القلق يعمّ قطاع النسيج التركي بسبب احتمال عودة السوريين إلى بلادهم

القلق يعمّ قطاع النسيج التركي بسبب احتمال عودة السوريين إلى بلادهم
قطاع النسيج في تركيا

بدأت المخاوف تعصف بقطاع النسيج في تركيا مع تزايد التفكير بين العمال السوريين في العودة إلى وطنهم بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، حيث كانت هذه العودة، التي حظيت بحماس واسع بين السوريين، مصدر قلق كبير للمصانع التي تعتمد بشكل كبير على العمالة السورية في مختلف المجالات.

وأعرب علي غوزجه، مدير شركة "أيه إل جي تكستيل" في غازي عنتاب، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، عن قلقه الشديد حيال مغادرة العاملين السوريين في حال قرروا العودة إلى سوريا.

وقال غوزجه، الذي تدير شركته نحو 70% من العمالة السورية: "إن مغادرتهم ستؤدي إلى مشكلة كبيرة في سوق العمل.. قد نواجه نقصًا حادًا في القوى العاملة في حال غادروا فجأة".

يعكس كلامه القلق المشترك في القطاع، حيث يعتمد قطاع النسيج في تركيا على العمال السوريين بشكل كبير في مجالات متعددة.

ضغوط اقتصادية تلوح في الأفق

من جهته، أكد المسؤول عن مراقبة الجودة في شركة "بيني جيي" للملابس في منطقة أونال، يوسف ساميل قنديل، أن مغادرة العمال السوريين ستؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف العمالة، وبالتالي رفع تكاليف الإنتاج.

وأشار قنديل إلى أن معظم العمال في شركته هم من السوريين، ويخشى أن تؤدي مغادرتهم إلى رفع التكاليف بشكل غير قابل للتعويض.

وتعتبر تركيا سادس أكبر منتج للنسيج في العالم، حيث تتركز معظم صناعتها في المناطق الجنوبية التي تحتضن العدد الأكبر من اللاجئين السوريين.

وتشير الأرقام الحكومية إلى أن حوالي 100 ألف سوري يحملون تراخيص عمل في تركيا، بينما يعتقد الخبراء أن عددهم الفعلي في الاقتصاد التركي يصل إلى نحو مليون سوري يعملون بشكل غير رسمي في مجالات مثل البناء والصناعة والنسيج.

توقعات بتسارع العودة

على الرغم من أن عدد السوريين الذين عادوا إلى بلادهم لا يتجاوز 81 ألفًا وفقًا لبيانات وزارة الداخلية، فإن التوقعات تشير إلى أن هذا الرقم قد يرتفع بشكل ملحوظ خلال عطلة عيد الأضحى في يونيو.

ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أن العودة لن تكون جماعية، وذلك بسبب الوضع غير المستقر في سوريا بعد حرب طويلة دامت 13 عامًا.

ويعتقد مراد إردوغان، أستاذ علم الاجتماع الذي أجرى العديد من الدراسات حول وضع السوريين في تركيا، أن العودة ليست قرارًا سهلاً.

وقال إردوغان: "رغم فرحتهم بإسقاط بشار الأسد، فإن العديد من السوريين يبقى لديهم قلق بشأن مستقبلهم في سوريا"، موضحًا أن الكثير منهم أسس حياة جديدة في تركيا، ولا يرون فرصًا أفضل في بلدهم.

ورغم الظروف الصعبة التي يواجهها السوريون في تركيا، من حيث العمل مقابل أجور منخفضة، فإنهم يدركون أن الوضع في سوريا قد لا يوفر لهم فرصًا أفضل.

البحث عن حلول طويلة الأمد

في إطار سعيه للتكيف مع احتمالية مغادرة بعض العمال السوريين، بدأ غوزجه التفكير في نقل بعض عمليات الإنتاج إلى سوريا، وقال غوزجه: "إذا اضطررنا لذلك، سنفتح ورش عمل في سوريا ونواصل الإنتاج هناك".

وأضاف أن الوضع في سوريا رغم التحديات يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون التجاري بين البلدين في المستقبل.

ورغم الوضع الحالي في سوريا، يرى خبير الهجرة في معهد بروكينغز، كمال كيريتشي، أن هناك إمكانيات لتنمية علاقات تجارية بين سوريا وتركيا في المستقبل البعيد.

سوريا مكان واعد

وقال كيريتشي: "سوريا مكان واعد جدًا على المدى البعيد، وقد تتمكن الدولتان من إعادة فتح الحدود الاقتصادية بينهما، مما يصب في مصلحة اقتصاد البلدين". 

وأضاف أن فكرة منطقة "شام غن" التي كانت قائمة بين سوريا وتركيا والأردن ولبنان قبل الحرب قد تُعاد، ولكن هذا يعتمد على تطورات الوضع في سوريا بعد الحرب.

بينما يظل الوضع في سوريا غير مستقر، يعكف السوريون في تركيا على تقييم خياراتهم المستقبلية، في ظل هذه التحديات، يواجه قطاع النسيج التركي تحديات كبيرة في حال قرر عدد كبير من العمال العودة إلى بلادهم، وبينما يبحث أصحاب الأعمال عن حلول مستدامة، يبقى مستقبل العمال السوريين في تركيا غامضًا مع تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي في المنطقة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية