«فايننشال تايمز»: شركات «الأغذية المعالجة» ترفض اتهامها بالتسبب في مخاطر صحية

قالت صحيفة “فايننشال تايمز”، إن شركات الأغذية المعالجة دافعت عن منتجاتها رغم الأبحاث المتزايدة التي تربط هذه الأطعمة بالمشكلات الصحية، معتبرة أن الأدلة الحالية غير كافية لإثبات علاقة سببية مباشرة بين الأطعمة فائقة المعالجة والإصابة بالسرطان

وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أمس الثلاثاء، أنه في الوقت الذي يشير فيه العلماء إلى مخاطر صحية متصاعدة، تستمر هذه الشركات في التأكيد على سلامة منتجاتها ضمن الحدود المسموح بها.

ووفقا للتقرير، كشف علماء عن وجود جزيئات دهنية مسببة للالتهاب تُعرف باسم "الليبيدات"، توجد عادة في الأطعمة فائقة المعالجة، ووجدت بمستويات مرتفعة في أورام القولون والمستقيم.

الوجبات السريعة والمعلبات

يُظهر هذا الاكتشاف رابطًا محتملًا بين الأنظمة الغذائية الشائعة في الولايات المتحدة وارتفاع معدلات هذا النوع من السرطان.

وأكدت الدراسة، التي نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة "Gut"، أن هذه الليبيدات الالتهابية تنتشر بكثافة في الأطعمة المعالجة، مثل الوجبات السريعة والمعلبات. 

أوضح أستاذ الجراحة بجامعة جنوب فلوريدا والمشارك في الدراسة، الدكتور تيموثي ياتمان، أن "السرطان يشبه جرحًا مزمنًا لا يلتئم، وأن الاعتماد على الأطعمة المعالجة يقلل من قدرة الجسم على الشفاء بسبب الالتهاب وضعف جهاز المناعة."

تحليل العينات

حلل الباحثون 162 عينة أُخذت من مرضى مصابين بسرطان القولون في مستشفى تامبا العام، جرى تجميد العينات بعد نصف ساعة من استئصال الأورام، ما ساعد في الحفاظ على التركيب الدهني وتحليلها بدقة، وقد أظهرت النتائج ارتفاع مستويات الليبيدات الالتهابية في الأورام مقارنة بالأنسجة السليمة المحيطة.

ولاحظ العلماء نقصًا في الليبيدات المضادة للالتهاب، مثل تلك الموجودة في الأسماك والجوز، وقال ياتمان: “يمكن لجهاز المناعة أن يلعب دورًا إيجابيًا في مكافحة الأورام، لكن الأطعمة المعالجة تكبح هذا الدور، مما يسمح للسرطان بالنمو".

سرطان القولون عالميًا

سجّل العالم 1.9 مليون حالة إصابة بسرطان القولون والمستقيم و900 ألف حالة وفاة في عام 2022، وفقًا لمركز مراقبة السرطان التابع لمنظمة الصحة العالمية. 

وبيّنت جمعية السرطان الأمريكية أن معدلات الإصابة بسرطان القولون بين الأشخاص دون سن 55 عامًا ارتفعت بنسبة تتراوح بين 1 و2% سنويًا منذ منتصف التسعينيات.

دراسات سابقة

دعمت الدراسة الجديدة أبحاثًا سابقة، منها دراسة أُجريت عام 2022، أظهرت أن الرجال الذين يستهلكون كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون، كما أظهرت أن بعض أنواع هذه الأطعمة تزيد المخاطر لدى النساء أيضًا.

ودعا خبراء، مثل الدكتور ديباك بانيغراهي من جامعة هارفارد، إلى تقليل الاعتماد على الأطعمة المعالجة، قائلا: “التوازن الغذائي وتناول أطعمة مثل الأسماك والمكسرات يُساعدان في تقليل الالتهاب، مما يُعزز الوقاية من سرطان القولون".

صراع بين الصحة والصناعة

يتصاعد الجدل حول دور الأطعمة فائقة المعالجة في الصحة العامة مع تزايد الدعوات لمراقبة هذه المنتجات، وفي حال تعيين شخصيات بارزة مثل روبرت كينيدي في مناصب صحية، قد تُصبح سياسات تنظيم الأغذية أكثر تشددًا، مما يضع الصناعة الغذائية تحت ضغط أكبر.

ورغم هذه التوصيات، تواصل الشركات الدفاع عن منتجاتها، ما يترك المستهلك بين ضرورة الوعي الصحي وجاذبية الأطعمة المعالجة.