«فورين بوليسي»: تمويل مواجهة «تغير المناخ» الآن أقل تكلفة من المستقبل
«فورين بوليسي»: تمويل مواجهة «تغير المناخ» الآن أقل تكلفة من المستقبل
ذكرت مجلة “فورين بوليسي” أن تمويل المناخ في الوقت الحالي أقل تكلفة بكثير من دفع الثمن في المستقبل، ورغم التركيز على التحديات المالية التي تواجهها البلدان النامية في مواجهة تأثيرات تغير المناخ، فإن الاستثمار المبكر في الحلول المناخية الآن سيؤدي لخفض التكاليف المستقبلية بشكل كبير.
وقالت “فورين بوليسي”، في تقرير لها، اليوم الخميس، إنه في ظل نتائج المؤتمر الأخير للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب29"، الذي عُقد في كازاخستان، تم التأكيد على ضرورة زيادة التمويل الدولي لمواجهة التحديات المناخية، وأعلن المشاركون في المؤتمر عن هدف طموح يقضي بتوفير 300 مليار دولار سنويًا من قبل الدول المتقدمة للبلدان النامية بحلول عام 2035.
يعتبر هذا الهدف جزءًا من استراتيجية أوسع تقضي بتوجيه 1.3 تريليون دولار سنويًا إلى تمويل حلول المناخ في البلدان النامية، وهو مبلغ كبير يتطلب عملاً جماعيًا من القطاعين العام والخاص لتحقيقه.
وشدد تقرير "فورين بوليسي" على أن هذا التمويل لن يأتي بشكل أساسي من الحكومات، بل من خلال آليات متعددة تشمل المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق المناخ الأخضر، بالإضافة إلى التمويل الخاص من الشركات الكبرى، وبذلك، ستكون القدرة على الوصول إلى الهدف المرجو تعتمد على التنسيق بين القطاعين العام والخاص وخلق بيئة قانونية وتشريعية تحفز على الاستثمار في المناخ.
شراكات استراتيجية
واجه المؤتمر انتقادات من بعض الخبراء بشأن غموض الإجراءات الخاصة بكيفية جمع هذا التمويل وتوزيعه بين الدول المتقدمة والنامية، على سبيل المثال، لم يتم تحديد بشكل دقيق نسبة المساعدات التي يجب أن تأتي في شكل منح، وأي جزء سيكون قروضًا، هذا الغموض يُعد أحد العوامل التي تجعل من تحقيق الأهداف صعبًا، حيث إن الدول النامية تأمل أن تأتي أكبر حصة من التمويل على شكل منح بدلاً من القروض التي تزيد من أعبائها المالية.
وتشير "فورين بوليسي" إلى أن التقارير السابقة من مؤتمرات المناخ العالمية، مثل مؤتمر كوبنهاغن في 2009، أظهرت أن الالتزامات المالية المتفق عليها قد تعثرت في تنفيذها، ففي عام 2009، تعهدت الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2020، وهو هدف لم يتحقق بالكامل، لكن الدول المتقدمة ادعت أنها تمكنت من الوصول إلى هذا الرقم في 2022.
ورغم ذلك، لم يكن هناك توافق عالمي حول ما إذا كان قد تم الوفاء بالالتزامات من حيث الحجم الفعلي للمساعدات والآليات التي تم استخدامها لتوزيع الأموال.
دور بنوك التنمية
يوضح التقرير أن بنوك التنمية المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي تظل أحد أبرز الأدوات لتعبئة الموارد المالية اللازمة لتحقيق أهداف تمويل المناخ، ومن خلال آليات التمويل المشتركة، يستطيع البنك الدولي ومنظمات أخرى مثل الصندوق الأخضر للمناخ أن يقدم حلولًا مالية تناسب احتياجات البلدان النامية.
ومع ذلك، فإن تمويل المناخ الثنائي، أي عبر قنوات ثنائية بين الدول، لا يزال يشكل جزءًا ضئيلًا من إجمالي التمويل، حيث بلغ إجمالي التمويل الثنائي في الوقت الحالي نحو 41 مليار دولار فقط، وهو مبلغ بعيد عن الرقم المطلوب لتحقيق الأهداف الطموحة.
تحديات مرتبطة بالتمويل
أما التمويل الخاص، فهو يُعد أحد المصادر الرئيسية التي يمكن أن تساعد في تحقيق الهدف الإجمالي، ومع ذلك، يواجه هذا النوع من التمويل تحديات كبيرة، إذ يتطلب تمويل المناخ الخاص ضمانات قوية لضمان استثمار رأس المال بشكل آمن وفعال في مشاريع المناخ الكبرى.
وقد تكون العوائد المالية المترتبة على الاستثمار في مشاريع المناخ طويلة الأمد؛ ما يجعل بعض المستثمرين يترددون في تقديم التمويل لهذه المشاريع، لهذا السبب، تحتاج الشركات والحكومات إلى إنشاء حوافز مناسبة لتعزيز الاستثمارات الخاصة في هذا المجال.
وتشير التحديات المالية في هذا القطاع إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المالية العالمية، ومن بين الحلول المقترحة هي معالجة مشكلة الديون في البلدان النامية، بما في ذلك النظر في إلغاء أو تخفيض الديون المستحقة، كما أن الإصلاحات المالية التي تحفز على توجيه استثمارات المناخ قد تلعب دورًا حاسمًا في تسريع العمل المناخي.
تمويل المناخ
ومن الإجراءات الأخرى التي تطرق إليها التقرير هي فرض الضرائب على الأنشطة غير الخاضعة للضريبة حاليًا، مثل شحن البضائع والطيران الدولي، هذه الأنشطة تُعتبر من المصادر الرئيسية التي يمكن أن توفر إيرادات ثابتة لتمويل المناخ على مستوى عالمي.
وقد أظهرت الدراسات أن تنفيذ هذه الضرائب يمكن أن يوفر تدفقات مالية ضخمة تُخصص لدعم الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، بالإضافة إلى توفير موارد إضافية لدعم البلدان النامية في مواجهة تحديات البيئة.
الحاجة لإصلاحات عاجلة
وأكد التقرير أن تمويل المناخ ليس خيارًا طارئًا بل ضرورة ملحة، موضحًا أن التكاليف التي قد تواجهها الدول في المستقبل جراء تجاهل التغير المناخي ستكون أكبر بكثير مما يتم إنفاقه اليوم على الحلول المناخية.
وأشار إلى أنه لا يزال أمام العالم فرصة لتغيير المسار، لكن ذلك يتطلب إجراءات عاجلة ومتضافرة بين الحكومات والشركات والهيئات الدولية، لضمان الوصول إلى الأهداف الطموحة التي تم تحديدها في مؤتمرات المناخ.