«فايننشال تايمز»: ارتفاع عدد إفلاسات الشركات الأمريكية لأعلى مستوى منذ 14 عاماً
686 شركة أمريكية تعلن إفلاسها في 2024
سجلت حالات إفلاس الشركات في الولايات المتحدة خلال عام 2024 أعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية، بعد أن أثرت أسعار الفائدة المرتفعة وتراجع الطلب الاستهلاكي على الشركات المتعثرة، وفقا لتقرير نشرته "فايننشال تايمز" اليوم الثلاثاء.
وأفادت بيانات صادرة عن" إس آند بي جلوبال ماركت إنتليجنس" بأن 686 شركة أمريكية على الأقل قدمت طلبات إفلاس خلال العام الماضي، بزيادة نسبتها 8% مقارنة بعام 2023، وهو الرقم الأعلى منذ تسجيل 828 حالة إفلاس في عام 2010.
ورصدت وكالات تصنيف الائتمان أيضًا زيادة كبيرة في المناورات المالية التي تسعى لتجنب الإفلاس، حيث تجاوزت هذه المناورات عدد حالات الإفلاس بواقع اثنتين إلى واحدة، وفقًا لتقارير "فيتش ريتينغز".
وأدى هذا الاتجاه إلى تسجيل أدنى معدلات استرداد للدائنين الأساسيين منذ عام 2016، خاصة للجهات التي قدمت قروضًا لشركات تحمل ديونًا إجمالية تتجاوز 100 مليون دولار.
إفلاس"بارتي سيتي"
شهدت شركة "بارتي سيتي"، المتخصصة في بيع مستلزمات الحفلات، إفلاسًا هو الثاني في غضون عامين، حيث قدمت طلبًا جديدًا في ديسمبر 2024 بعد خروجها من إجراءات الفصل الحادي عشر في أكتوبر 2023، وأعلنت الشركة نيتها إغلاق 700 متجر على مستوى الولايات المتحدة، موضحة أن "الضغوط التضخمية على التكاليف والإنفاق الاستهلاكي" ساهمت في انهيارها.
وتضررت الشركات التي تعتمد على الإنفاق الاستهلاكي التقديري بشكل خاص، مع تراجع الطلب بعد انتهاء التحفيزات الاقتصادية المرتبطة بجائحة كوفيد-19.
ومن بين الشركات الكبرى التي أعلنت إفلاسها في عام 2024: شركة "تابروير" لتخزين الطعام، وسلسلة المطاعم "ريد لوبيستر" ، وشركة "سبيريت إيرلاينز" ، و"أيفون" لمستحضرات التجميل.
ضعف الإنفاق الاستهلاكي يعمّق الأزمة
انعكس التباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي بشكل ملحوظ على الشركات، حيث أشار جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في EY، إلى أن "الارتفاع المستمر في تكاليف السلع والخدمات يثقل كاهل الطلب الاستهلاكي"، وأوضح أن الأسر ذات الدخل المنخفض تتحمل العبء الأكبر، فيما أصبحت الطبقات المتوسطة والعليا أكثر حذرًا في الإنفاق.
وخفّت الضغوط نسبيًا مع شروع الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض أسعار الفائدة، لكن المسؤولين أكدوا أن التخفيض المتوقع لعام 2025 لن يتجاوز نصف نقطة مئوية إضافية.
وشهدت الشركات زيادة في اللجوء إلى إجراءات إدارة الالتزامات، التي تُعرف بأنها خطوات قانونية تسعى لتخفيف عبء الديون خارج المحاكم، ورغم أن هذه المناورات تهدف إلى تجنب الإفلاس، فإن العديد من الشركات التي لجأت إليها انتهى بها الحال إلى التقدم بطلبات إفلاس، وفقًا لتصريحات جوشوا كلارك، مدير أول في "فيتش ريتينغز".
وأشار كلارك إلى أن هذه الخطوات غالبًا ما تعكس حالة يأس، حيث تأمل الشركات في ارتفاع أرباحها أو انخفاض أسعار الفائدة لتجنب السقوط الكامل، لكن في بعض الحالات، تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة الديون القائمة، مما يضع مزيدًا من الضغوط على الدائنين الأساسيين.
استمرار الضغط الاقتصادي
قفز عدد حالات الإفلاس من 636 في عام 2023 إلى 686 في 2024، رغم بدء خفض أسعار الفائدة في نهاية العام، وشهدت فترة عامي 2021 و2022 تسجيل 777 حالة إفلاس فقط، مدفوعة بانخفاض تكلفة الاقتراض خلال برنامج خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.
ومع ذلك، بلغ عدد الشركات التي تقدمت بطلبات إفلاس بقيمة التزامات تجاوزت مليار دولار نحو 30 شركة خلال 2024، مما يبرز عمق الأزمة التي تواجهها الكيانات الكبرى.
ولم تقدم الظروف الاقتصادية الحالية حلولًا مستدامة للشركات المتعثرة، حيث لا يزال الطريق أمام تحسين الأوضاع محفوفًا بالمخاطر، ومع تواصل الضغوط التضخمية وارتفاع تكاليف التمويل، تظل العديد من الشركات في مواجهة تحديات تهدد استمراريتها.