«الإيكونوميست»: «الإجهاض عن بعد» تحايل قانوني لمواجهة الحظر بالولايات الأمريكية
«الإيكونوميست»: «الإجهاض عن بعد» تحايل قانوني لمواجهة الحظر بالولايات الأمريكية
تزايد الجدل في الولايات المتحدة بشأن الحق في الإجهاض، بعد أن لجأت آلاف النساء في ولايات تحظر هذا الإجراء إلى استخدام وسائل جديدة تتيح لهن الحصول على أدوية الإجهاض عبر البريد، من ولايات أخرى توفر الحماية القانونية لمقدّمي هذه الخدمة.
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، الثلاثاء، رغم تشديد بعض السلطات المحلية على ملاحقة المرسلين قضائياً، فلا تزال هذه المبادرات، التي تُعرف بـ"الإجهاض عن بعد"، تتحدى القيود المفروضة وتفتح باباً جديداً في معركة قانونية وأخلاقية تعكس التوترات داخل النظام الفيدرالي الأمريكي، وتعكس تحولًا كبيرًا في كيفية تقديم الرعاية الصحية في ظل التحديات القانونية الجديدة.
يشرح الدكتور أنجيل فوستر، طبيب وباحث في مجال الصحة العامة، حالة امرأة تبلغ من العمر 23 عامًا، تعيش في ريف تكساس، وتواجه قرارًا صعبًا بشأن حملها، في حين تعد قوانين ولاية تكساس الإجهاض غير قانوني إلى حد كبير، فإن هذه المرأة تجد أن هناك طرقًا للوصول إلى حبوب الإجهاض عبر البريد من ولاية ماساتشوستس، بتكلفة 5 دولارات فقط، هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى قانونية وأمان هذه الممارسة، ولكن الواقع يكشف عن وجود حلول قانونية وآمنة.
إجهاض دوائي عبر البريد
يعد الدكتور فوستر من مؤسسي مشروع الوصول إلى الإجهاض الدوائي في ماساتشوستس (MAP)، الذي يرسل بين 2000 إلى 3000 علبة من حبوب الإجهاض شهريًا إلى الولايات التي تحظر هذا الإجراء.
قامت هذه الخطوة في إطار القوانين "الدرعية" التي تم تنفيذها منذ عام 2022 بعد قرار المحكمة العليا بإلغاء قضية "رو ضد وايد"، ما سمح لبعض الولايات بحماية مقدمي خدمات الإجهاض.
ووفقًا لإحصائيات عام 2024، فقد تم تسجيل نحو 10 آلاف حالة إجهاض شهريًا بفضل هذه الإجراءات القانونية، وهو ما يعادل نحو 10٪ من جميع حالات الإجهاض القانونية في الولايات المتحدة.
تزايد الطلب والأخطار القانونية
على الرغم من أن الإجهاض عن بعد يعد قانونيًا وآمنًا، فإن هناك بعض الأخطار القانونية، تقدم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الإجهاض عن بعد فقط في حالات الحمل المبكرة، بعض النساء قد يشعرن بالقلق بشأن النزيف المفرط بعد تناول الأدوية، ما يدفعهن إلى الذهاب إلى المستشفى.
ورغم أن قوانين الحماية تحمي مقدمي الرعاية الصحية في بعض الولايات، فإن هناك أخطارًا تواجههم، بما في ذلك احتمالية التعرض للاتهامات الجنائية في بعض الولايات التي تحظر الإجهاض.
وتزايدت حدة الصراع بين الولايات المناهضة للإجهاض والولايات التي تدعمه، حيث قامت بعض الولايات مثل تكساس ولويزيانا بملاحقة الأطباء الذين يرسلون حبوب الإجهاض إلى ولايات أخرى.
في ديسمبر 2023، رفع المدعي العام لتكساس دعوى ضد طبيب من نيويورك بسبب إرسال حبوب الإجهاض إلى تكساس، على الرغم من هذا، رفضت بعض الولايات تسليم الأطباء، بما في ذلك حاكمة نيويورك، التي رفضت تسليم الطبيب المتهم.
تأثيرات بعيدة المدى
تتعمق الأسئلة القانونية حول دستورية قوانين الحماية، التي تحمي مقدمي خدمات الإجهاض في بعض الولايات، تقول ماري زيجلر، المؤرخة القانونية، إن هذه القوانين قد تواجه تحديات أمام المحكمة العليا، حيث ستعتمد القرارات على مفاهيم أساسية تتعلق بسلطة الولايات وحقوق المواطنين.
وهناك أيضًا قلق من أن هذه القوانين قد تمتد إلى مجالات أخرى، مثل حقوق المتحولين جنسياً أو قوانين المخدرات، ما يزيد من تعقيد المشهد القانوني الأمريكي في المستقبل.
وقد تكون إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لديها بعض الخيارات للحد من تأثير قوانين الحماية، على سبيل المثال، قد تقوم إدارة الغذاء والدواء بتشديد القيود على الحصول على أدوية الإجهاض، مثل حبوب الميفيبريستون، وتطلب من النساء تسلمها شخصيًا.
ويمكن أن تسعى وزارة العدل إلى تطبيق قوانين قديمة مثل قانون كومستوك الذي يحظر تداول المواد المجهضة، ومع ذلك، يبدو أن أي محاولات لتغيير هذه القوانين في الكونغرس ستواجه معارضة شديدة، ما يثير تساؤلات حول كيفية إدارة هذه القضية في المستقبل.
مستقبل الإجهاض في أمريكا
يستمر الجدل القانوني بشأن الإجهاض في تصاعد مستمر، مع تزايد الحاجة إلى تحديد آليات قانونية واضحة لمواجهة الانقسامات بين الولايات.
ورغم أن بعض الحلول البديلة، مثل الإجهاض عن بعد، توفر الأمل لنساء عدة، فإن النظام القانوني يواجه تحديات خطِرة قد تستمر في التأثير على مستقبل حقوق المرأة بالولايات المتحدة.