«الإيكونوميست» تكشف استراتيجيات الشركات لتفادي رسوم ترامب الجمركية

«الإيكونوميست» تكشف استراتيجيات الشركات لتفادي رسوم ترامب الجمركية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - أرشيف

اتبعت الشركات الأمريكية على مدار العقود الماضية أساليب متعددة للتحايل على الرسوم الجمركية المرتفعة، مستفيدة من ثغرات قانونية وتقنيات إبداعية لتقليل التكاليف ففي عام 1881، أوقفت سلطات الجمارك الأمريكية شحنة سكر مشبوهة، بعد الاشتباه في أن لونها قد تم تغييره عمداً.

وفقاً للتعريفات الجمركية السائدة آنذاك، كان اللون الداكن يشير إلى درجة أقل من الجودة، مما يعني فرض رسوم أقل، أكدت الاختبارات الكيميائية صحة الشكوك، لكن المحكمة العليا الأمريكية قضت في النهاية بأن المستورد لم يخالف القانون، إذ كان من حقه تعديل السلعة لتخفيض قيمة الرسوم الجمركية.

ورصدت مجلة "الإيكونوميست" تصاعد التهديدات التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات، موضحة أن هذه الإجراءات قد تشكل خطراً وجودياً على العديد من الشركات، وفقاً لما أكده إدوارد ستاينر، الخبير القانوني في شركة المحاماة "ساندلر، ترافيس & روزنبرغ". 

وذكرت المجلة البريطانية أن إعادة نقل عمليات الإنتاج إلى الولايات المتحدة، وهو الهدف الذي يسعى إليه ترامب، يظل خياراً باهظ التكلفة لا تستطيع العديد من الشركات تحمله، ما يدفعها إلى البحث عن حلول أكثر إبداعاً لتخفيف الأعباء الجمركية.

استراتيجيات لم تعد فعالة

اكتشفت بعض الشركات أن الأساليب التي استخدمتها خلال ولاية ترامب الأولى قد لا تكون مجدية هذه المرة، ففي عام 2019، حصلت شركة "أبل"، المصنعة لهواتف "آيفون"، على إعفاء من الرسوم الجمركية، لكن ترامب تعهد هذه المرة بعدم منح أي استثناءات.

ولم يعد نقل التصنيع من الصين، التي فرض ترامب على سلعها تعريفات إضافية بنسبة 10%، إلى دول جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وماليزيا، كافياً لحماية الشركات من الرسوم، خاصة إذا نفذ ترامب تهديده بفرض رسوم انتقامية على الدول التي تستفيد من الفجوة التجارية.

واتبعت بعض الشركات أسلوب "الهندسة الجمركية"، الذي يقوم على تعديل مواصفات المنتجات بهدف تغيير تصنيفها الرسمي، مما يؤدي إلى خفض الرسوم الجمركية المفروضة عليها.

وأشار لورانس فريدمان، الخبير في "بارنز، ريتشاردسون & كولبورن"، إلى أن التعريفات الجمركية قد تتفاوت بشكل كبير بين المنتجات التي تبدو متشابهة، وهو ما يخلق فرصاً للشركات لاستغلال الفروق التصنيفية لصالحها.

تعديلات على التصميمات

واستفادت شركة "كونفرس"، المتخصصة في صناعة الأحذية، من هذه الاستراتيجية قبل أكثر من 10 سنوات، فقد أدخلت تعديلات على تصميم بعض موديلات "تشاك تايلور أول ستار" التي تستوردها من فيتنام.

وأضفت طبقة من اللباد على جزء من النعل الداخلي، ما سمح لها بإعادة تصنيف الحذاء على أنه "شبشب" بدلاً من حذاء رياضي، وهو ما خفض التعريفات الجمركية المفروضة عليه إلى 6%، بدلاً من نسبة تصل إلى 48% التي تُفرض على أنواع أخرى من الأحذية.

ولجأت شركات الملابس مثل "كولومبيا سبورتسوير" إلى إضافة جيوب أسفل الخصر على القمصان والبلوزات لتغيير تصنيفها إلى فئة أقل تكلفة من حيث التعريفات الجمركية.

إعادة تشكيل سلاسل التوريد

اتجهت بعض الشركات إلى التلاعب بمنشأ المنتج لتقليل الضرائب الجمركية، وهو ما يظهر في حالة الأسلاك الكهربائية المستخدمة في سيارات "هيونداي".

 يتكون هذا المنتج من أسلاك، وأغطية بلاستيكية، وموصلات، وتعتبره سلطات الجمارك الأمريكية منتجاً كورياً جنوبياً.

ومع ذلك، يتم تصنيع المواد الخام في كوريا الجنوبية، بينما يجري معظم عمليات الإنتاج الفعلية في الصين، قبل أن تُعاد المنتجات النهائية إلى كوريا لاجتياز اختبارات الجودة والتغليف، بهذه الطريقة، تستفيد الشركات من الرسوم المخفضة المفروضة على المنتجات الكورية بدلاً من تحمل الرسوم المرتفعة على الواردات الصينية.

التلاعب في تقييم الأسعار

حين تفشل جميع الحلول السابقة، قد تلجأ الشركات إلى أساليب قانونية أخرى لتقليل قيمة الرسوم الجمركية المستحقة، واحدة من هذه الطرق تعتمد على قاعدة "أول عملية بيع"، التي أُقرت بحكم قضائي عام 1988.

تسمح هذه القاعدة للمستوردين بحساب قيمة الجمارك بناءً على السعر الذي دفعه المصنع الأصلي، وليس الأسعار التي يفرضها الوسطاء المتعددون في سلسلة التوريد، ما يقلل من إجمالي الرسوم المدفوعة.

وأوصت شركة "ميرسك"، عملاق الشحن البحري، عملاءها باستخدام "المخازن الجمركية" التي تسمح بتخزين البضائع دون دفع الرسوم حتى يتم بيعها.

كما نصحت الشركات بالاستفادة من "سندات الاستيراد المؤقت" للبضائع التي يُعاد تصديرها، مما يتيح تأجيل دفع التعريفات أو حتى الإعفاء منها بالكامل.

تحرك لسد الثغرات

حذرت "الإيكونوميست" من أن ترامب قد يسعى مستقبلاً إلى إغلاق هذه الثغرات القانونية، تماماً كما حاولت سلطات الجمارك الأمريكية في عام 2008 إلغاء قاعدة "أول عملية بيع"، رغم نجاح المحامين في التصدي لهذه المحاولة آنذاك.

ويعتقد الخبراء أن الشركات ستظل تبحث عن وسائل جديدة لتجاوز القيود الجمركية، إذ يؤكد أحد المحامين التجاريين قائلاً: "المستهلكون يريدون السلع، وسيجدون طريقة للحصول عليها، مهما كانت العقبات".

ويتوقع أن تشهد السنوات المقبلة مزيداً من الابتكار والمرونة في التعامل مع التعريفات الجمركية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية