كارثة إنسانية في الفاشر.. قصف وجوع ونداء استغاثة وسط الحصار
كارثة إنسانية في الفاشر.. قصف وجوع ونداء استغاثة وسط الحصار
شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصاعدًا مروعًا في حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السكان، في ظل الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها منذ عدة أشهر.
ووصفت المنسقية العامة لمخيمات اللاجئين والنازحين في بيان لها، الأحد، الأوضاع داخل المدينة والمخيمات المحيطة بأنها "تدهور كارثي غير مسبوق"، حيث توقفت الحياة بشكل تام، وتوقفت المساعدات الإنسانية، وخلت الأسواق من المواد الغذائية الأساسية.
وأكدت المنسقية، وهي هيئة مستقلة تُعنى بشؤون النازحين، أن سكان الفاشر يواجهون يوميًا قصفًا مدفعيًا متواصلًا، إلى جانب أصوات مرعبة للطائرات والصواريخ، بالتزامن مع تفشي الجوع والأمراض والجفاف في الأحياء والمخيمات.
وأشارت إلى أن سعر جالونين من المياه بلغ 1500 جنيه سوداني (2.5 دولار) في ظل ندرة حادة في السيولة وغياب تام للخدمات.
محاولات لفرض السيطرة
ويُعد استمرار الجيش السوداني في السيطرة على الفاشر حجر عثرة أمام طموحات قوات الدعم السريع لبسط هيمنتها على كامل إقليم دارفور، إذ تبقى الفاشر المدينة الكبرى الوحيدة في الإقليم التي ما تزال خارج نطاق سيطرتها.
وتخشى منظمات إنسانية ودولية من أن يؤدي سقوطها إلى مجازر بحق مئات الآلاف من المدنيين والنازحين المحاصرين فيها.
وفي تطور خطِر، دعا جيش تحرير السودان، المتحالف مع قوات الدعم السريع، سكان المدينة ونازحي مخيمات أبو شوك وزمزم إلى مغادرتها والتوجه نحو مناطق سيطرة الحركة، وذلك "نظراً لتصاعد العمليات العسكرية وتدهور الأوضاع الإنسانية"، بحسب بيان رسمي.
وأعلنت حركة تجمع قوى تحرير السودان استعدادها لتوفير ممرات آمنة للمدنيين الراغبين في الخروج إلى "المناطق المحررة".
المجاعة تتوسع
وقدرت الأمم المتحدة أن نحو مليوني شخص في شمال دارفور يعانون انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي، فيما يواجه 320 ألف شخص المجاعة بالفعل، خاصة في محيط الفاشر.
وأعلنت الأمم المتحدة رسميًا حالة المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين قرب المدينة، محذرة من أنها قد تتوسع إلى خمس مناطق إضافية بحلول مايو المقبل، من ضمنها مدينة الفاشر نفسها.
وفي نهاية مارس الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة المالحة الاستراتيجية، الواقعة على بعد 200 كلم شمال الفاشر، وهي منطقة تعد ذات أهمية لوجستية عالية في خطوط الإمداد، نظرًا لقربها من الحدود الليبية.
وتُعد المالحة نقطة عبور رئيسية للوقود والسلاح والإمدادات، ما يمنح القوات المهاجمة أفضلية ميدانية إضافية.
أكبر أزمة نزوح وجوع
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، لقي عشرات الآلاف من السودانيين مصرعهم، وأُجبر أكثر من 12 مليون شخص على الفرار من منازلهم داخل البلاد وخارجها، ما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم حاليًا.
وتتصاعد الدعوات الدولية والحقوقية إلى ضرورة فتح ممرات إنسانية فورية، وتكثيف الضغط الدولي من أجل وقف العمليات العسكرية حول الفاشر، وإنقاذ مئات الآلاف من المدنيين العالقين في المدينة ومخيماتها قبل أن تتحول الكارثة إلى إبادة جماعية صامتة.