محاكمة عشرات المعارضين في تونس بتهمة «التآمر على أمن الدولة»

بينهم شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية بارزة

محاكمة عشرات المعارضين في تونس بتهمة «التآمر على أمن الدولة»
وقفة أمام المحكمة لدعم المتهمين

انطلقت، اليوم الثلاثاء، في تونس محاكمة عشرات الشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية، بينهم وجوه بارزة في المعارضة، بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، في قضية وصفتها منظمات حقوقية بأنها ذات "طابع سياسي".

وخلال الجلسة، احتجّ أفراد عائلات الموقوفين داخل القاعة، مردّدين هتافات "حرّيات، حرّيات يا قضاء التعليمات"، ورافعين صور أقاربهم المعتقلين، بحسب وكالة فرانس برس.

قررت السلطات القضائية عدم إحضار المتهمين إلى المحكمة، وإلزامهم بالمثول عبر تقنية الفيديو، وهو ما أثار انتقادات حادة من هيئة الدفاع، التي اعتبرت الإجراء تعسفيًا ومؤشرًا على غياب الشفافية في سير المحاكمة.

وتُعدّ هذه المحاكمة استثنائية نظرًا لعدد المتهمين الكبير، حيث تشمل سياسيين بارزين، ومحامين، وحقوقيين، وسط مخاوف من توظيف القضاء في تصفية الحسابات السياسية.

اتهامات بالمساس بالديمقراطية

من بين المتهمين، الناشط الحقوقي جوهر بن مبارك، الذي بعث برسالة من سجنه، وصف فيها القضية بأنها محاولة لإجهاض الديمقراطية التونسية، معتبرًا أن السلطة تعمل على "تدجين القضاء وتحويله إلى أداة لقمع المعارضين"، كما وصف القضية بأنها "فارغة"، وهو ما أيده معارضون ومنظمات حقوقية.

منذ أن أعلن الرئيس قيس سعيّد في يوليو 2021 احتكار السلطات التشريعية والتنفيذية، تشهد تونس تراجعًا في الحقوق والحريات، وفق تقارير حقوقية. 

وفي عام 2023، شنت السلطات حملة اعتقالات ضد المعارضة، طالت شخصيات مثل رئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والسياسي خيام التركي، والحقوقية شيماء عيسى، ورجل الأعمال كمال اللطيف، والناشطة النسوية بشرى بلحاج حميدة، الأخيرة تقيم حاليًا في فرنسا.

أحكام ثقيلة تلوح في الأفق

يواجه نحو 40 متهمًا تهمًا خطيرة، مثل "التآمر على الأمن الداخلي والخارجي"، و"الانضمام إلى تنظيمات إرهابية"، وهي جرائم قد تؤدي إلى أحكام بالسجن المؤبد أو حتى الإعدام.

ووفق هيئة الدفاع، فإن بعض الموقوفين يواجهون اتهامات بإجراء اتصالات مشبوهة مع دبلوماسيين، بينما يؤكد محاموهم أن الملف يفتقر لأي أدلة جدّية، ويعتمد على شهادات مجهولة المصدر.

وأثارت القضية قلقًا دوليًا، إذ وصفتها الأمم المتحدة بـ"المحاكمة الجائرة"، داعية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، لا سيما كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، كما طالبت بوقف اضطهاد المعارضين واحترام حرية الرأي والتعبير.

في المقابل، رفضت السلطات التونسية هذه الانتقادات، واعتبرت وزارة الخارجية أن القضاء يتعامل مع "جرائم حق عام لا علاقة لها بالنشاط السياسي"، مؤكدة أن تونس "لا تقبل دروسًا في حقوق الإنسان".

سياق من القمع السياسي

يأتي هذا التصعيد القضائي بعد صدور أحكام بالسجن المشدد ضد معارضين بارزين، من بينهم راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق، الذي حكم عليه بالسجن 22 عامًا بتهمة "الإضرار بأمن الدولة".

ويرى مراقبون أن هذه المحاكمة تأتي ضمن حملة أوسع لتصفية المعارضة، وسط استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس، ما يعمّق التوتر السياسي في البلاد.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية