صراع العمالقة.. كيف تهدد «ديب سيك» عرش «أوبن إيه آي» في سباق الذكاء الاصطناعي؟
صراع العمالقة.. كيف تهدد «ديب سيك» عرش «أوبن إيه آي» في سباق الذكاء الاصطناعي؟
في عالم التكنولوجيا الحديثة، وبالتحديد في مجال الذكاء الاصطناعي، أصبح التنافس بين الشركات الكبرى مصدرًا رئيسيًا للتطورات المذهلة، وفي الوقت نفسه، مصدرا للمشاكل القانونية والحقوقية التي يمكن أن تؤثر في تشكيل مستقبل هذا القطاع المتسارع.
وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت الخلافات بين شركة "أوبن إيه آي" الأمريكية، المالكة لنموذج "تشات جي بي تي" الشهير، والشركة الصينية الناشئة "ديب سيك" بشأن اتهامات بسرقة البيانات واستخدام تقنيات ممنوعة، هذه الاتهامات التي تم تداولها على نطاق واسع، بدأت تأخذ شكلًا قانونيًا مع التحقيقات التي تجريها "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي"، مما يضعنا أمام تساؤلات كثيرة حول مدى صحة هذه الادعاءات، وكيف يمكن أن تؤثر في مستقبل المنافسة بين القوى العظمى في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويعد "تشات جي بي تي" واحدًا من أبرز إنجازات شركة "أوبن إيه آي"، التي بدأت رحلتها في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي القوية في عام 2015، واليوم، أصبح هذا النموذج جزءًا من حياتنا اليومية، حيث يتفاعل مع مستخدميه بأسلوب طبيعي وغير معقد، ولكن ليس فقط بسبب قدراته الفائقة على فهم وتوليد النصوص البشرية، بل أيضا بسبب استثمارات ضخمة قامت بها "أوبن إيه آي" لتحسين هذا النموذج.
وفي تقريرها السنوي لعام 2023، أفادت الشركة بأنها استثمرت أكثر من 3.5 مليار دولار في تحسين وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، الأمر الذي جعلها واحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال، ولكن النجاح الذي حققته "أوبن إيه آي" لم يكن دون منافسة، فالشركات الأخرى، خاصة في الصين، تسعى لتطوير تقنيات مشابهة وبأقل التكاليف.
وهنا برز دور "ديب سيك"، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، والتي ظهرت فجأة على الساحة في عام 2024 عندما أطلقت نموذجها الجديد "آر وان" (R1)، ويعد هذا النموذج تحديًا حقيقيًا للمنافسة الأمريكية، ليس فقط، من ناحية الأداء، بل أيضا من حيث التكلفة المنخفضة للغاية لتطويره مقارنة بالشركات الغربية.
تكلفة تطوير نموذج
ووفقًا للتقارير، بلغت تكلفة تطوير نموذج "آر وان" حوالي 6 ملايين دولار فقط، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالاستثمارات الهائلة التي ضختها الشركات الأمريكية، ورغم أن "ديب سيك" تدعي أن نموذجها الجديد قادر على محاكاة الأداء البشري في العديد من المجالات، مثل الحسابات الرياضية والمعرفة العامة، فإن الوضع بدأ يصبح أكثر تعقيدًا بعد أن اتهمت "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" الشركة الصينية بسرقة تقنياتها واستخدام بياناتها بطريقة غير قانونية.
وهناك اتهامات قوية تشير إلى أن "ديب سيك" استخدمت أسلوب "التقطير المعرفي" (Distillation) من أجل نقل المعرفة من نموذج "تشات جي بي تي" إلى نموذجها الخاص. هذه التقنية، التي تعتبر فعّالة في نقل الخبرات بين النماذج الذكية، تسمح للباحثين باستخدام مخرجات نموذج ذكي تدريبي لتدريب نموذج آخر، الأمر الذي أثار شكوكًا بشأن سرقة المعرفة والبيانات من النماذج التي طورتها شركات غربية.
وكانت "أوبن إيه آي" سريعة في الرد على هذه الاتهامات، إذ أكدت أن هناك أدلة تشير إلى أن "ديب سيك" استخدمت هذه التقنية بطريقة غير مشروعة، ووصفت ذلك بأنه انتهاك لحقوق الملكية الفكرية، وفي تصريحات صحفية أدلى بها متحدث باسم "أوبن إيه آي"، أشار إلى أن الشركات الصينية تسعى باستمرار لاستخراج البيانات والمعلومات من نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية، واصفًا ذلك بالتحدي الكبير في حماية حقوق الملكية الفكرية لهذه النماذج.
وأوضح أن "أوبن إيه آي" قد اتخذت إجراءات مضادة لصد هذه المحاولات، بما في ذلك تحسين تقنيات الكشف عن محاولات سرقة البيانات ومنعها.
واجهة برمجة التطبيقات
وأظهرت التقارير التي نشرتها شركة “مايكروسوفت”، أن هناك أدلة على أن مجموعة من الأشخاص المرتبطين بـ"ديب سيك" استخدموا واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـ"أوبن إيه آي" لاستخراج كميات ضخمة من البيانات، وهو ما قد يشكل انتهاكًا صريحًا لشروط خدمة "أوبن إيه آي" وقد تجنب الكثير من المحللين التصريح بشكل قاطع حول ما إذا كانت هذه الأنشطة تمثل سرقة للبيانات أو كانت مجرد استخدام مشروع للتقنيات المتاحة، ولكن ما هو واضح هو أن هذا الصراع يثير أسئلة خطيرة حول كيفية تنظيم الصناعة وضمان حماية الابتكارات التقنية في بيئة تضم شركات عملاقة وقوى اقتصادية كبرى.
وأعلنت "مايكروسوفت" أنها تحقق في هذه الأنشطة، بالتوازي مع "أوبن إيه آي"، لمعرفة مدى صحة هذه الاتهامات ومدى تأثيرها على السوق العالمية. فقد أثارت هذه القضية قلقًا في الأسواق المالية، حيث كانت أسهم الشركات الكبرى مثل "مايكروسوفت" و"إنفيديا" و"غوغل" قد تراجعت بشكل كبير في أعقاب تقارير عن النموذج الصيني الجديد. على سبيل المثال، شهدت أسهم "مايكروسوفت" تراجعًا بنحو 5% في الأسبوع الذي أعقب الإعلان عن "آر وان"، مما يعكس حجم القلق الذي تعيشه هذه الشركات الكبرى جراء التهديدات التي قد يشكلها النموذج الصيني في سوق الذكاء الاصطناعي.
ويقول خبراء، إن قضية "ديب سيك" و"أوبن إيه آي" هي بمثابة نقطة تحول في الصراع العالمي على مستقبل الذكاء الاصطناعي. ففي الوقت الذي تسعى فيه الشركات الصينية إلى اقتحام سوق الذكاء الاصطناعي بتقنيات منخفضة التكلفة، تصر الشركات الأمريكية على حماية تقنياتها المبتكرة بكل الوسائل المتاحة. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تتحول هذه التوترات إلى أزمة قانونية بين دولتين قويتين مثل الولايات المتحدة والصين؟ الوقت فقط هو من سيحدد الإجابة.
إعادة تعريف معايير الملكية الفكرية
وقال خبير التقنية والذكاء الاصطناعي، المهندس محمود الخولي، إن ما يحدث الآن يمكن أن يشكل بداية لتغيرات جذرية في طريقة تعامل الشركات الكبرى مع البيانات والنماذج التي تُعنى بالتعلم الآلي، وقد تفضي هذه الأحداث إلى إعادة تعريف معايير الملكية الفكرية في العصر الرقمي، ولكن عندما يتم الحديث عن سرقة البيانات في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن الحديث يتعلق غالبًا بطريقة استخدام الشركات لنماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة في تدريب نماذج أصغر أو محاكاة لأداء النماذج الأصلية. "التقطير المعرفي" هو أحد الأساليب المتبعة في هذا المجال، وهي عملية يستخدم فيها النموذج الأصغر مخرجات النموذج الأكبر لتدريب نفسه وتحقيق نتائج مشابهة.
وتابع الخولي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، هذه التقنية، رغم كونها مشروعة في العديد من الحالات، قد تثير القلق إذا كانت تتم بطريقة غير قانونية أو تنتهك حقوق الملكية الفكرية، السرقة تحدث عندما تستخدم شركات أو أطراف أخرى مخرجات أو بيانات نموذج ذكي بشكل غير مصرح به، مما قد يؤدي إلى تقليد أو إعادة صياغة النماذج دون بذل الجهد أو الاستثمار المطلوبين من الشركات الأصلية. في حالة "ديب سيك" واتهامات "أوبن إيه آي"، يتم الحديث عن استخدام مخرجات "تشات جي بي تي" وأدوات أخرى في نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، في الواقع، هذا النوع من الاتهامات يعتمد على وجود دليل تقني قاطع يثبت أن عملية التدريب قد تمّت باستخدام بيانات أو مخرجات تخص الشركات الأصلية دون إذن، الأمر الذي قد يشكل انتهاكًا صارخًا للملكية الفكرية.
وقال الخبير التقني: من الناحية التقنية، يمكن تحقيق ذلك من خلال عدة آليات، أولاً، يمكن لمهندسي البرمجيات وعلماء البيانات تتبع سلوك النموذج الاصطناعي، على سبيل المثال يتم استخدام أدوات لتحليل سجلات الوصول إلى واجهات البرمجة الخاصة بالنماذج (API) التي تعتمد عليها الشركات، وهذا يساعد في تحديد ما إذا كانت هناك عمليات تحميل مفرطة للبيانات التي قد تكون موجهة إلى تدريب نموذج آخر، وفي حالة وجود نمط غير عادي من الاستخدام أو استخدام مباشر للمخرجات، يمكن أن يكون هذا دليلًا قاطعًا على سرقة البيانات.
وتابع، يمكن دراسة النتائج التي يقدمها النموذج المشتبه فيه. إذا كانت "ديب سيك" قد استخدمت مخرجات "أوبن إيه آي" لتدريب نموذجها، فإنه من الممكن أن تظهر تشابهات واضحة بين نتائج النموذجين في عدة جوانب، إذا تمكنت إحدى الشركات من تقليد أو محاكاة الأجوبة المقدمة من "تشات جي بي تي" بطرق متشابهة جدًا أو حتى تطابقها تمامًا في كثير من الحالات، فهذا قد يشير إلى أن النموذج الجديد يعتمد على مخرجات النموذج الأصلي، وبالتالي قد يشكل انتهاكًا لحقوق الملكية.
وأوضح، يمكن الاستعانة بتقنيات تعلم الآلة المتقدمة، مثل تحليل التشابهات الخوارزمية بين النماذج الذكية إذ يُمكن أن تكشف الفروقات الطفيفة في الطريقة التي يتم بها معالجة البيانات أو توليد الاستجابات عن بصمة رقمية للنموذج، وهو ما يمكن تتبعه لتحديد إذا ما كانت هناك عمليات اقتباس غير قانونية، وتتمثل إحدى الطرق الرئيسية لإثبات هذه الاتهامات في قدرة المبرمجين والمختصين على إجراء فحص تفصيلي للنماذج، وتتبع العمليات التي تمت على الخوادم الخاصة بالشركات.
وعن تداعيات هذه الاتهامات قال إنها ليست فقط تقنية، هي تتجاوز ذلك لتصل إلى شؤون قانونية وتجارية أوسع، إن اكتشاف أن شركة قد سرقت مخرجات أو بيانات تدريب من أخرى يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الثقة في المنظومة الرقمية ككل، وقد يؤثر هذا بشكل مباشر على تصورات الشركات الكبرى للاستثمار في تقنيات جديدة، مما يفتح بابًا واسعًا للتشكيك في سلامة المعايير الأخلاقية التي تقوم عليها صناعة الذكاء الاصطناعي، علاوة على ذلك، سيكون له تأثير على تصورات الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها المختلفة، من محركات البحث إلى البرمجيات المالية، مما قد يدفعها إلى فرض قيود أكثر صرامة على استخدام واجهات البرمجة.
وأشار إلى أن التداعيات الاقتصادية أيضًا ستكون كبيرة، من الممكن أن تؤدي هذه التوترات إلى فرض عقوبات تجارية أو إجراءات قانونية ضد الشركات المتورطة، مما قد يضعف قدرتها على التوسع أو جذب استثمارات جديدة، كذلك، فإن خسارة الشركة لمصداقيتها يمكن أن تؤدي إلى خسائر مادية ضخمة وتراجع في حصتها السوقية، كما حدث مع الشركات الكبرى التي تضررت من صعود "ديب سيك" كنموذج للذكاء الاصطناعي بتكلفة منخفضة.
صراع الملكية الفكرية
وقال خبير القانون الدولي، نبيل حلمي، إن الاتهامات التي تلاحق شركة "ديب سيك" الصينية بسرقة البيانات من "أوبن إيه آي" الأمريكية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي تثير تساؤلات قانونية معقدة يمكن أن تمتد آثارها لتؤثر على العلاقات الدولية في المستقبل القريب، هذه القضية لا تقتصر على صراع تجاري بين شركات، بل تتعداها لتصبح مسألة قانونية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية وحماية الابتكارات التقنية التي أصبحت من أكثر الأصول القيمة في القرن الواحد والعشرين.
وقال حلمي، لـ"جسور بوست"، لا يخفى على أحد أن مجال الذكاء الاصطناعي أصبح من أبرز الميادين الاستراتيجية التي تسعى الدول الكبرى للهيمنة عليها، الأمر الذي قد يؤدي إلى توترات قانونية بين دولتين عظيمتين مثل الولايات المتحدة والصين، وتُعتبر حقوق الملكية الفكرية حجر الزاوية في تنظيم هذا النوع من النزاعات، وبحسب اتفاقية "تريبس" التي تم تبنيها تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، فإن الدول الأعضاء ملزمة بتوفير حماية فعالة لحقوق الملكية الفكرية، بما في ذلك براءات الاختراع، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية.
وتابع، أن سرقة البيانات أو تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يتم تطويرها باستخدام هذه البيانات يمكن أن يشكل انتهاكًا صارخًا لهذه الاتفاقية، مما يفتح الباب أمام دعاوى قانونية قد تؤدي إلى فرض عقوبات تجارية على الصين من قبل الولايات المتحدة ولكن حتى في إطار هذا الإطار القانوني، تبقى المسألة شائكة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بممارسات قانونية قد تكون غير واضحة في إطار التعامل مع تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تندرج تحت فئات مبتكرة ومتطورة.
وقال إن استخدام تقنية "التقطير المعرفي" من قبل "ديب سيك" قد يثير نقاشًا آخر يتعلق بما إذا كانت هذه التقنية تشكل انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية أو لا، ففي حين أن "التقطير المعرفي" قد يكون قانونيًا في بعض الحالات إذا تم بموافقة المالكين الأصليين للتقنيات، إلا أنَّ استخدامه دون إذن يعد انتهاكًا للقوانين التي تحمي الحقوق الفكرية، وبموجب قوانين حماية الملكية الفكرية في الولايات المتحدة، فإن أي استخدام غير مرخص لتقنيات البرمجة أو البيانات المملوكة لشركة معينة يمكن أن يُعد انتهاكًا لبراءات الاختراع أو حقوق النشر، وبالنظر إلى أن "أوبن إيه آي" تعتبر من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأكد أن القوانين الصينية في مجال الملكية الفكرية قد لا تكون بالضرورة متماثلة مع تلك الموجودة في الولايات المتحدة، فالصين على الرغم من أنها تلتزم بتوقيع العديد من الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية، فإن التطبيق الفعلي لتلك الاتفاقيات يواجه صعوبات ويعود ذلك جزئيًا إلى التفاوت في معايير تطبيق قوانين حقوق الملكية الفكرية، حيث يُقال إن الصين غالبًا ما تسمح بدرجة أكبر من المرونة في تطبيق القوانين، خاصة في القطاعات التكنولوجية، ما يعزز من التكهنات بأن النزاع قد يستمر لفترة طويلة دون الوصول إلى حل سريع.
وقال إن ثمة مسألة متعلقة بالحقوق السيادية للدول التي يجب أن تُؤخذ في الحسبان، في سياق النزاع بين الولايات المتحدة والصين، غالبًا ما يتم استخدام قضية الملكية الفكرية كأداة ضغط اقتصادي ففي حال أصرَّت "أوبن إيه آي" على رفع القضية في محاكم أمريكية، فإن الصين قد ترد بمقاضاة الشركات الأمريكية في محاكمها الخاصة أو تتخذ إجراءات قانونية ضد الشركات الصينية التي تشارك في هذه التقنيات، كما أنَّ الصين قد تعتمد على قوانينها المحلية في حماية مصالحها التقنية، وهو ما قد يجعل التسوية القانونية أكثر تعقيدًا.
وأشار إلى أنه قد تتطور هذه الأزمة إلى نزاع سياسي وقانوني معقد يتجاوز حدود القوانين التجارية البحتة إلى أنظمة الحماية الاستراتيجية، ويمكن أن تستغل الولايات المتحدة هذه القضية للضغط على الصين من خلال فرض عقوبات اقتصادية على الشركات الصينية التي تشارك في سرقة البيانات، مما يزيد من تعقيد الوضع، وهذا يشمل فرض حظر على تقنيات الذكاء الاصطناعي الصينية في الأسواق الغربية، بما قد يؤثر بشكل سلبي على الصادرات الصينية ويفاقم النزاع السياسي بين القوتين العظميين، ولكن في المقابل، لا يمكننا تجاهل الدور الذي قد تلعبه منظمات مثل منظمة التجارة العالمية في حل هذا النزاع.
وقال إن هذه الأزمة القانونية بين "أوبن إيه آي" و"ديب سيك" قد تتخذ عدة أشكال معقدة من التصعيد والتفاوض، بدءًا من الخلافات القانونية حول حماية البيانات ونهايةً بالضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية، ومع كل ذلك، يظل الطريق إلى الحل مفتوحًا أمام الخيارات التفاوضية التي يمكن أن تضع الأسس لعلاقات قانونية وتجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية الابتكار من جهة، وضمان منافسة عادلة وشفافة من جهة أخرى.
وأتم، يمكن القول إن القضية بين "أوبن إيه آي" و"ديب سيك" ليست مجرد نزاع قانوني بسيط حول سرقة بيانات، بل هي صورة مصغرة لصراع أوسع حول الهيمنة على واحدة من أكثر الصناعات استراتيجية في القرن الحادي والعشرين والتعامل معها يتطلب موازنة بين العدالة القانونية وحماية الابتكار، وفي الوقت نفسه مراعاة الأبعاد السياسية والتجارية التي قد تؤدي إلى تحولات غير متوقعة في العلاقات الدولية بين القوى الكبرى.
.