الأمم المتحدة تحذر من تصاعد الإعدامات والانتهاكات في إيران
الأمم المتحدة تحذر من تصاعد الإعدامات والانتهاكات في إيران
قدّمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بشؤون إيران، ماي ساتو، أول تقرير لها أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الثامنة والخمسين المنعقدة بجنيف، حيث سلّطت الضوء على تصاعد أحكام الإعدام، والتمييز ضد الأقليات، والقمع المستمر للاحتجاجات والأصوات المعارضة داخل البلاد.
وأوضحت ساتو أن إيران شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام خلال عام 2024، حيث وثّقت التقارير تنفيذ أكثر من 900 حالة إعدام في العام الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ عام 2015، ما يجعل إيران الدولة الأولى عالميًا في معدل الإعدامات نسبةً إلى عدد السكان، بحسب ما ذكرت قناة "إيران إنترناشيونال".
وحذّرت من أنه إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يصل عدد الإعدامات إلى ألف حالة بحلول نهاية العام الحالي.
وأشارت إلى تقرير حديث صادر عن منظمة حقوق الإنسان الإيرانية يوم الخميس 20 فبراير، والذي وثّق تنفيذ 975 حالة إعدام خلال عام 2024، ما يمثل زيادة بنسبة 17% مقارنة بالعام السابق الذي شهد 834 إعدامًا.
وأبرز التقرير أن السلطات الإيرانية لم تعلن رسميًا سوى عن 10% من هذه الإعدامات، بينما بقيت الغالبية العظمى طيّ الكتمان.
الإعدام أداة للقمع
وكشفت المقررة الأممية أن نصف الإعدامات في إيران تتعلق بجرائم المخدرات، تليها الإعدامات بسبب جرائم القتل، ثم القضايا السياسية والأمنية و"الاعتداء العنيف".
وعبّرت عن قلقها العميق إزاء استخدام السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة، مشيرة إلى تنفيذ أحكام إعدام بحق أشخاص كانوا دون سن 18 عامًا وقت ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهم، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية، بما فيها اتفاقية حقوق الطفل التي تعد إيران طرفًا فيها.
وفي سياق متصل، دخلت حملة "الثلاثاء لا للإعدام"، التي أطلقت في فبراير 2024، أسبوعها الستين، حيث أعلن السجناء في 37 سجنًا إيرانيًا إضرابًا جماعيًا عن الطعام احتجاجًا على تزايد الإعدامات.
التمييز ضد الأقليات
ركّزت ساتو في تقريرها على استمرار التمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية، مشيرة إلى اضطهاد البهائيين، والسنة، والمسيحيين الجدد، فضلًا عن التمييز الممنهج ضد الأتراك، والأكراد، والعرب، والبلوش.
وندّدت بالاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة التي يواجهها أفراد هذه الأقليات، والتي تصل في بعض الحالات إلى إصدار وتنفيذ أحكام بالإعدام.
وأوضحت أن النساء في إيران يعانين أيضًا من اضطهاد ممنهج، حيث تم توثيق 179 حالة قتل نساء خلال عام 2024، فضلًا عن تصاعد عمليات الإعدام بحق السجينات السياسيات، ومن بينهن بخشان عزيزي، ووريشه مرادي، وشريفة محمدي.
ولفتت إلى أن القوانين الإيرانية لا تزال تفرض قيودًا مشددة على المرأة، بما في ذلك جعل شهادتها القانونية تعادل نصف شهادة الرجل.
وأضافت أن المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمحامين في إيران يتعرضون لمضايقات وتهديدات مستمرة، فضلًا عن حرمانهم من الخدمات الطبية داخل السجون، بل وحتى تهديد عائلات المعتقلين السياسيين.
انتهاكات داخل السجون
وفي جلسة مجلس حقوق الإنسان نفسها، أكدت سارة حسين، رئيسة فريق الأمم المتحدة المستقل لتقصي الحقائق، أن المعتقلين في السجون الإيرانية يتعرضون لاعتقالات غير قانونية، وسوء معاملة، وانتهاكات جنسية، معتبرة أن هذه الانتهاكات "ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".
ووثّق فريق تقصي الحقائق في تقاريره السابقة، استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، وتعرّض السجناء، بمن فيهم النساء، للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، مثل الاعتداء الجماعي، والصدمات الكهربائية للأعضاء التناسلية، والتعري القسري.
دعوات دولية لوقف القمع
وفي ردود الفعل الدولية، طالب ممثلو عدة دول إيران بوقف الانتهاكات ضد مواطنيها، ودعا ممثل ألمانيا إلى تعليق الإعدامات، وإنهاء قمع النشطاء السياسيين، وضمان الحريات الأساسية.
وأكدت سويسرا وإسبانيا وأستراليا ومقدونيا الشمالية ضرورة وقف استهداف نشطاء حقوق الإنسان، ورفع القيود المفروضة على النساء.
وأشار ممثل مالطا إلى أن النساء في إيران يواجهن تمييزًا ممنهجًا، بينما أعربت هولندا عن دعمها لتمديد مهمة فريق تقصي الحقائق، في ظل ما وصفته بـ"الجرائم ضد الإنسانية" المرتكبة من قبل السلطات الإيرانية.
محاولات دفاع عن إيران
وفي المقابل، دافع ممثلو فنزويلا، وكوريا الشمالية، والصين، وكوبا، وإثيوبيا عن سجل إيران الحقوقي، معتبرين أن الضغوط الدولية ضد طهران "تسييس لمجلس حقوق الإنسان".
ورغم بعض الأصوات التي دعمت إيران، فإن الغالبية العظمى من المشاركين في الجلسة شددوا على ضرورة مساءلة السلطات الإيرانية عن انتهاكاتها، مطالبين بوضع حد لتصاعد عمليات الإعدام، والتمييز ضد الأقليات، والقمع المستمر للمعارضين.