تقرير: تجميد التمويل الأمريكي يعطّل جهود مكافحة الإيدز في 55 دولة
تقرير: تجميد التمويل الأمريكي يعطّل جهود مكافحة الإيدز في 55 دولة
كشف تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز (UNAIDS) عن التداعيات الواسعة والسلبية التي أحدثها تجميد التمويل الأمريكي على الجهود العالمية لمكافحة الإيدز.
وأكد التقرير، الذي نشره البرنامج، الأربعاء، أن القرار أدى إلى إغلاق العديد من العيادات وتسريح العاملين الصحيين في مختلف أنحاء العالم، ما أدى إلى تراجع الخدمات المقدمة للمرضى.
وأوضح التقرير أن 55 دولة على الأقل أبلغت عن تأثيرات هذا القرار على برامجها الصحية، بما في ذلك 42 مشروعًا مدعومًا من خطة الطوارئ الرئاسية الأمريكية للإغاثة من الإيدز (بيبفار) و13 مشروعًا أخرى تحصل على دعم جزئي من الولايات المتحدة.
استمرار الارتباك رغم الإعفاءات
أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا في أواخر يناير ينص على وقف جميع المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، ما أدى إلى توقف تمويل برامج صحية حيوية، وبعد يومين فقط، أصدر وزير الخارجية إعفاءً طارئًا لاستئناف المساعدات الإنسانية "المنقذة للحياة"، بما في ذلك تمويل علاج فيروس نقص المناعة البشرية.
لكن، ورغم هذه الإعفاءات، سجلت تقارير عديدة حالة من "الارتباك" حول كيفية تنفيذها عمليًا، وأفادت تقارير ميدانية صادرة عن مكاتب برنامج الأمم المتحدة المشترك في الفترة من 17 إلى 21 فبراير بأن بعض الخدمات الصحية، مثل علاج فيروس نقص المناعة البشرية والوقاية من انتقال العدوى من الأم إلى الطفل، استؤنفت في بعض البلدان التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الأمريكي.
ولم تتضح حتى الآن مدة استمرار التمويل، في ظل تقارير تفيد بأن الأنظمة الإدارية للحكومة الأمريكية والموظفين المسؤولين عن تحويل الأموال إلى الشركاء التنفيذيين إما متوقفة عن العمل أو تعمل بقدرة محدودة للغاية.
الاستجابة الوطنية للفيروس
وأكد البرنامج الأممي أن بعض الجوانب الأساسية في الاستجابة الوطنية لفيروس نقص المناعة البشرية ليست مشمولة بالإعفاءات الأمريكية، بما في ذلك العديد من خدمات الوقاية المجتمعية، والمبادرات الموجهة للمجموعات الأكثر عرضة للإصابة، وبرامج دعم الفتيات المراهقات والشابات.
وأبلغت عدة دول عن تعطل عمليات جمع البيانات وتحليلها، ما أثر على جودة وكمية الخدمات المقدمة للوقاية من الفيروس والكشف عنه وعلاجه.
وشهدت المرافق الصحية ارتفاعًا في الضغط على العاملين، إذ اضطروا إلى تحمل أعباء إضافية بسبب نقص الموظفين، ما أدى إلى زيادة أوقات الانتظار للحصول على الخدمات العلاجية الأساسية.
لم تقتصر التداعيات على القطاع الصحي فقط، بل امتدت إلى جوانب أخرى مثل المبادرات الخاصة بالمساواة بين الجنسين وحقوق الفئات المهمشة، ووفقًا للتقرير، فإن بعض البرامج الممولة من الحكومة الأمريكية التي تركز على تمكين المرأة ودعم مجتمع المتحولين جنسيًا قد لا تستأنف عملها.
انقطاع التمويل يهدد حياة الملايين
حلّل التقرير البيانات المالية التي توضح مدى اعتماد الاستجابة العالمية للإيدز على المساعدات الخارجية الأمريكية، وأشار إلى أن الولايات المتحدة كانت تموّل أكثر من نصف الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي وموزمبيق وتنزانيا وزامبيا.
وقبل قرار التجميد، كانت الحكومة الأمريكية تغطي نحو ثلثي التمويل الدولي المخصص للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وفقًا لتقديرات التحالف العالمي للوقاية من الإيدز.
وسلط التقرير الضوء على أكثر 20 دولة تعتمد على التمويل الأمريكي، وهي: جمهورية الكونغو الديمقراطية، هايتي، موزمبيق، تنزانيا، زامبيا، أوغندا، نيجيريا، رواندا، أنغولا، كينيا، أوكرانيا، بوركينا فاسو، بوروندي، السلفادور، زيمبابوي، توغو، نيبال، كوت ديفوار، إسواتيني، وبنين.
توقف البرامج وتفاقم الأزمة
أكد البرنامج الأممي أن المبادرات التي يقودها المجتمع المدني ضرورية لإنهاء وباء الإيدز وضمان استدامة الجهود المبذولة، وأوضح أن الأشخاص المصابين بالفيروس، والفئات الأكثر عرضة للإصابة، يلعبون دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الخدمات الصحية المحلية وضمان استمرار العلاج.
ومع ذلك، أدى تجميد التمويل إلى توقف العديد من الخدمات الحيوية في عدة دول. ومن بين الحالات التي رصدها التقرير:
موزمبيق:
توقفت أجور العاملين الصحيين والمستشارين المختصين في إجراء فحوصات فيروس نقص المناعة البشرية، ما أدى إلى تعليق خدمات الفحص في معظم أنحاء البلاد، وإيقاف تسجيل المرضى الجدد، وتعطيل جهود متابعة العلاج للمصابين.
تنزانيا:
تلقى المربّون الشباب والمستشارون الصحيون إشعارات بإنهاء عملهم مؤقتًا بسبب توقف التمويل.
رواندا:
توقفت برامج الوقاية المجتمعية والخدمات الصحية الموجهة للفئات الأكثر ضعفا، مثل الفتيات المراهقات والنساء، والمثليين، والعاملين في الجنس.
جنوب إفريقيا:
أُغلقت بعض المراكز الصحية التي تخدم الرجال المثليين، مثل مركز "إشراك صحة الرجال"، بسبب انقطاع التمويل الأمريكي.
غانا:
أوقفت جميع منظمات المجتمع المدني الممولة من PEPFAR أنشطتها، ما أثر سلبًا على تقديم الخدمات للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
مستقبل غير واضح
يواجه العالم أزمة غير مسبوقة في مجال مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، حيث أدى تجميد التمويل الأمريكي إلى تهديد حياة الملايين من الأشخاص، وخاصة في الدول التي تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية لمواصلة برامجها الصحية.
وأكد تقرير الأمم المتحدة أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى انتكاسات كبيرة في الجهود المبذولة لمكافحة الفيروس، ما يستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لسد الفجوة التمويلية وضمان استدامة البرامج الصحية الأساسية.