«فورين بوليسي»: مليار شخص مهددون بالتهجير في 2050 بسبب المناخ
«فورين بوليسي»: مليار شخص مهددون بالتهجير في 2050 بسبب المناخ
توقعت دراسات متعددة أن نحو مليار شخص من سكان العالم سيكونون مهددين بالتهجير بحلول عام 2050 نتيجة للآثار السلبية لتغير المناخ والكوارث الطبيعية المرتبطة به، وهذا التهديد لا يشمل فقط القرى والأحياء المتضررة من العواصف والفيضانات، بل يمتد ليشمل العديد من المناطق الساحلية والجزر التي تعاني من ارتفاع مستويات البحار بشكل مستمر.
وتبرز هذه التقديرات وفقا لتقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الأربعاء، حجم الأزمة الإنسانية المتزايدة التي سيواجهها العالم في المستقبل القريب إذا استمر الوضع كما هو عليه، ورغم ذلك تبقى غالبية المهاجرين الذين يتأثرون بتغير المناخ خارج نطاق الحماية القانونية المعترف بها دوليًا.
حلول محلية للتغير المناخي
أشار التقرير إلى أنه في جزيرة فيجي، أخذت الحكومة خطوات عملية لمواجهة هذه الأزمة البيئية، ففي عام 2014، قامت الحكومة الفيجية بترتيب إعادة توطين قرية "فونيدوغولا"، التي كانت تواجه تهديدًا مباشرًا من ارتفاع مستويات البحر، إلى منطقة جديدة تُسمى "كيناني".
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة شكلت مثالًا مهمًا على إمكانية التكيف المحلي مع التغيرات المناخية، فإنها لم تضمن توفير حماية قانونية لهؤلاء المهاجرين، بل اعتمدت على المبادرات المحلية التي قد لا تكون قابلة للتطبيق على نطاق واسع في دول أخرى.
وقال رئيس الوزراء الفيجى آنذاك، جوسايا فوريكي باينيماراما: "إن هذه الخطوة هي لحماية قريتنا التي ستصبح تحت الماء إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة"، لكن مع ذلك، لا تعكس هذه المبادرات خطة عالمية أو آلية قانونية تحمي السكان المتأثرين من تغير المناخ على مستوى أكبر.
الافتقار إلى الحماية القانونية
وقالت المجلة إنه على الرغم من أن هناك بعض الدول مثل فيجي قد اتخذت خطوات محلية لحماية السكان المهاجرين بسبب تغير المناخ، فإن الوضع العام للمهاجرين المناخيين لا يزال غير محمي تحت القانون الدولي.
وأوضحت أنه في العديد من الحالات، لا يعترف القانون الدولي بحقوق هؤلاء الأفراد الذين يغادرون مناطقهم بسبب كوارث مناخية، حيث لا يُعترف بهم كلاجئين بموجب اتفاقية 1951 للاجئين، التي تحدد اللاجئين على أنهم أولئك الذين يفرون من الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي.
ويجعل هذا الفراغ القانوني من الصعب على الدول التوصل إلى حلول ملائمة لحماية أولئك الذين يفرون من كارثة بيئية أو من آثار تغير المناخ.
تأثير الكوارث على الهجرة
أظهرت التقارير الصادرة عن مركز رصد النزوح الداخلي في جنيف أن عام 2022 وحده شهد تهجير حوالي 33 مليون شخص بسبب الكوارث الطبيعية.
وتشمل هذه الكوارث الفيضانات، والجفاف، والأعاصير، والحرائق المدمرة، وفي بعض المناطق مثل جنوب آسيا والمحيط الهادئ، أدى ارتفاع مستويات البحر إلى تدمير الأراضي الزراعية وتشريد آلاف الأسر.
وباتت المناطق الصحراوية في إفريقيا والشرق الأوسط تواجه تهديدات مستمرة من الجفاف، مما يزيد من احتمالات تفشي المجاعات والتهجير الجماعي.
إصلاحات قانونية
أوضحت المجلة أنه في ظل هذه التحديات المتزايدة، يطالب العديد من الخبراء بتغيير جذري في الأنظمة القانونية الدولية لحماية المهاجرين المناخيين، مؤكدين أنه يجب على المجتمع الدولي أن يتعامل مع تغير المناخ كعامل دافع للهجرة وأن يطور آليات قانونية تعترف بحقوق المهاجرين بسبب الكوارث المناخية.
وذكرت أنه في هذا السياق، يمكن تعديل اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو حتى إقامة إطار قانوني جديد يوفر الحماية للمهاجرين المناخيين، حيث إنه في الوقت الحالي، تقتصر الحماية القانونية على أولئك الذين يفرون من الاضطهاد بسبب الأسباب التقليدية المحددة في الاتفاقية، مما يجعل المهاجرين المناخيين في وضع غير آمن.
ضرورة التحرك العاجل
ونوهت بأنه في ظل هذا الواقع المتغير بسرعة، يبقى دور الدول والمنظمات الدولية حاسمًا في اتخاذ خطوات عاجلة لحماية المهاجرين المناخيين، وتعتبر الأمم المتحدة من أهم الهيئات التي تعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة المتزايدة.
وفي عام 2018، اعتمدت الأمم المتحدة الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة، الذي يعترف بتغير المناخ كأحد الأسباب الرئيسية للهجرة، ومع ذلك، لا يوفر هذا الاتفاق حماية قانونية ملزمة للمهاجرين المناخيين، مما يترك الكثير منهم في وضع غير قانوني وغير آمن.
مقترحات الحلول العالمية والمحلية
تستطيع الدول مثل الولايات المتحدة أن تسهم في توفير الحماية المؤقتة للمهاجرين بسبب الكوارث المناخية من خلال توسيع مفهوم "الوضع المحمي المؤقت" (TPS) ليشمل الأفراد الذين يتم تهجيرهم بسبب الكوارث المناخية.
وتظل إفريقيا إحدى المناطق التي يمكن أن تقدم نموذجًا إيجابيًا، ففي عام 1969، اعتمدت منظمة الوحدة الإفريقية اتفاقية للاجئين توسعت فيها تعريف اللاجئ ليشمل أولئك الذين يفرون من الكوارث البيئية، وهو نموذج يمكن الاستفادة منه على نطاق عالمي.
الخطوات المستقبلية
وأكد التقرير أنه على الرغم من الجهود الحالية في بعض الدول لتقديم حلول محلية، فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى تجديد التزامه بحماية المهاجرين المناخيين من خلال تعزيز التشريعات الدولية التي تشمل التغير المناخي كسبب رئيسي للهجرة.
واختتمت المجلة بالتأكيد أن تلك الخطوات أساسية لضمان حياة أفضل للملايين الذين يواجهون التهديد المستمر بسبب الكوارث الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة ومستويات البحار، وأنه من الضروري أن تتمثل الاستجابة في نهج عالمي يوفر حماية قانونية، ويشمل أيضًا برامج لدعم إعادة توطين المهاجرين المتأثرين بالتغيرات المناخية.