«واشنطن بوست»: بايدن يحذر من «أوليغارشية» تهدد الديمقراطية الأمريكية
«واشنطن بوست»: بايدن يحذر من «أوليغارشية» تهدد الديمقراطية الأمريكية
حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه الوداعي من تركيز خطير للسلطة والثروة في أيدي نخبة صغيرة من الأثرياء وأصحاب النفوذ، واصفًا هذا الوضع بأنه يهدد الحقوق الأساسية والحريات التي تشكّل جوهر الديمقراطية الأمريكية.
ووفقا لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الخميس، قال بايدن إن الولايات المتحدة تواجه اليوم ما يشبه "الأوليغارشية" الجديدة، متمثلة في رجال الأعمال الأثرياء وقادة التكنولوجيا الذين يسعون إلى توسيع نفوذهم بالتعاون مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقال بايدن: "إن تركيزًا خطيرًا للثروة والسلطة يتشكل اليوم، ما يهدد الديمقراطية وفرص التقدم لجميع الأمريكيين"، وأضاف: "نرى نتائج هذا التركيز في كل أنحاء البلاد، وهو أمر شهدناه سابقًا في تاريخنا".
الاحتكار في القرن التاسع عشر
قارن بايدن بين هذه النخبة الجديدة وما عُرف بـ"بارونات النهب" في القرن التاسع عشر، مثل جون د. روكفلر وأندرو كارنيجي، الذين حققوا ثروات هائلة وسيطروا على الصناعات الرئيسية.
واستحضر بايدن تحذير الرئيس دوايت أيزنهاور من "المجمع الصناعي العسكري" في خطابه الوداعي عام 1961، مشيرًا إلى ظهور "مجمع صناعي تقني" يهدد مبادئ العدالة والمساواة.
النفوذ المتزايد للتكنولوجيا
انتقد بايدن بشدة كبار قادة التكنولوجيا الذين وصفهم بأنهم يسعون إلى ترسيخ علاقاتهم مع إدارة ترامب المقبلة، وأشار إلى اجتماعات جمعَت هؤلاء القادة، مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، بالرئيس المنتخب، موضحًا أنهم سيتواجدون في حفل تنصيب ترامب بمقاعد مميزة تعكس قربهم من السلطة.
حذّر بايدن من المخاطر التي قد تترتب على هذا التحالف، بما في ذلك تهديدات محتملة للحقوق الأساسية وخصوصية الأفراد، كما أعرب عن قلقه من تقاعس شركات التكنولوجيا عن التحقق من المعلومات التي تُنشر على منصاتها.
وأشار إلى قرار مارك زوكربيرغ بإنهاء جهود التحقق من الحقائق على منصتي فيسبوك وإنستغرام، قائلًا: "الحقيقة تُخنق بالأكاذيب التي تُقال لتحقيق مكاسب في السلطة والربح".
وأبدى الرئيس قلقه بشأن تطورات الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على المجتمع، محذرًا من أن هذه التكنولوجيا قد تشكل تهديدات جديدة للحقوق والخصوصية ونمط الحياة الأمريكي، كما انتقد "تدهور الصحافة الحرة"، معتبرًا ذلك أحد أكبر التحديات التي تواجهها الديمقراطية اليوم.
إنجازات رئاسية رغم التحديات
تحدث بايدن بفخر عن إنجازاته خلال فترة رئاسته، موضحًا الجهود التي بذلها لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية في عام 2021، وأشار إلى خطة الإنقاذ الاقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار، التي هدفت إلى إنعاش الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى قانون البنية التحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار.
كما سلط الضوء على إقرار تشريعات بيئية وصناعية وصحية، من بينها قانون دعم الصناعات المحلية لإنتاج أشباه الموصلات، وتحسين الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، وفرض قيود على حيازة الأسلحة.
قال بايدن: "لقد زرعنا بذور المستقبل، وستنمو هذه البذور وتزدهر على مدى العقود المقبلة".
لم يخفِ بايدن خيبة أمله بشأن إنهاء حياته السياسية دون الترشح لولاية ثانية، أشار إلى أن التقدم في العمر وتزايد القلق بشأن حالته الصحية دفعا الحزب الديمقراطي إلى الضغط عليه للتخلي عن محاولة إعادة انتخابه، رغم ذلك، عبّر عن ثقته بأن التاريخ سينصف إنجازاته.
دعوة لإصلاح النظام السياسي
طالب بايدن بإجراء تغييرات شاملة في النظام السياسي الأمريكي، من بينها مراجعة قوانين الضرائب لضمان أن يدفع المليارديرات حصتهم العادلة، ومنع تدفق الأموال المجهولة إلى السياسيين.
ودعا إلى وضع حدود زمنية لفترات خدمة أعضاء المحكمة العليا، ومنع أعضاء الكونغرس من تداول الأسهم خلال فترة توليهم مناصبهم.
انتقد بايدن النظام الحالي الذي يمنح الرؤساء حصانة مطلقة أثناء توليهم المنصب، وقال: "علينا تعديل الدستور للتأكد من أن أي رئيس لا يمكن أن يكون فوق القانون".
قلق بشأن عودة ترامب
أبدى بايدن قلقه من عودة ترامب إلى السلطة، واصفًا إياه بأنه "تهديد وجودي للديمقراطية"، وأشار إلى أن ترامب يسعى لإلغاء العديد من السياسات التي وضعها بايدن خلال ولايته.
وقال: "الآن جاء دوركم لحماية ما بنيناه، وضمان استمرارية القيم التي جعلت من هذه الأمة نموذجًا للعالم".
وأنهى بايدن خطابه بالتأكيد على إيمانه بالمبادئ التي قامت عليها الولايات المتحدة، واستعرض مسيرته الطويلة في السياسة، مشيرًا إلى أنه بدأ حياته كطفل يعاني من التلعثم، لكنه تمكن من الوصول إلى أعلى المناصب في البلاد.
قال بايدن: "ما زلت أؤمن بأن قوة مؤسساتنا وشخصية شعبنا هما أساس صمودنا.. الآن، حان دوركم لتحمل المسؤولية ومواصلة الدفاع عن هذه القيم".