«فورين بوليسي»: التحول نحو الطاقة الخضراء يهدد نمط حياة السكان الأصليين في السويد

«فورين بوليسي»:  التحول نحو الطاقة الخضراء يهدد نمط حياة السكان الأصليين في السويد
أفراد من شعب السامي في السويد (أرشيفية)

يواجه شعب السامي في السويد، وهو من آخر الشعوب الأصلية في أوروبا، تهديدات متزايدة من مشاريع التحول نحو الطاقة الخضراء، حيث عاش “السامي” في شمال السويد لآلاف السنين، حيث ارتبطت حياتهم بشكل وثيق بأراضيهم ورعيهم لحيوان الرنة، التي شكلت جزءًا جوهريًا من حياتهم الاقتصادية والثقافية، وحافظت على ارتباطهم بتقاليدهم وهويتهم.

ساعدت الموارد الطبيعية الغنية في شمال السويد، مثل المعادن والخشب والمياه، على جعل البلاد واحدة من أغنى الدول في العالم، وفقا لتقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الجمعة، لكن معظم هذه الموارد تقع على أراضي السامي، التي تتعرض بشكل متزايد لمشاريع الطاقة الخضراء، مثل مزارع الرياح وتوسعات التعدين واستخدام الغابات، وأثرت هذه المشاريع سلبًا على طرق الهجرة الطبيعية للرنة، وأدت إلى تفتيت المراعي وتقليص الأراضي المتاحة للرعي، مما أثر على توازن النظام البيئي ونشاطات السامي التقليدية.

تأثير البنية التحتية

عرقلت مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل مزارع الرياح ومحطات الطاقة الكهرومائية، نمط حياة السامي التقليدي، قللت مزارع الرياح من مساحة المراعي بسبب الضوضاء والحركة التي تصدرها التوربينات، مما دفع الرنة إلى الهروب من المناطق المتضررة، أما مشاريع الطاقة الكهرومائية، فقد شملت بناء سدود وخزانات مائية على أراضي السامي، ما أدى إلى تغيير المسارات الطبيعية للمياه الضرورية للصيد التقليدي وغمر مساحات كبيرة من الأراضي.

ودفع استغلال الأراضي، الناتج عن هذه المشاريع، بعض عائلات “السامي” إلى النزوح نحو المناطق الحضرية، مما أدى إلى تفكك نمط حياتهم التقليدي، وعلى الرغم من الأهمية البيئية لهذه المشاريع، تعالت أصوات السامي بوصف هذه السياسات بـ"الاستعمار الأخضر"، مشيرين إلى استمرارية استغلال الموارد على حساب حقوقهم.

انتهاكات حقوق السامي

أثرت السياسات السويدية بشكل كبير على قدرة السامي على الحفاظ على مسؤوليتهم تجاه أراضيهم، فلم تصادق السويد، على عكس جارتها النرويج، على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 لعام 1989، التي تحمي حقوق الشعوب الأصلية، وفي عام 2020، خلصت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إلى أن القوانين السويدية تميز ضد السامي.

ورغم هذه التوصيات، استمرت الحكومة السويدية في إعطاء الأولوية لمشاريع الطاقة الخضراء على حساب أراضي السامي، غالبًا ما تتضمن هذه المشاريع شركات مملوكة للدولة، ومقاولين خاصين، وشركات متعددة الجنسيات. أشار السامي إلى أن هذه السياسات تستبدل استغلال الموارد التقليدي بأساليب جديدة تسهم في تقويض حقوقهم.

تحديات إضافية

شهد قطاع التعدين توسعًا كبيرًا في شمال السويد، حيث تقع 9 من أصل 12 منجمًا على أراضي السامي، تضم هذه المناجم واحدًا من أكبر مناجم النحاس في الاتحاد الأوروبي بالقرب من مدينة ياليفاره، وأكبر منجم للحديد في العالم في كيرونا.

تسبب توسع هذه المناجم في تفكيك مدينة كيرونا ونقلها عدة كيلومترات شرقًا، مما أدى إلى نزوح مجتمعات السامي الحضرية والريفية.

اكتشفت شركة LKAB السويدية المملوكة للدولة مؤخرًا أكبر رواسب للمعادن النادرة في أوروبا في كيرونا، حيث تُستخدم هذه المعادن في تصنيع توربينات الرياح والبطاريات والسيارات الكهربائية، وتعتبر أساسية لتحقيق أهداف التحول الأخضر في أوروبا.

عزز الاتحاد الأوروبي هذه الجهود من خلال إقرار قانون المواد الخام الحرجة في 2023، الذي يهدف إلى استخراج 10% من احتياجاته السنوية من المواد الخام داخل حدوده.

احتجاجات ومطالبات شعب السامي

نظم شعب السامي احتجاجات ورفعوا دعاوى قضائية للتصدي للمشاريع التي تهدد أراضيهم، وعملوا مع منظمات دولية مثل مجلس السامي وجماعات بيئية عالمية لزيادة الوعي بمعاناتهم، لكن مع تفاقم التغير المناخي وزيادة الضغوط الصناعية، يجد السامي أنفسهم أمام تحديات متزايدة للحفاظ على نمط حياتهم التقليدي.

أثارت المعارضة للمشاريع التي تنتهك أراضي الشعوب الأصلية تساؤلات أخلاقية حول كيفية التوفيق بين حقوق الشعوب الأصلية واستدامة البيئة، شدد السامي على ضرورة تبني سياسات أكثر إنصافًا تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان وتضمن إشراكهم في اتخاذ القرارات.

الحاجة إلى مقاربة أخلاقية

أكدت مطالب السامي أهمية تبني نهج أكثر أخلاقية في تحقيق التنمية المستدامة، بحيث يحترم حقوق الشعوب الأصلية ويحمي أراضيهم، وبات شعب السامي يمثل رمزًا للتحدي في وجه الضغوط الصناعية المتزايدة، مما يدعو إلى إعادة النظر في سياسات التحول الأخضر بما يضمن العدالة البيئية والاجتماعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية