حمدوك: السودان يواجه خطر التفكك والحل يبدأ بقيادة مدنية

حمدوك: السودان يواجه خطر التفكك والحل يبدأ بقيادة مدنية
عبدالله حمدوك

حذّر رئيس الوزراء السوداني السابق الدكتور عبدالله حمدوك من أن السودان يقف على حافة الانهيار الكامل، بفعل الحرب التي وصفها بـ"الكارثية" والتي التهمت البلاد، وأدت إلى تهجير الملايين وتدمير مؤسسات الدولة، متهماً أطراف النزاع بإغراق الوطن في معاناة غير مسبوقة.

واتهم حمدوك، في مقال نشرته "فايننشال تايمز"، اليوم الأربعاء، النخبة العسكرية والسياسية التي قادت البلاد خلال العقود الماضية بتكريس الإقصاء السياسي، وتعميق الفجوة الاقتصادية، وإضعاف مؤسسات الدولة، ما مهد الطريق لانهيار شامل. 

وأكد المسؤول السوداني السابق أن الكارثة الحالية لم تكن حتمية، بل نتيجة تراكمات تاريخية فشل المجتمع الدولي في التصدي لها بالوقت المناسب.

رفض الحسم العسكري

رفض حمدوك بشكل قاطع أي مسعى لحسم الأزمة السودانية بالوسائل العسكرية، موضحًا أن استعادة الجيش لمقرات رسمية كالقصر الرئاسي لا تعني تحقيق نصر فعلي، بل تغيّراً في المشهد التكتيكي لا أكثر. 

واعتبر أن استمرار القتال لا يخدم سوى تعميق معاناة المدنيين، وتوسيع رقعة الانقسامات، مشددًا على استحالة حسم الحرب دون خسائر إنسانية فادحة.

وطالب رئيس الوزراء السابق بتأسيس حكومة ديمقراطية مدنية تمثّل كل مكونات الشعب السوداني، باعتبارها السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان ومنع تفككه. 

وأكد أن تجارب الحكم العسكري والانقلابات المتكررة أثبتت فشلها في بناء سلام دائم، بل زرعت بذور صراعات متجددة. 

وأشار إلى أن السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه إلا عبر تسوية سياسية تعالج جذور النزاع.

التحذير من انفجار إقليمي

نوّه حمدوك بأن تداعيات الحرب السودانية تجاوزت حدود البلاد، وأسهمت في زعزعة استقرار المنطقة، مع تزايد تهريب الأسلحة، وتصاعد النزوح العابر للحدود. 

وأكد أن دولًا مثل تشاد وجنوب السودان تواجه ضغوطًا هائلة نتيجة تدفّق اللاجئين، في وقت باتت فيه التجارة الإقليمية والتعاون الأمني مهددين، محذرًا من تحول السودان إلى مصدر لأزمات إقليمية جديدة إذا لم يُوضع حد للصراع.

ورحّب المسؤول السوداني السابق بانعقاد الاجتماع الوزاري المقرر في لندن، معتبرًا إياه لحظة مفصلية لتحرك المجتمع الدولي. 

وأشاد بمبادرة المملكة المتحدة، داعيًا إلى تحويل الاجتماع إلى نقطة تحول حقيقية، تتجاوز البيانات الرمزية نحو خطوات ملموسة تضع حدًا للمأساة.

تقديم خطة عمل دولية

دعا حمدوك المجتمع الدولي إلى تبني "خطة عمل لندن من أجل السودان"، والتي تبدأ بتأكيد دعم القيادة المدنية كمرتكز أساسي لأي عملية سلام، ورفض أي ترتيبات تُكرّس الحكم السلطوي أو تُعيد رموز النظام السابق. كما حذّر من أن استمرار الأزمة قد يحوّل السودان إلى بؤرة للإرهاب الدولي ومصدرًا لموجات هجرة جماعية غير مسبوقة.

وطالب رئيس الوزراء السابق بتشكيل مجموعة اتصال دولية رفيعة المستوى تُنسّق جهود إحلال السلام، وتضغط على الأطراف المتحاربة للقبول بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار. 

وشدّد على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين، باعتبار ذلك أولوية قصوى.

مؤتمر دولي للتعهدات

حثّ حمدوك المجتمع الدولي على تنظيم مؤتمر دولي للتعهدات المالية، لسد الفجوة التمويلية التي حددتها الأمم المتحدة، إلى جانب وضع إطار متكامل لإعادة إعمار السودان. 

وأكد أهمية إشراك المدنيين السودانيين في تصميم هذا الإطار لضمان توافقه مع الأولويات الوطنية، وبما يعكس تطلعات الشعب.

ودعا المسؤول السوداني السابق مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، ومجلس الأمن الدولي، إلى عقد جلسة مشتركة تفضي إلى اتخاذ تدابير ملموسة لحماية المدنيين. 

وطالب الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) بتنظيم اجتماع تحضيري بقيادة سودانية، لصياغة هيكلية عملية سلام شاملة تعالج الأسباب العميقة للصراع.

التأكيد على الإرادة السياسية

اختتم الدكتور عبدالله حمدوك تصريحاته بالتأكيد على أن الحروب لا تنتهي بالتعب، بل بوجود إرادة سياسية فاعلة، ودبلوماسية حقيقية، وعمل جماعي يفتح الطريق أمام السلام. 

وشدد على مسؤولية المجتمع الدولي في دعم السودان، ليس عبر الإيماءات الرمزية، بل من خلال تمكين المدنيين وتوفير الأدوات التي تعيد إليهم وطنهم الممزق.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية