أن استدامة التربة ليست رفاهية، بل ضرورة ملحة لتحقيق الأمن الغذائي وحماية البيئة، وأن رعاية التربة ليست مسؤولية فردية أو حكومية فقط، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب التزامًا عالميًا مستدامًا لضمان مستقبل غذائي وصحي للأجيال القادمة.