تقرير أممي يدعو لضمان حرية الأفراد في اختيار الدين والمعتقد

خلال فعاليات الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان

تقرير أممي يدعو لضمان حرية الأفراد في اختيار الدين والمعتقد
مجلس حقوق الإنسان الأممي- أرشيف

كشف تقرير حقوقي عن أنه يمكن تصنيف التقاطع بين حظر التعذيب وإساءة المعاملة من ناحية وحرية الدين أو المعتقد من الناحية الأخرى إلى مجالين رئيسيين هما الحالات التي تؤثر على الأشخاص خارج أماكن الحرمان من الحرية، والحالات التي تؤثر على الأفراد داخل هذه البيئات المؤسسية، وتفسر عبارة أماكن الحرمان من الحرية تفسيراً واسعاً لتشمل الأماكن العامة والخاصة على السواء.

جاء ذلك في تقرير المقررة الخاصة المعنية بحرية الدين أو المعتقد، نازلة غانية، حول أوجه التقاطع بين الحق في حرية الدين أو المعتقد من ناحية وحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهيئة من الناحية الأخرى، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وأشار التقرير إلى أن التقاطع بين حرية الدين أو المعتقد وحظر التعذيب وإساءة المعاملة يتجلى في مفهوم الإكراه الوارد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يحظر الإكراه الهادف إلى تغيير دين الفرد أو معتقده، وفي تعريف التعذيب في اتفاقية مناهضة التعذيب، وكلا الحظرين مطلق، إذ لا يحتمل أي تقييد، وبناء على ذلك، فإن التعذيب وإساءة المعاملة اللذين يمارسان الإكراه الأفراد على التخلي عن معتقداتهم ينتهكان ليس حقاً واحداً فقط بل حقين مطلقين. بحسب التقرير.

وقالت غانية، إنه يمكن التعبير عن الإكراه بدنياً أو نفسياً عقلياً. وهذان الجانبان مترابطان بشكل طبيعي.. وسيكون للإكراه البدني آثار بدنية ونفسية على الأفراد، والعكس صحيح.. ومع ذلك، فمن الأسهل البرهنة على أدلة الإكراه البدني بالمقارنة مع أدلة الإكراه النفسي، وكثيراً ما يجري تجاهل هذا الأخير. 

وأضافت أن أحد الأشكال الخبيثة للإكراه هو عدم احترام طقوس الدفن وتدمير المقابر.. فعدم احترام الطقوس الدينية المرتبطة بالموتى وتدنيس المقابر والأضرحة والمدافن هي ممارسات تمييزية تستهدف في كثير من الأحيان أفراد الأقليات الدينية.

ويؤدي القصد والدافع دورا مهما كثيرا ما يجري تجاهله في تحديد انتهاكات حظر التعذيب وإساءة المعاملة، وتتفاقم إساءة المعاملة عندما تهدف إلى المساس على نحو محدد بشخص ما بسبب خصائصه الشخصية، مثل العرق أو النوع الاجتماعي أو الدين أو المعتقد.. ولا تعتمد الطبيعة المشددة للتعذيب على العواقب المتمثلة في المعاناة البدنية أو النفسية فحسب، بل يمكن أن تكون قائمة على تعمد السلوك وشدته.

وعلى سبيل المثال، فإن معرفة أن تعريض الضحية لشكل معين من أشكال إساءة المعاملة هو أمر سيستهدف دينه أو معتقده قد يرفع من قسوة إساءة المعاملة بما يجعلها فعلاً موضوعياً من أفعال التعذيب. 

وجاء في التقرير أن الدوافع القائمة على أي شكل من أشكال التمييز قد ذكرت في تعريفات التعذيب المعمول بها عالميا.. وهذا يعني أن إلحاق الألم الشديد أو المعاناة الشديدة عن قصد لأي سبب من الأسباب القائمة على التمييز هو أمر محظور تماماً. 

وسلط التقرير الضوء على بروتوكول إسطنبول الذي يسرد عدة أمثلة على أساليب التعذيب، بما في ذلك ما يعرف بـ"الإكراه السلوكي"، وأحد الأمثلة على ذلك هو الإجبار على المشاركة في ممارسات موجهة ضد دين الضحية (مثل إجبار المسلمين على أكل لحم الخنزير).

وأشارت غانية إلى أنه بسبب الطبيعة المفتوحة لحظر التعذيب وإساءة المعاملة، فإن الفقه القانوني عادة ما يركز على فعل التعذيب نفسه وليس على زيادة قسوة الفعل بسبب الاستهداف المتعمد لدين الشخص أو معتقده.. بيد أنه لا يوجد سوى حالات قليلة تبرهن على أن من الممكن أخذ كلا الحقين في الاعتبار، وأنه بالقيام بذلك، ستصبح سبل الانتصاف المقدمة للضحايا أكثر ملاءمة بكثير.

وعبّرت المقررة الخاصة عن القلق من أن عدد القضايا القانونية المتصلة بهذه الحقوق التي نظرت فيها الهيئات الدولية قليل جداً، بالقياس إلى الأدلة على عدد الانتهاكات التي لوحظت في إطار هذه الولاية على مر العقود، داعية جميع الجهات الفاعلة المعنية إلى تكثيف أنشطتها في هذا المجال وبذل قدر أكبر بكثير من الجهود للاعتراف بالانتهاكات والتصدي لها على نحو ملائم، ووضع تدابير وقائية فعالة لوضع حد للإفلات من العقاب. 

ودعت المقررة الخاصة، الدول إلى مراجعة قوانينها وتشريعاتها لضمان الدقة والنطاق، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، في ما يتعلق بحرية الدين أو المعتقد وحظر التعذيب وإساءة المعاملة، وضمان الحظر المطلق للإكراه -المؤكد على امتداد هذين الحقين- بما في ذلك محاولات تغيير دين الناس أو معتقدهم أو إجبارهم على القيام بممارسات دينية أو معتقدية تتعارض مع دينهم أو معتقدهم، والنظر في التأثير البدني والنفسي للإكراه على الضحايا، والاعتراف بشدة الألم الذي يلحقه ذلك بهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية