أطفال العالم جوعى.. ولا فرحة للعيد بدون غذاء
أطفال العالم جوعى.. ولا فرحة للعيد بدون غذاء
يستقبل المسلمون في العالم عيد الفطر المبارك، بينما هناك ملايين الأطفال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في خطر تزايد سوء التغذية وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومن المتوقع أن تتفاقم حدة سوء التغذية لدى الأطفال، وأدى تعطل وصول الواردات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى نقص المواد الغذائية وسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك القمح وزيوت الطعام والوقود.
ووفقًا لتقرير اليونسيف في إبريل 2022، إذا استمر هذا الوضع فإنه سيؤثر بشكل كبير على الأطفال، خاصة في مصر ولبنان وليبيا والسودان وسوريا واليمن، والتي يعتبر بعضها مراكز جوع، وفقًا لتقييمات أجريت قبل أزمة أوكرانيا، حيث كانت تلك الدول تعاني أصلاً من النزاعات أو الأزمات الاقتصادية أو الزيادة الحادة في أسعار الأغذية العالمية في عام 2021.
وتقول المديرة الإقليمية لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أديل خُضُر: "تشهد المنطقة، بالتزامن مع استمرار النزاعات وعدم الاستقرار السياسي وجائحة (كوفيد-19) وأزمة أوكرانيا، ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، إلى جانب انخفاض القوة الشرائية، ومن المرجح أن يشهد عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية زيادة حادّة".
الجوع بالأرقام
تعاني العديد من الدول من سوء التغذية بين الأطفال أصلاً، لا سيما بسبب النزاعات المسلحة المستمرة والأزمات الإنسانية.
ووفقًا لتقرير لليونسيف" يتلقى 36 في المئة فقط من صغار الأطفال في المنطقة التغذية التي يحتاجون إليها للنمو بطريقة صحية، تعتبر المنطقة موطنًا لمعدلات عالية من النقص في التغذية ونقص المغذيات الدقيقة، ويعاني ما معدَّلهُ واحد من كل خمسة أطفال تقريبًا من التقزم، بينما يبلغ متوسط معدل الهُزال نسبة 7 في المئة، وكانت معدلات نقص التغذية أعلى في دول المنطقة الأكثر تضررًا من الحرب في أوكرانيا.
في اليمن، 45 في المئة من الأطفال يعانون من التقزم، وأكثر من 86 في المئة يعانون من فقر الدم، وفي السودان، يعاني 13.6 في المئة من الأطفال من الهزال، و36.4 في المئة من التقزم ويعاني نصفهم تقريباً من فقر الدم.
في لبنان، 94 في المئة من الأطفال الصغار لا يتلقون التغذية التي يحتاجون إليها، بينما يعاني أكثر من 40 في المائة من النساء والأطفال دون سن الخمس سنوات من فقر الدم، وفي سوريا، يحصل طفل واحد فقط من بين كل أربعة أطفال على التغذية التي يحتاج إليها. في عام 2021 وحده، بلغ متوسط سعر سلّة الغذاء الضعف تقريبًا.
جوع وعمالة
ودعت المنظمات الحقوقية إلى توحيد الجهود لإيصال وتوسيع نطاق خدمات الوقاية والكشف المبكر عن سوء التغذية وعلاجه لتلبية احتياجات ملايين الأطفال والنساء، لا سيما في البلدان الأكثر تضررًا من الأزمات، وشددت على أن هذا الأمر في غاية الأهمية لتفادي أزمة سوء تغذية ضخمة في المنطقة.
وبات مستقبل الأطفال في لبنان على المحك جراء تفاقم تداعيات الانهيار الاقتصادي عليهم من نقص في التغذية والرعاية الصحية وارتفاع معدل العمالة. وأوضحت "اليونسيف" أن استطلاعاً جديداً «أظهر ارتفاعاً في عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع، والذين اضطرّوا للعمل لإعالة أسرهم، والأطفال الذين لم يتلقّوا الرعاية الصحية التي كانوا في أمسّ الحاجة إليها».
في مواجهة التضخم الهائل، وتزايد الفقر، وندرة توافر الوظائف، اضطرّت 40% من الأسر لبيع الأدوات المنزلية والأثاث (بنسبة قاربت 33%)، وكان على 7 من كل 10 أسر شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر لشراء الطعام، مقارنةً بنسبة 6 من كل 10 أسر في شهر إبريل، حسب دراسة «يونيسيف».
ونقل التقرير عن حنان (29 عاماً)، المقيمة في طرابلس (شمال) أفقر مدن لبنان، قولها: «تزداد الحياة صعوبة يوماً بعد يوم، لقد أرسلت أولادي الأربعة إلى مدرستهم من دون طعام»، مضيفة: «فكرت بالانتحار لكني عدت واستبعدت تلك الفكرة بمجرد أن نظرت إلى أطفالي».
واضطرت أمل (15 عاماً) إلى العمل في قطاف الفاكهة لدعم عائلتها، ونقل التقرير عنها: «أهلنا بحاجة إلى المال الذي نكسبه، ماذا سيفعلون إذا توقفنا عن العمل؟»، مضيفة: «أكثر ما يقلقنا هو سداد إيجار البيت. لا نريد أن نفقد منزلنا».
وقالت «يونيسيف» إنه «كان للأزمة المستشرية تأثير خطير على صحة الأطفال، نحو 34% من هؤلاء لم يتلقوا الرعاية الصحيّة التي احتاجوا إليها، بعد أن كانت النسبة 28% في إبريل الماضي»، كما ارتفعت أسعار الأدوية بشكلٍ كبير، «ما جعل الكثير من الأسر غير قادرة على تحمّل تكاليف الرعاية الصحيّة المناسبة لأطفالها، في ظلِّ النقص الحاد في الأدوية الأساسية المتوافرة في البلاد».
وارتفعت أسعار الأدوية في لبنان أكثر بعد أن عمدت الحكومة -بدءاً من الأسبوع الماضي- إلى رفع الدعم تدريجياً عن أنواع معينة من الأدوية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم وضغط الدم.
وعلى وقع الأزمة، وجد الكثير من الأطفال أنفسهم أمام خيار واحد هو العمل، وفق التقرير الذي أشار إلى ارتفاع عدد الأسر التي أرسلت أطفالها إلى العمل من 9 إلى 12%، وقد ازدادت نسبة الأسر اللبنانية منها نحو سبعة أضعاف.