«جسور بوست» تحاور الفنانة فاطمة خير صوت المرأة داخل البرلمان المغربي (2-2)
«جسور بوست» تحاور الفنانة فاطمة خير صوت المرأة داخل البرلمان المغربي (2-2)
القضية النسوية ليست منفصلة عن باقي القضايا المرتبطة بالتنمية المجتمعية
لا بد أن تخرج مشكلة الـ"سينجل ماذرز" من دائرة المسكوت عنه للعلن.. والمناقشة ذات أولوية مع المتخصصين
الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها على المغرب كما فعلت مع دول العالم وسنواجهها بمزيد من التماسك
لدينا صراع مع بعض العقليات الذكورية التي تعرقل كثيراً من التقدم نحو تحقيق العدالة في العديد من المجالات
منذ أزمنة تاريخية والمرأة المغربية تعمل مع الرجل كشريك أساسي في الدفاع عن الأوطان، ومؤخرًا في تحقيق أهداف التنمية وتطوير المجتمع، لكن ما عاشته وتعيشه لم يكن وليد اللحظة بقدر ما كان نتيجة مجهودات وصراعات خاضتها المرأة والرجل على حد سواء مع وجود العديد من العراقيل القانونية والمجتمعية.
قديمًا أثبتت المرأة المغربية المقاومة وحضورها الفعال في ساحة المعارك والنضال في صميم وعمق الحركة الوطنية والمقاومة من أجل الحرية والاستقلال، حيث تقول الرواية الشفوية أن "النساء بجبال الأطلس يتبعن الرجال في المعارك لتشجيعهم بالزغاريد، ولا يترددن في تلطيخ ثياب كل جبان بمادة الحناء كسِمَةٍ تبينه لشيخ الحرب الذي سيحاكمه أمام الملأ وقت الهدنة"، إلى غير ذلك من الأعمال البطولية الماجدة وصور التضحية والفداء التي ما زالت الذاكرة تحتفظ بها للمرأة المغربية في معركة الهري سنة 1914م بإقليم خنيفرة، ومعركة أنوال سنة 1921 بالريف، ومعارك بوغافر سنة 1933م بإقليم ورزازات ومعارك آيت باعمران.
وحديثًا توارثت المرأة المغربية هذا النضال، فأقامت المعارك لمناهضة الفقر والجهل والفساد داخل أروقة البرلمان، وهن كثيرات على رأسهن الفنانة السياسية فاطمة خير.
«جسور بوست» تستكمل حوارها مع النجمة الشابة، لتبرز بدورها ما ورثته من نضال وكفاح للدفاع عن حقوق المرأة والبسطاء وتكون صوت كل من لا صوت له تحت القبة.

بصفتك عضو برلمان مهتمة بالشأن النسائي، كيف تخدمين القضية النسوية من خلال وجودك تحت قبة البرلمان؟
القضية النسوية ليست قضية منفصلة عن باقي القضايا المرتبطة بالتنمية المجتمعية، المرأة حاضرة في قلب كل القضايا، "التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة والاستثمار والسياسة"، ولهذا فنحن نترافع عن القضايا في شمولياتها وفي ارتباطها بالتنمية، وفق الإستراتيجيات الكبرى للدولة والتوجه العام الذي يسهر عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، فإذا قلت إن المرأة هي المجتمع ليس من باب تقزيم دور الرجل، ولا الزج بالنقاش في دوائر ضيقة، ولهذا وبكل بساطة حضورنا كنساء داخل البرلمان هو في حد ذاته انتصار للديمقراطية ولقواعد المجتمع الحداثي.
ماذا عن مبادرة مناهضة "زواج القاصرات" التي دشنتموها مؤخرًا؟
هي بداية مشوار من أجل تحقيق عدالة في هذا الباب، فلا يعقل أن يكون المجتمع الذي يعيش الحداثة بكل تجلياتها، لا يزال يتخبط في قضايا من هذا القبيل، قضايا لا تؤسس إلا للتخلف والجهل، لهذا نعتبر مشكلة “زواج القاصرات” قضية مفصلية لا خلاف حولها، ولسبب بسيط حيث تهم مستقبل بناتنا، ومستقبل مجتمع لا نريده أن يكون ضحية عملية قيصرية تقوم بالإجهاز على المشروع التنموي الذي يسير عليه المغرب، والذي يُعتبر نموذجًا على المستويين الإقليمي والقاري.
أهناك حلول لمشكلات من يطلق عليهن بظاهرة الـ"سينجل ماذرز" في المغرب؟
هذا الموضوع حقًا مؤرق، لأنه يعكس حقيقة الجهل المركب لدى البعض، والخطر فيه هو مخلفاته التي لها تداعيات مباشرة على المجتمع، والضحية فيه هو الطفل الذي لا ذنب له، هي إشكالية وجب أن يُفتح فيها النقاش الموسع على نطاق مجتمعي، بمشاركة خبراء في علوم التربية والاجتماع والقانون، من أجل صياغة تصورات وإجراءات علمية وأن يخرج الموضوع من دائرة المسكوت عنه للعلن لكونه ظاهرة وجب التصدي لها ومعالجتها معالجة جذرية.

ما هي مشكلات المرأة المغربية من حيث الصعوبة والانتشار، وهل ثمة حلول قريبة أو انفراجة بهذا الشأن؟
عطفًا على ما سبق ذكره، أقول إن قضية المرأة وهمومها قضية مجتمعية لا تقبل التجزئة، باتت المرأة يُعرف لها حضور قوي في العديد من المجالات، صحيح أنه ما زال هناك صراع مع بعض العقليات الذكورية التي مع الأسف نجدها أحيانًا عند بعض النساء، والتي تعرقل كثيراً من التقدم نحو تحقيق العدالة في العديد من المجالات، لكن اليوم ومن خلال قوة البرنامج الحكومي، الذي جاء بالعديد من الإجراءات في هذه القضية، وتبعًا لتوجهات الملك محمد السادس، فإن المرأة لم تعد قضية بقدر ما أصبحت مشاركة في وضع الحلول وبناء التصورات واقتراح المخرجات، وهو الأمر الذي ينبئ بمستقبل أفضل.
المتتبع للشأن الثقافي والفني يجد أنه رغم ما يحققه المغرب على المستوى الاقتصادي والاستقرار في المجالين الأمني والسياسي، إلا أن هناك تراجعًا ملحوظًا في المجال الفني والثقافي لماذا؟
لست أدري على أي مرجع أو إحصائيات تم الاعتماد على القول بأن هناك تراجعًا ملحوظًا، فعلى العكس المجال الثقافي والفني بات يَعرِف تطوراته في مكوناته، وهناك أمثلة كثيرة تعبر عن مدى التطور سواء على مستوى الكم أو الكيف، في مجالات الأغاني والتشكيل لدينا قامات بلغت العالمية، كذلك في مجال السينما والدراما، لنا إنتاجات مهمة وأسماء لها ثقلها، لربما المشكل المطروح في التسويق لهذه الصورة وهذه المنجزات، وتسليط الضوء على مكامن القوة بكل موضوعية وعقلانية.
كيف أثر الغزو الروسي لأوكرانيا على الوضع الاقتصادي وانعكاساته الاجتماعية والتعليمية والصحية في المغرب؟
من المؤكد أن للحرب تداعياتها، وهي تداعيات لن تكون إلا سلبية، ولا شك في أنها خيمت بظلالها على كل دول العالم، كالمشكلات المترتبة على واردات القمح والطاقة وتوقف العديد من المعاملات الاقتصادية مع البلدين، كذلك فإن عودة الطلبة المغاربة له مخلفاته وآثاره السلبية نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، لكن الحمد لله أن المغرب له قدرة كبيرة على وضع خطط استباقية تجعل تلك الآثار الجانبية بسيطة، كما تقلل من التداعيات التي تخلفها الأزمة، وقد شهدنا كيف تعامل المغرب بحنكة وتبصر مع أزمة "كورونا"، وما أعقبه من أزمة جفاف وقلة تساقط الأمطار، لا شك أن أمامنا كثير من التحديات، ولكن سنواجهها بمزيد من التماسك والتضامن الاجتماعي والسياسة الرشيدة.
إذا كانت هناك رسالة توجهينها للشباب المغربي وأخرى للفتيات، فماذا تقولين؟
أولى الرسائل التي أوجهها لكل الشباب ذكورًا وإناثًا، هي ضرورة التحصيل المعرفي والعلمي، نحن مجتمع يراهن على شبابه، وعلى تنمية وتقدم وازدهار شبابه، ولا يمكن تحقيق ما سبق إلا بالعلم والمعرفة، ثانيًا الانخراط الفعلي في العمل السياسي، لأن المغرب سيظل بحاجة لنساء ورجال الغد، قادرين على تحمل المسؤوليات وضمان الحفاظ على المكتسبات والتطور.
.jpg)











